} غيب الموت أمس رئيس الجمهورية اللبنانية السابق شارل حلو عن 87 عاماً أمضى معظمها يتعاطى في الشأن السياسي العام وهو رابع رئيس للجمهورية بعد نيل لبنان استقلاله في العام 1943، كان سبقه الى هذا المنصب الرؤساء الراحلون بشارة الخوري وكميل شمعون وفؤاد شهاب. ونعى الفقيد رئيس الجمهورية اميل لحود وأعلن الحداد الرسمي والوطني عليه لمدة ثلاثة أيام. نعى رئيس الجمهورية اميل لحود الرئيس الأسبق شارل حلو "الذي غيّبه الموت عن عمر قضاه في خدمة لبنان في الرئاسة والوزارة والنيابة والسفارة". وقال: "يفتقد لبنان بغيابه، رجل دولة من الطراز الأول تحمل المسؤولية الأولى في ظروف دقيقة مرّ بها الوطن، فاستطاع بحكمته وبعد نظره تجنيب البلاد خضّات كان يمكن ان تترك آثاراً سلبية على الحياة الوطنية في مختلف وجوهها. وأضاف: "ويخسر العالم العربي برحيله، أحد أبرز الرؤساء العرب الذين عملوا من اجل التضامن العربي الذي تجلى في المواقف الجامعة التي اتخذها خلال مؤتمرات القمم العربية وتلك التي أعلنها باسم لبنان حيال القضايا العربية المفصلية". وتابع النعي الرئاسي: "وتفتقد الدول الصديقة للبنان، رئيساً سعى لإبراز دور لبنان كملتقى بين دول الشرق والغرب، وحضاراتها، وكانت له خصوصاً في منظمة الدول الفرنكوفونية وقفات رائدة حملته الى مواقع رئاسية فيها، فأرسى قواعد عملت من خلالها الدول الأعضاء الى تطوير حضورها وتعزيز تعاونها. ويعزّ على لبنان ان يستضيف السنة الحالية قمة الدول الفرنكوفونية والرئيس حلو غائب عن مداولاتها". وأعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية - فرع المراسم والعلاقات العامة تأجيل حفل الاستقبال السنوي الذي كان مقرراً اليوم لأعضاء السلك الديبلوماسي الى 15 كانون الثاني يناير الجاري. يوم انتخب حلو رئيساً للجمهورية في 8 آب اغسطس عام 1964خلفاً للرئيس اللواء فؤاد شهاب، وبدعم مباشر منه، بعد رفضه التجديد له لولاية ثانية، اعتقد اللبنانيون ان وصوله الى سدة الرئاسة الأولى سيشكل امتداداً للعهد الشهابي، لكنهم فوجئوا ببدء الصراع بين حلو وضباط اجهزة المكتب الثاني الذين شكلوا العمود الفقري للشهابية التي حكمت الى حد كبير من خلالهم، وإن كان الصراع لم يخرج الى العلن وبقي التداول فيه محدوداً. أخذ شارل حلو، المسالم بطبعه، الرافض للعنف وهذا ما دفعه الى البقاء بعيداً عن الحرب اللبنانية التي اندلعت في لبنان في عام 1975، يتململ من تدخل ضباط المكتب الثاني في الحياة المدنية وفي الشأن السياسي العام من بابه الواسع. وبلغ الصراع بين المعارضة وضباط المكتب الثاني أوجه، في العامين الأخيرين من ولاية حلو، في وقت تحول الوجود الفلسطيني في لبنان الى وجود مسلح اضطر بسببه وتحت ضغط الظروف الإقليمية والعربية الى التوقيع مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على اتفاقية القاهرة في عام 1969 برعاية مباشرة من الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر. وأضفت اتفاقية القاهرة التي سمحت للفلسطينيين بحرية الحركة العسكرية في منطقة العرقوب، المزيد من التناقضات الفلسطينية - اللبنانية، خصوصاً مع بدء الكفاح الفلسطيني المسلح من هذه المنطقة التي عرفت لاحقاً ب"فتح لاند". وترافق ذلك مع انقسام بين اللبنانيين لوجود فريق مؤيد للاتفاقية وآخر معارض لها، وواكبها حصول اشتباكات فلسطينية - لبنانية تسببت باستقالة حكومة الرئيس رشيد كرامي، وفي ظل هذه الاجواء ولد الحلف الثلاثي من كميل شمعون، وريمون إده، وبيار الجميل خاض الانتخابات في عام 1968 على لوائح موحدة في جبل لبنان أتاحت له اكتساح الموقف.