يبقى رئيس الولاياتالمتحدة متمتعاً بصلاحياته حتى اليوم الاخير من ولايته الدستورية، لكن ادارته تطلع الرئيس المنتخب على القرارات والخطوات التي تنوي اتخاذها خلال الفترة الانتقالية. ومن اللائق ان يتجنب الرئيس المنتخب انتقاد سياسة الادارة في الفترة الانتقالية حتى لا يكون هناك تضارب في المواقف قد يربك المسؤولين. ومع ذلك فإن الرئيس كلينتون سرّع في الفترة الاخيرة وتيرة اتخاذ قرارات كانت ستكون مختلفة الى حد ما لو كان للرئيس الجديد ان يتخذها، ما ازعج الفريق الجمهوري الذي سيتسلم مهماته في 20 الجاري. وجاء التعبير عن الانزعاج في تلميحات وتسريبات لقريبين من بوش او في تصريحات ادلى بها مسؤولون جمهوريون سابقون. وعلى رغم اعلان بوش عن تقديره للدور الذي يقوم به كلينتون للتوصل الى اتفاق بين الفلسطينيين واسرائيل قبل انتهاء ولايته، إلا ان فريق بوش يراقب بقلق سير المفاوضات خوفاً من ان يتخذ كلينتون قرارات او يعطي تعهدات تلزم الادارة المقبلة وتخالف قناعتها. وتحدثت مصادر جمهورية عن قلق فريق بوش من ان يتعهد كلينتون اعطاء مساعدات مالية ضخمة على شكل حوافز للطرفين لقبول عملية السلام يصعب على الادارة المقبلة الوفاء بها ويجعلها تظهر كأنها تعرقل تنفيذ الاتفاق. كما ان الادارة الجمهورية ستكون اقرب الى المؤسسة العسكرية على عكس الادارة الحالية التي كانت تغض النظر لأسباب سياسية عن التحفظات التي يبديها البنتاغون. وهذا سينعكس على قدرة اسرئيل على الحصول على مساعدات عسكرية اضافية واقتناء اسلحة متطورة تندرج في باب التعويض عن الانسحابات من الاراضي العربية والحفاظ على التفوق النوعي للقدرة العسكرية الاسرئيلية. وقد شهدت علاقة البنتاغون توتراً مع اسرائيل العام الماضي بسبب معارضة البنتاغون قرار اسرئيل بيع طائرت مزودة رادارات متطورة الى الصين، وفيما بعد اجبرت اسرئيل على تجميد الصفقة بضغط من الكونغرس، خصوصاً بعد تعرض مدمرة اميركية قرب الشواطيء الاسرائيلية لصواريخ اسرائيلية واعتبرتها اسرائيل عملاً غير مقصود. والاسلوب الذي تعتمده الادارة الحالية لحث الطرفين الاسرئيلي والفلسطيني على التوصل الى اتفاق لا يتوافق مع مواقف بوش وفريقه بشأن عملية السلام. فاجمهوريون يشددون على ضرورة ان يكون اي اتفاق قابلاً للتطبيق، وهو ما يعتبر انتقاداً للاتفاقات السابقة التي رعتها الادارة الحالية ولم تجد طريقها الى التنفيذ. ويقول احد القريبين من الفريق الجمهوري: "لا نريد صورة تذكارية جديدة لحفلة توقيع اتفاق لا يمكن تنفيذه". كما ان بوش انتقد مرات عدة اخضاع عملية السلام لجدول زمني يتناسب مع مواعيد الادارة الحالية، في اشارة الى رغبة كلينتون في التوصل الى اتفاق يتوّج به انجازاته خلال ثماني سنوات. وتجدر الاشارة الى ان مؤيدي اسرائيل في المعسكر الجمهوري والذين ساعدوا بوش في الانتخابات معظمهم من المؤيدين لليكود، ويرون ان اسراع الادارة الحالية بالتوصل الى اتفاق قبل نهاية ولاية كلينتون يهدف ايضاً الى تعويم باراك ومساعدته لاعادة انتخابه. ويطرح البعض السؤال عما اذا كان بوش يفضل ان يرث من ادارة كلينتون اتفاقاً يصعب تطبيقه ويؤدي الى انفجار امني في عهده، ام يفضل ان يرث الوضع القائم رغم توتره ويحمّل الادارة السابقة مسؤولية التفجير وفشل سياستها السلمية في الشرق الاوسط. اما الموضوع الوحيد الذي يتعلق بالمنطقة وابتعدت عنه الادارة الحالية في الآونة الاخيرة وقررت تسليمه بالكامل الى الادارة المقبلة فهو موضوع العراق المألوف لدى شخصيات الادارة الجمهورية. وخارج عملية السلام ذكرت مصادر جمهورية ان فريق بوش الانتقالي عبر عن انزعاجه لقيام الرئيس كلينتون بتوقيع معاهدة انشاء محكمة جنائية دولية تابعة للامم المتحدة على رغم معارضة البنتاغون ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. كما ان عدول كلينتون عن الذهاب الى كوريا الشمالية لتوقيع اتفاق بشأن الاسلحة النووية جاء نتيجة الانزعاج الجمهوري من ان الاتفاق غير ناضج بعد. ويبقى اتخاذ قرارات في الساعة الاخيرة امراً مألوفاً، خصوصاً في حال انتقال السلطة من حزب الى حزب. وتجدر الاشارة الى ان الرئيس السابق جورج بوش قرر ارسال قوات اميركية الى الصومال في الايام الاخيرة من عهده، وهو ما شكل ازمة اولى واجهتها ادارة كلينتون في بداية عهده.