اعتبرت مصادر مراقبة أن الخلاصة التي انتهى إليها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان موصياً بتأييد التجديد لقوات الطوارئ الدولية في جنوبلبنان، تؤدي عملياً الى تفهم وجهة النظر اللبنانية التي تربط الوضع على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، بعملية السلام في المنطقة والإقرار بها. وذكرت مصادر ديبلوماسية لبنانية ل"الحياة" أن "أنان على رغم إشارته الى أن قوات الطوارئ نفذت الفقرتين الأوليين من قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 425، المتعلقتين بمهمتها تأكيد الانسحاب الإسرائيلي ومساعدة الدولة اللبنانية على بسط سيادتها في المناطق الجنوبية التي انسحبت منها إسرائيل، ربط الحاجة الى استمرار وجود هذه القوات في الجنوب، بالفقرة الثالثة المتعلقة بدورها في حفظ الأمن والسلام الدوليين". وأضافت المصادر: "أن إشارة التقرير الى أن هذه القوات تسعى الى المحافظة على وقف النار الى حين التوصل الى سلام شامل، يعني أن اللوم الذي كانت توجهه جهات دولية عدة، ومنها مسؤولون في الأممالمتحدة، الى السلطات اللبنانية بعدم نشرها قوات الجيش حتى الحدود مع إسرائيل، لم يكن واقعياً، وبات مناقضاً لما جاء في تقرير أنان نفسه، ما دام لبنان كان بدوره يربط ضمان أمن الحدود بالتسوية السلمية الشاملة". وقالت المصادر الديبلوماسية نفسها إن "الحرص على الأمن والسلام إذاً، ليس مرتبطاً بقرار الدولة اللبنانية نشر الجيش، خصوصاً أن التجربة أثبتت أن القوى المعنية بالتوتر على الحدود قادرة على خفضه والسيطرة عليه، من دون ان يتم نشر الجيش، بل بقرار سياسي تتطلب ديمومته اتفاقات سلام تبدو الآن غير منظورة في ظل التعثر الذي أصيبت به المفاوضات". وتقول المصادر الديبلوماسية إن لبنان كان أبلغ الى الأممالمتحدة ان الفقرة الثالثة المتعلقة بحفظ الأمن والسلام الدوليين في جنوبلبنان توجب بقاءها في الجنوب، رداً على التلميحات، والتلويح بسحب هذه القوات من الجنوب. وفي انتظار معرفة ما سيكون القرار النهائي لمجلس الأمن الدولي بالنسبة الى اقتراح خفض عديد "القبعات الزرق" من 5800 جندي الى 4500، تمهيداً لخفضها لاحقاً الى كتيبتين تتعاونان مع مراقبي اتفاق الهدنة بين البلدين، فإن اعتقاد أنان، في نص تقريره أن "من الملائم اتباع نهج متعقل"، هو تقويم للموقف يجعل تهديد لبنان بسحب القوات إذا لم ينشر الجيش حتى الحدود، أو إذا لم يتراجع عن مطالبته باستعادة مزارع شبعا، مجرد تهويل. ودعت الأوساط المتتبعة للعلاقة بين لبنانوالأممالمتحدة، الى إيلاء الاستنتاج الذي توصل إليه أنان على الصعيد الإقليمي أهمية في تقويم التقرير، على رغم ما تضمنه من ملاحظات قد تبدو منحازة الى الجانب الإسرائيلي عبر اتهام "حزب الله" بالانتهاكات للخط الأزرق، فيما اكتفى بوصف ممارسات اسرائيل، "بردود فعل قاسية أكثر من اللازم في بعض الأحيان". ولم تستبعد هذه الأوساط ان تكون الواقعية الأميركية وراء الدعوة الى "التعقل" التي أظهرها أنان في تقريره في التعاطي مع لبنان ووجود القوات الدولية فيه... نظراً الى إدراك واشنطن لانعكاس تعثر السلام على الوضع الاقليمي عموماً، وبالتالي على لبنان، علماً ان الموقف الأميركي كان له تأثير في موقف انان في تقريره، نظراً الى الاتصالات اللبنانية مع الديبلوماسية الاميركية ودول اوروبية، وخصوصاً فرنسا التي ساعدت على بلورة هذا الموقف.