يَسْتَردُّونَ خُطى آبائهمْ في النِّصفِ مِنْ ظلِّ القَمَرْ ويَبُثُّونَ إلى أبنائِهِمْ سِرَّ الوُرَيقَاتِ التي ينْتَابُها الشَّاعِرُ في رهْزَتِهِ حينَ يُغنِّيْ لِلْقَدَرْ يَصطفُونَ الليلَ والخمرَ وأقمارَ النِّساءْ ويسيروُنَ من الظِّلِّ الى الظِّلِّ حُفاةً بينَ آلاف الوُريقاتِ التي يعتصرُ القلبُ وبينَ الحُزنِ إذْ يَنفُثهُ الماءُ ورَمْلُ الوادِ والأشجارُ يرويهِ المُحبُّون وأطفالٌ على أعيُنِهم تضطربُ الرِّيحُ يسيرونَ منَ الظِّلِّ الى الظِّلِّ يخطُّون بلاداً في بقايا جسد تُحرقُهُ النارُ ويَذْروهُ السلاطينُ على هاماتهم في الظل من خارطة الأبيض مليون مدينة وعلى أيقونتي بغدادُ والقدسُ تراتيلُ حزينةْ وأنا... والصَّحْبُ في خيمة رؤيانا نُصلِّي للتي تبزُغُ من كلِّ الجهات بين ظلَّينِ يمدُّونَ ليَ الأوجاعَ جسراً يُفرِغُونَ الليلَ في جيبي يَسيرون منَ الظِّلِّ الى الظِّلِّ هناك النجم مصلوبٌ هنا أعيُنُهم خلفَ الجدار ليس للأعيُن في خيمتنا غيرُ نثارْ من أماسيَّ رهنَّا العُمرَ في أرجائها للحلم الشاهقِ بينَ الماءِ والنارِ ارتموا في كسرة الخبزِ يَقصُّون على أطفالهم ما سرقته أُمَّهاتُ الجُندِ من جيبِ أبيهم وأبوهم كان في معبده ينحتُ أجساداً ويصطاخُ إذا نام الى الأشباح يغتالُ جراح اليوم في أوجُه من ينحتُهم حين يسيرون من الظل الى الظل ويبكي للبشر جمُدت في عينه الدمعةُ واصطفَّت حواليه التماثيلُ تنزُّ الدَّم من أعيُنها لمَّا رأت خالِقها اغتالَ سكونَهْ وجعٌ في مُستهلِّ البوحِ عن كِسرة خُُبز وقميصٍ شاسع الغيرة راغَ الأبُ بالإزميلِ عن أعيُنهم كانوا يسيرون من الظل الى الظل وكانت ضحكات للصغار تتعالى خلف جدرانٍ سميكةْ والأبُ الهائجُ في الزاوية القُصوى من المعبدِ مسكونٌ بأطيافِ كِثارْ راح يذوي كمدا خلف الأريكة باكيا آباءه في رحلة العين من الظل الى الظل يخرُّ الليل في محجره لم يُكسَرِ الرُّعبُ من الأوراق إذ تهمي عليه مسَّت الأوراق أرجاء الجسد كوكبٌ يمتدُّ ما بين عُيُوني حرقَت ناري واديه ففرَّ الطَّيرُ من ظلِّي الى ظلِّ البلد ليس لي في الورق الأصفَرِ أن أبتاع آباء يُغذُّون المسير نال منهم وعثُ الدّربِ فناموا يستعيدون المغازي في بلاد كُلَّما أعشَبت الأعيُنُ راح الغُرباء يتسلَّوْنَ بأهداب بنيها في ثيابِ الأقرباء لم يكادُوا يُبصرُون الضوء حتى انبعثُوا في جنَباتِ الجسد المُرهَق شلاَّلا من الوردِ ونافورة عطرْ أيها الصَّحبُ... أتى الليلُ فقوموا نتسلَّى بالمدينة نُشعلُ الأجساد في غيماتنا بين فجرين أرقنا ماءنا الأسمى وأسدلنا على الرَّغبةِ في منعطف الرُّؤيا ستار نحنُ سُمَّارُ الذي أنبتنا نحنُ البهيُّون، ولكن... لم نُزِح عن وجهنا هذا الغُبَارْ أيُّها الصَّحبُ... أتى الليلُ وبوُغِتنا بريح باردة كُلَّما عاقَرَتِ الأعيُن كأسٌ هجم الخوف علينا وتشبّثنا بأغصان رؤانا الشاردة عاقرٌ هذا الأب السّاهرُ في ليل المدينة غارقٌ في الإثم يغتال شُجونه يتوارى في كُهُوف اللون عن أعيننا لُذْنا به صِحنا... اقترعنا... أيُّنا يعرفُهُ؟ أيُّنا يُخرجهُ مِنْ وكْرِهِ الشَّاهق يفتضُّ سِنينَه؟ عاقِرٌ هذا الأبُ السَّاهرُ في ليل المدينة يتسلّى بالذي ينفُثُهُ في الورق الأصفر بين الظل والظل يمرُّ اليد من بغداد حتى مغرب الشمس يُماري في الذي أبصرهُ أبناؤه يوم انكسر بين بوحين عن القيد وعن معصمه يابسُ العِرْقِ يجُفُّ الدَّمُ في أطرافِهِ حتى غدا من بعد عيْنِ كالأثر أيُّها الصَّحْبُ... أتى الليلُ أبوكُم بين مخلوقاته يلتهمُ الخبز وحيدا أينَ ما كنتم تُغنُّون لَهُ؟ أين الدَّواوينُ؟ وأكداسُ البطولات؟ وصهباءُ الشجر؟ أيُّها الصَّحبُ... أبوكُم بين جفنَين ظلالٌ يرقُصُ الرُّعبُ حواليها ونارٌ موقدة نصطلي بالنار في جوف ليالينا فيسري خَدَرٌ في الأفئدةْ كُلَّما أطفأ دمعٌ نارنا أوقدَها جُرحُ أبينا ها هو الرَّاقدُ في أوجُهنا ينتابُهُ موسمُنا الدَّامي ولوْثَاتُ التماثيلِ التي ينحتُها تحتَ المطرْ راغَ مدحُورا الى أبنائه الأشقَيْنَ يهوي بالأزاميل على أوجُهنا فتمدَّدنا على الأرض التي ما بين ماءين يمدُّ الله ظِلَّ الأنبياء فوقها والأبيضُ القاتمُ في أوراقها يسترُ سوءات البصر. 11 شباط /فبراير - 2000 * شاعر بحريني.