لم يستطع جوزيف استرادا محاكاة ادواره السينمائية في الحياة الواقعية. فبعدما تعهد على مدى شهور بإثبات براءته من تهم الفساد أذعن للنهاية الحتمية أمس. وأقسمت نائبته غلوريا أرويو اليمين الدستورية خلفاً له وسيواجه محاكمة بتهمة الفساد وعقوبتها الاعدام. وكان استرادا انتخب بغالبية كبيرة نظراً الى انه ممثل محبوب مثل أدوار البطل المدافع عن الفقراء الذين اطاحوه من الحكم متعاونين مع الجيش والكنيسة. مانيلا - رويترز - قدم استرادا استقالته من منصبه أمس بعد اعلان قرار المحكمة العليا خلو منصب الرئيس لتحل محله نائبته غلوريا أرويو. وجاء استرادا 63 عاما بطل افلام الحركة السابق الى السلطة قبل عامين وثمانية شهور بعدما حصل على غالبية في الإنتخابات. وكانت فترة حكم استرادا عاصفة ترددت خلالها روايات عن حفلات سكر وعلاقات نسائية ومقامرة وفساد ومحاباة للاقارب. غير انه بدا غير مبال، وقال في اكثر من مناسبة بعد تفجر فضيحة ربطته بنوادي القمار "مثلما يحدث في الافلام يتعرض البطل للضرب في البداية ولكنه يفوز في النهاية. لن استقيل ابداً". الا ان استرادا اصابه الوهن وغادر وعائلته قصر مالاكانانغ للرئاسة في زورق ملوحاً لمئات من الصحافيين والمصورين. وقال مبتسماً انه ترك منصبه لمنع مزيد من الاضطرابات بعد ان تجمع مئات الآلاف في العاصمة مطالبين بإطاحته. وتابع: "لا أريد ان أكون عنصرا يحول دون اعادة الوحدة والنظام لمجتمعنا المدني". وتعرض استرادا الذي كان مثار جدل منذ اصبح الرئيس الثالث عشر للبلاد في 30 حزيران يونيو 1998 لاسوأ أزمة في فترة رئاسته في تشرين الاول اكتوبر عندما قال حليف سابق انه سلمه أكثر من 400 مليون بيزو ثمانية ملايين دولار رشوة من نوادي قمار غير قانونية. وافاد لويس سينغسون حاكم احد الاقاليم ان استرادا حول ثلاثة ملايين دولار من أموال الضرائب الى حسابه. ووافق مجلس النواب المكون من 218 عضوا على مساءلة استرادا في 13 تشرين الثاني نوفمبر وحول القضية الى مجلس الشيوخ لمحاكمته. واصر استرادا الذي استمد شعبيته من فقراء البلاد على براءته وقال: "ان الاتهامات لفقتها الصفوة التي لم تقبل به رئيساً لأنها تقمع الفقراء المظلومين وهي المقولة التي رددها خلال حملته الانتخابية وسنوات توليه الحكم". ولد استرادا لأسرة غنية في مانيلا في 19 نيسان ابريل 1937 غير انه ترك الدراسة في سن المراهقة وطرد من منزل أسرته. وحقق النجومية في السينما في الرابعة والعشرين من عمره عندما لعب دور هارب من القانون يحارب من اجل المقهورين. بدأ استرادا العمل السياسي في 1969 حين انتخب رئيسا لبلدية سان خوان في مانيلا واحتفظ بالمنصب لمدة 17 عاما وانتخب عضواً في مجلس الشيوخ عام 1987 وفي 1992 أصبح نائباً للرئيس. غير ان فترة رئاسة استرادا كانت حافلة بالمشاكل منذ البداية، فقد استاءت الكنيسة الكاثوليكية القوية من انتخاب رجل اشتهر بالمقامرة وحفلات السكر وإنجاب ابناء غير شرعيين. وقال مساعدون انه يشرب طوال الليل ويتأخر عن الاجتماعات في الصباح غير انه بذل محاولات لاصلاح سلوكه في الفترة الاخيرة. وابدى استرادا في السابق ثقته بأنه سيكمل فترة رئاسته، وقال: "أعلم أنني لست قديسا ولم أقل ابداً انني كذلك. مثل كل البشر ارتكبت أخطاء ولكن اثارة قضية حياتي الشخصية وربطها بقدرتي على الحكم ظلم بائن". وأمس اعلن انه لن يقلد الديكتاتور السابق فرديناند ماركوس الذي هرب الى منفى في هاواي بعدما اطيح في ثورة شعبية عام 1986. الى ذلك، أعلن ناطق باسم الرئيسة ارويو امس ان الرئيس السابق سيلاحق بتهمة "النهب الاقتصادي" وهي جريمة يعاقب عليها القانون بالاعدام. وأوضح اليكس ماغنو الناطق باسم الفريق الانتقالي للرئيسة: هناك اتهامات بالنهب في حق" استرادا امام محكمة خاصة بمكافحة الفساد. وقال: "نهنئ الرئيس السابق على قراره البقاء في البلاد والرد على الاتهامات الموجهة اليه، ونأمل ان يأخذ القضاء مجراه في شفافية وصدقية خلال الاسابيع والأشهر المقبلة".