مجموعة دله الصحية تسجل قفزة في الأرباح بنسبة 31% لتبلغ 471 مليون ريال خلال عام 2024    اتفاقية تعاون بين شركة حرف السعودية وشركة شكرا لخدمات الأعمال لدعم الحرفيين    السياحة تعلن عن تجاوز عدد الغرف المرخصة في مكة 268 ألفًا بنسبة نمو 64%    صندوق الاستثمارات العامة يطلق شركة "الواحة"    حساب المواطن: 3 مليارات ريال لمستفيدي دفعة شهر مارس    سوريا تعلن انتهاء العملية العسكرية في الساحل بعد تحقيق أهدافها الأمنية    الجمارك تحبط تهريب أكثر من 1.3 مليون حبة "كبتاجون" مُخبأة في إرسالية أجهزة تكييف    المسلم في عين العاصفة    سعود بن نايف يرعى منتدى الجبيل للاستثمار 2025 لتسليط الضوء على دور المنطقة الشرقية في تحقيق رؤية المملكة 2030    اتفاقية تعاون بين تجمع الرياض الصحي الثالث ومستشفى الملك فيصل التخصصي    2.600 كرتون تمر أرسلتها المملكة لأهالي مديرية سيئون بحضرموت    200 سلة غذائية لاغاثة أهالي بلدة صحنايا بريف دمشق    اللواء الفرج يتفقد خطط الدفاع المدني في العاصمة المقدسة لشهر رمضان 1446ه    في إياب دور ال 16 لدوري أبطال آسيا للنخبة.. النصر يتطلع للتأهل من بوابة الاستقلال    في ختام الجولة 25 من " يلو".. النجمة والعدالة في صراع شرس على الوصافة    يوم العلم السعودي.. رمز الفخر والهوية الوطنية    في ترتيب الأكاديمية الوطنية للمخترعين الأمريكية.. الجامعات السعودية تتصدر قائمة أفضل 100 جامعة في العالم    وفد إسرائيل في الدوحة.. وويتكوف يصل غدًا.. «هدنة غزة».. جولة مفاوضات جديدة وتعقيدات مستمرة    مواقف ذوي الإعاقة    اليمن.. إتلاف ألغام حوثية في مأرب    خلال حفلها السنوي بالمدينة.. «آل رفيق الثقافية» تكرم عدداً من الشخصيات    300 مليون دولار.. طلاق محتمل بين جورج كلوني وزوجته اللبنانية    تجديد مسجد «فيضة أثقب» على الطراز المعماري التراثي    تجاوز ال"45″ عاماً.. الإفطار الجماعي يجدد ذكريات «حارة البخارية»    مخيم عائلة شبيرق بأملج لإفطار الصائمين    تلاعبوا بعواطف جماهير الأندية وأغراهم التفاعل الكبير.. مفسرو أحلام" بميول رياضية" يبحثون عن" الشو الإعلامي" فقط    أنهى ارتباطه بها.. فقتلته واختفت    ولي العهد يتلقى رسالة من رئيس إريتريا    اغتراب الأساتذة في فضاء المعرفة    الغذامي والبازعي والمسلم.. ثلاثتهم أثروا المشهد بالسلبية والشخصنة    مدير الأمن العام يرأس اجتماع اللجنة الأمنية بالحج    خيام الندم    سلمان بن سلطان يدشن مشروعات بحثية توثق تاريخ المدينة    الشيخوخة إرث الماضي وحكمة الحاضر لبناء المستقبل    تمبكتي يعود أمام باختاكور    فتيات الكشافة السعودية روح وثّابة في خدمة المعتمرين في رمضان    الكشافة في المسجد النبوي أيادٍ بيضاء في خدمة الزوار    بلدية محافظة الشماسية تعالج تجمعات المياه بعد الحالة الجوية الماطرة    الاتحاد يجهز ميتاي للرياض    سعود يعود بعد غياب لتشكيلة روما    الأمير سعود بن نهار يستقبل قائد منطقة الطائف العسكرية    فيجا يربك حسابات الأهلي    السالم يبتعد بصدارة المحليين    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل "التوعية بالعنف الأُسري"    أبها للولادة والأطفال يُفعّل حملة "التطعيم ضد شلل الأطفال" و "البسمة دواء"    مستشفى خميس مشيط العام يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    نعتز بالمرأة القائدة المرأة التي تصنع الفرق    سلام دائم    "تكفى لا تعطيني" تحاصر عصابات التسول    شبكة مالية حوثية للهروب من العقوبات    ‏ "أمّ القُرى" تحصد شهادة الآيزو الدَّوليَّة في مجال أمن المعلومات ومجال الأمن السيبراني    أعمال «مرور الرياض» أمام محمد بن عبدالرحمن    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد فيضة أثقب بحائل    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لجمعية الأمير محمد بن ناصر للإسكان التنموي    يوم العلم السعودي.. اعتزاز بالهوية وترسيخ للقيم    المرأة السعودية.. شريك أساسي في بناء المستقبل بفضل رؤية القيادة الرشيدة    الجامعة العربية تدين تصاعد العنف في الساحل السوري    التعاون الإسلامي ترفض تهجير الفلسطينيين وتدين سياسة التجويع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دورة صحافية في الولايات المتحدة شاركت فيها "الحياة". الصحيفة الاميركية مؤسسة تبغي الربح ... والقارئ يرسم سياستها
نشر في الحياة يوم 19 - 01 - 2001

لم يتوانَ ناشر جريدة "ذي ديترويت فري برس" في ميشيغان هيث ج. ماري ويزر عن التعبير عن سعادته، حين قال مسؤول قسم الاخراج فيها، عشية الانتخابات الاميركية: "ان الإدارة أحضرت عشاء لجميع الصحافيين والموظفين المستنفرين للعمل هذه الليلة". ولم يخفِ، بالتالي، بهجته بالطعام اسوة بجميع الموظفين الذين ضحكوا لانفراج اساريره وأمضى الليل معهم من دون تكلف، علماً ان لا وظيفة صحافية له يؤديها. فحال الاستنفار الاستثنائية هذه استدعت من العاملين في الصحيفة اجتماعاً في قاعة التحرير الكبيرة حيث وقف كل العاملين في الجريدة بمن فيهم الناشر صاحب العينين الزرقاوين الذي اتكأ الى الحائط مكتوف اليدين اللتين لم يفردهما الا ليصفق للعشاء... وبعدها راح مسؤول الاخراج يتحدث عن مشروعي اخراج مفترضين لمرشحي الرئاسة الأميركية آل غور وجورج بوش. لكن اللغط الذي حصل في الفرز "بسبب تقارب عدد اصوات المرشحين"، وعدم فوز أحدهما في تلك الليلة، حدا بقسم الاخراج الى اعداد مشروع ثالث. ولاحقاً ارسلت الجريدة صحافيين ومصوراً الى ولاية فلوريدا لتغطية إعادة عد الاصوات التي أفضت بعد احالة القضية على القضاء الى فوز بوش رئيساً للولايات المتحدة.
وأول فارق ينطبع في ذهن صحافي يزور الولايات المتحدة، حين يطلع على حال المؤسسات الصحافية فيها ولا سيما المطبوعة منها، الهدف التجاري لهذه المؤسسات. فهي تبغي الربح، وهمها تقديم المعلومات والمواضيع بحسب ما يطلبه القراء ونزولاً عند رغباتهم لا عند تصريحات المسؤولين وأحوالهم.
فإرضاء القارئ واسعاده ب"المعلومات" يكاد يكون الهم الوحيد لدى القيمين على المؤسسات الاعلامية والعاملين فيها، ومنها ادارة تحرير صحيفة "ديترويت ذا فري برس" التي انتدبت اليها "الحياة" شهراً في اطار دورة للاطلاع على طريقة عمل وسائل الاعلام الاميركية، نظمها "المركز الدولي للصحافيين" في واشنطن. وهذا ما أكده الناشر الذي لم يجد حديثاً مع صحافيين لبنانيين يحظى باهتمامهم سوى عن الجالية اللبنانية 350 ألفاً منها في ديتروت التي له اصدقاء كثر من ابنائها وايضاً عدد كبير من قراء جريدته. ويقول الناشر انه اضطر الى الاهتمام بأخبار الجالية اللبنانية والأخذ بملاحظاتها بعدما تمنع اصحاب محطات الوقود معظمهم لبنانيون عن بيعها حين وجدوا انحيازاً في تغطية الحرب الاسرائيلية على لبنان في عام 1996 حين ارتكبت مجزرة قانا. وهذا الموقف اثر في الجريدة وناشرها الذي استضاف عدداً من ابناء الجالية في مكتبه معتذراً وواعداً بعدم تكرار ما حصل.
ولا يجول في بال الصحافي بعد هذه المدة الا اجراء مقارنات بين حال صحف بلاده والصحيفة التي انتدب اليها وحضر اجتماعات تحريرها والتقى ناشرها ومديري التحرير فيها. لكن المقارنة هنا لا تصح اذ ان كلا الجريدتين مختلف، وكذلك كلا البلدين... والقراء "الذين لا يمضون أكثر من 15 دقيقة في القراءة، وهم يبادرون بقراءة أخبارالرياضة أولاً فالأسهم ثم المحليات، ولا يهتم أكثر من 5 في المئة منهم بالأمور الخارجية"، بحسب مسؤول تحرير صحيفة "البوابة" الالكترونية صحيفة عربية على الانترنت في واشنطن منير ناصر.
وحال القارئ هذه تدفع صحافيي الجريدة الى العناية بصحيفتهم وأخبارهم حفاظاً على القراء الذين "يؤمن شراؤهم أعداد الجريدة 20 في المئة من دخلها الذي يفوق العشرين مليون دولار سنوياً في حين توفر الاعلانات 80 في المئة من الدخل" بحسب أحد مسؤوليها جو غريم.
ونسبة الدخل من الاعلانات وهي لا تكاد صفحة من صفحات الجريدة التي تتجاوز الثمانين تخلو منها، لا تأتي من فراغ بل من ادراك المعلنين ان لدى الجريدة 450 ألف قارئ في مدينة ديترويت لا يتجاوز عدد سكانها المليون. وتحافظ الجريدة على القراء من خلال استمالتهم للأخذ بأفكارهم وملاحظاتهم في سبل عدة: وجود رقم هاتف الصحافي وعنوانه الالكتروني مع توقيعه الموضوع، ووجود وظيفة يتولاها صحافي قديم يسمى "امبودسمان" أو المحرر العام وهي لتلقي اتصالات القراء الذين يكونون غاضبين معظم الأحيان ولتأكيد حرص الجريدة على عدم الوقوع في الخطأ، ودعوة دائمة منشورة في الجريدة للاتصال به وتلقي المقترحات. وتستدعي الجريدة أكثر من عشرة قراء من خلال اعلانات تنشر في الصحيفة، مرة في الشهر للاجتماع معهم والاستماع الى آرائهم وملاحظاتهم وأفكارهم، إضافة الى استطلاع آراء مئات القراء من خلال أسئلة كثيرة تطرحها عليهم شركة احصاءات مرة كل ستة أشهر، بهدف متابعة ما يريدون قراءته من مواضيع لا بحسب ما يفترضه الصحافيون "مفيداً ومقروءاً".
وعلى رغم ذلك فالمحررون والصحافيون لا ينفكون يجتمعون صباحاً كل في قسمه ويناقشون المواضيع المرتقبة ويتداولون الأفكار ويشورون بعضهم على بعض ويتشاورون في الموضوع المزمع كتابته وجوانبه، والزاوية التي يكتب منها، حتى لو كان في صفحة الرأي وهي صفحة يومية لمواكبة الاحداث والتعليق عليها، ويوزعون المواضيع المقترحة بعضهم على بعض، وهذا "ما يجعل العمل داخل المؤسسة أكثر ليونة ومردوداً ويغنيه، على عكس حالنا في لبنان"، على ما علق الزميل داود ابراهيم الذي شارك في الدورة.
وبعد الاجتماعات الفرعية هذه ينتدب واحد من كل قسم الى اجتماع التحرير العام الذي يتكرر في اليوم ثلاثاً، ويشارك فيه اضافة الى مسؤولي أقسام المحليات والاقتصاد والرياضة والرأي، مندوبون عن قسم الاخراج والتصوير وال"امبودسمان" وأحياناً الناشر، وتترأسه مديرة تحرير توزع الادوار على المتكلمين وتأذن لهم وتسجل ملاحظاتهم ومقترحاتهم. والأول يعقد في العاشرة ويخصص لقراءة نقدية للعدد الصادر صباحاً، فتعلق أجزاؤه على الحائط وتناقش عناوينَ وموادَّ وإخراجاً. والعدد الصادر صباحاً يأتي في نسختين تختلف فيهما الصفحة الأولى اذ تخصص صفحة أولى ثانية لمقاطعة أوكلاند من ضواحي ديترويت. فالمواد المهمة الآتية من مقاطعة أوكلاند تتصدر الصفحة الأولى المخصصة لهذه المقاطعة، وكذلك الأولى المخصصة لمدينة ديترويت حيث مبنى الجريدة الرئيسي. والعاملون في أوكلاند يشاركون في اجتماعات التحرير العامة ألكترونياً ويسألون عن مقترحاتهم ومواضيعهم لليوم التالي حين ينتقل الحديث إلى المواضيع المرتقبة، فيتوالى على الكلام مندوبو الاقسام، كل بدوره، عما سيتابعونه في يومهم. وفي الثانية والنصف يعقد اجتماع آخر يبحث في ما ثبت من مواضيع للمتابعة وما طرأ من جديد الاخبار والاحداث، وفي الرابعة والنصف يعقد اجتماع أخير تثبت فيه المواد التي ستنشر في اليوم التالي.
وفي ال"فري برس" اسوة بباقي الجرائد، اقسام عدة منها: المحليات والتحقيقات الاستقصائية والاقتصاد والرأي والدوليات، اضافة الى قسم الرياضة، وهو أكبرها، وكذلك قسم التصوير الذي يتألف من 15 مصوراً وخمسة محررين وظيفتهم كتابة كلام الصور والتنسيق مع بقية الاقسام. والملاحظ في الجريدة أن لا قسم تنضيد صف على الكومبيوتر، ولا توجد على طاولات المحررين أقلام وأوراق. فكل صحافي منضد يستخدم جهاز الكومبيوتر الذي يمكنه من الاطلاع على كل ما يدور في الجريدة وما يكتبه زملاؤه، إضافة الى جداول العمل وبرامجه. وكذلك يطلع المصححون على كل شيء، وهم الذين يتولون تصحيح الأخطاء المطبعية واللغوية لكنهم يمتازون عن سواهم بأنهم يضعون العناوين وأحياناً يعيدون تحرير الموضوع، وهذا من عمل المحرر في الصحف العربية.
فال"فري برس" يعمل في تحريرها 300 صحافي تتفاوت أعمار غالبيتهم بين الثلاثين والخمسين، وهم من اعراق مختلفة، وفيها كثير من "الأميركيين - الأفريقيين" بحسب ما يقولون في وصف اصحاب البشرة السوداء في كتاباتهم وتعابيرهم ولا يقولون هذا "أسود" لان في ذلك "تمييزاً عنصرياً"، ولا يقولون هذا "عبد" ففي ذلك "اهانة". واحتل كثر من الاميركيين - الافريقيين مراكز مهمة في الجريدة. وما يجمع هؤلاء الناس في مؤسسة واحدة ايمانهم أو اعتقادهم ان مهمة الصحافي "نقل الاخبار من دون التدخل في صنعها"، لذلك هم يسعون الى ايجاد الاخبار ونقلها واستقائها من مصادرها ولا يصغون اليها من أجهزة الراديو والتلفزيون ووكالات الاخبار. فهذه الوسائل لا يستخدمونها الا للحصول على اخبار ولايات أخرى لا مندوبين للصحيفة فيها. اما في مدينتها فإيجاد الخبر ومتابعته هما من مسؤولية الصحافي الذي عليه ان يكتب ثلاثة مواضيع في الاسبوع. ولا تنشر في الصحيفة مادة غير موقعة، لأن كل المواضيع تقوم على مجهود شخصي وبحث واتصالات.
وأحياناً يوقع الموضوع بأسماء عدد من الصحافيين، اذ يستدعي حدثٌ يُعد في بلادنا صغيراً او بسيطاً، عدداً من الصحافيين لتغطيته. واستدعت، على سبيل المثال، تغطية حدث انتحار مغترب لبناني بعدما قتل عائلته خمسة صحافيين: تولى صحافي تغطية الحدث في مكان المغترب المنتحر، وتولى آخر سؤال جيرانه، وثالث بقي لدى الشرطة، ورابع قصد أفراداً من الجالية اللبنانية، وخامس محرر بقي في المكتب يجري اتصالات ويتلقى معلومات المندوبين. وهو تولى كتابة النص الذي وقّع بأسماء الخمسة، ونشر في الصفحة الأولى مع صورة لنسيبة المغترب باكية. ولم تتجاوز مساحة نشر القصة الذي استدعت كل هذا العمل، في الصحيفة أكثر من ألفي كلمة.
أما القسم الذي تعول عليه "فري برس" أهمية كبيرة - وكذلك معظم الصحف الأميركية - فهو قسم التحقيقات الاستقصائية. وهو نوع من الصحافة جديد يقوم على كتابة التحقيقات في مدد قد تستمر ستة أشهر أو أكثر، بهدف كشف حقيقة معينة وكتابتها في شكل متاسك ومفصل ومحقق. ولا يقوم باجراء التحقيق الاستقصائي صحافي واحد، بل فريق يعمل على البحث عن حقائق الموضوع، متابعاً كل ما يحيط به من بحث ومقابلات ومشاهدات. ولا ترى ادارة الصحيفة ضيراً في استضافة الصحافي من "نيويورك تايمز" شارلي لودوف في غرفة اجتماعاتها ليتحدث ساعتين عن تجربته في كتابة موضوع استقصائي اضطر خلاله ان يتخفى والادعاء انه عامل ويعمل في مسلخ للخنازير في جزيرة "فارمنغ فيل" ستة أشهر، في مقابل دولارين في الساعة كبقية العمال، ليكشف وجود مجتمع آخر في أميركا.
ولودوف 34 عاماً شاب طويل اطلق شعره حتى منتصف ظهره وربطه، ووضع في اذنيه أقراطاً، راح يتحدث في الاجتماع الذي عقد في ساعتي الغداء بين الثانية عشرة والثانية بعد الظهر بلهجة عامية "سوقية" على ما وصفها بعض الحاضرين، ويؤدي حركات واحياناً يغني مثلما كان يغني في المسلخ، حيث أظهر تمييزاً عنصرياً تمثل بتركيبة المشرفين عليه والعمال فيه، واكتشف من خلال تحقيقه ان "البيض مسؤولون، والسود يقتلون الخنازير، والهنود في المستودعات، والاسبانيون يقطعون اللحم. وان معظم العمال مسجونون سابقون ويلقون معاملة سيئة". وتناول في تحقيقه قصصاً شخصية للعمال "المستغلين" وأحوالهم وأوضاعهم، اضافة الى طريقة التعاطي مع الخنازير واقسام المسلخ.
واذ صنف لودوف واحداً من أفضل 15 كاتب تحقيق ونال جائزة على عمله وكُتب عنه في صحف مشيرة الى موضوع آخر كتبه قبل سنوات عن "أعمى في مدينة نيويورك" بعدما عاش مطمشاً عينيه اسبوعاً مع اثنين أعميين، لم يكن وقع عمله جيداً على كل الوسط الاعلامي، اذ اعتبر بعضه انه خرق اخلاقيات المهنة بتنكره وعدم افصاحه صراحة عن مهنته، بل دخل المسلخ عاملاً، وعاش مع العمال واستمع الى قصصهم الشخصية ونشرها لاحقاً باعتباره واحداً منهم.
فالإعلام في أميركا صناعة تتطور مع تطور البلد ونظامه السياسي والسوق، وهو محمي من الحكومة وحريته مكفولة في الدستور. اذ نصت المادة الأولى المعدلة في القرن السابع عشر على عدم جواز تشريع أي قانون يحد من حرية الكلام والصحافة. والصحافة الأميركية لا يحدها شيء لأنها غير عقائدية بل تلبي حاجات الجمهور وتحافظ على مبدأين: انفصال تام عن الحكومات واعتماد على القراء في التمويل. وهي تُعدّ نفسها مؤتمنة على المصلحة العامة ولا تنظمها قوانين، ولا يحتاج اصدار صحيفة الى ترخيص. ويبلغ عدد الصحف في اميركا 1700 يومية و12 ألفاً أسبوعية، ونسبة الملكية الخاصة فيها 99 في المئة، في حين تملك الهيئات العامة 1 في المئة فقط. أما وسائل الاعلام المرئية فإن 80 في المئة منها ملكيات خاصة وال20 في المئة الباقية تملكها هيئات عامة مملولكة من الكونغرس الأميركي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.