} الخرطوم - رويترز - وسط ضجيج مطابع قديمة جلس صحافيون سودانيون أمام أجهزة كومبيوتر لالتقاط اخر الانباء الاجنبية على انترنت. وعلى رغم التخلف التكنولوجي في بعض مناطق السودان يتنامى الاقبال على انترنت والهاتف المحمول وأطباق الاقمار الاصطناعية، مما يجعل حكومة السودان عاجزة عن منع المثقفين من فتح نوافذ جديدة على العالم الخارجي. وعلى رغم تقلب مواقف الحكومة من القضايا المختلفة وانقطاع الكهرباء وشح الماء، مما يجعل الحياة صعبة في الخرطوم، فان الصحف تختبر مدى حرية الصحافة التي نص عليها الدستور. وقال محجوب عروة صاحب صحيفة "الرأي العام" اليومية المستقلة: "لا أعتقد باننا نتجه الى مزيد من حرية الصحافة. وحتى في أسوأ الاوقات كان لدينا حرية صحافة أكثر من دول أخرى". واحدث مولود على الساحة الصحافية في السودان جريدة "الخرطوم مونيتور" اليومية الناطقة بالانكليزية التي أصدرتها في تشرين الاول اكتوبر الماضي مجموعة من الصحافيين الجنوبيين لتلبية حاجات جنوبيين لا يتحدثون العربية وأجانب. وأوقفت الصحيفة لفترة قصيرة في الشهر الماضي لنشرها انتقادات حادة لسياسة حكومة الخرطوم في الجنوب. وبعد عودتها خففت من لهجتها. قال ألبينو أوكني رئيس تحرير الصحيفة: "كل الموضوعات تحال الى الرقيب ونحن نمارس رقابة ذاتية مسبقاً". ومن المتوقع صدور صحيفة أخرى بالانكليزية "ذي نايل كوريير" في الشهر الجاري، وتأمل ان تنتهج مساراً مستقلاً. وقال جوزيف مودستو مديرها العام: "نريد اختبار الديموقراطية وحرية الصحافة. لكننا لا نعتزم اتباع أسلوب المواجهة. نحن وطنيون نساند الوحدة والديموقراطية والتعددية وحقوق الانسان وتحرير الاقتصاد". ومودستو العضو الشيوعي السابق في البرلمان جنوبي مسيحي. وأربعة من شركائه حملة الاسهم شماليون مسلمون، واثنان من قبيلة البجة في شرق البلاد. وقال مسؤول اعلامي ان في السودان حالياً نحو 12 صحيفة سياسية وعدداً من الاصدارات الاجتماعية والرياضية والترفيهية. كما حصلت هيئة الاذاعة البريطانية بي. بي. سي وراديو "مونتي كارلو" على ترخيص باعادة بث برامج في السودان على موجة "اف. ام". وتحاول هيئة اذاعة الشرق الاوسط "ام.بي.سي" التلفزيونية و"دويتش فيلي" الالمانية الحصول على تراخيص مماثلة. وحتى "وكالة أنباء السودان" الرسمية قالت انها تريد استغلال جو الحرية. وقالت نعمت البلالي المدير العام للوكالة في اشارة الى تغطية تصريحات صادق المهدي زعيم حزب الامة المعارض: "اننا نغطي سياسة الحكومة. ولكننا أيضا نعطي مساحة لاحزاب سياسية أخرى". لكن على المسرح السياسي السوداني لا يوجد اتجاه ثابت نحو مزيد من الحرية. وتنفرد الحكومة باتخاذ اجراءات صارمة ضد من تعتقد انهم خصومها. ففي الشهر الماضي اعتقل سبعة من قادة "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض في الداخل لانهم اجتمعوا مع ديبلوماسي أميركي وسيحاكمون بتهمة القيام بنشاطات هدامة. وطلبت الحكومة من الديبلوماسيين عدم مقابلة سياسيين معارضين من دون موافقة وزارة الخارجية، ثم عدلت موقفها بأن هذا ينطبق فقط على الاجتماع بجماعات مسلحة. وأعلن الرئيس عمر البشير في وقت سابق هذا الشهر تمديد العمل بقانون الطوارىء 12 شهراً أخرى على الرغم من فوز حزبه في انتخابات عامة قاطعتها أحزاب المعارضة. كما تتعرض صحف ومنها "الرأي الاخر" و"الوفاق" وهي جريدة اسلامية لمشاكل مع الرقابة. وأعرب الدكتور حسن الترابي زعيم الجناح المنشق عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم عن شككه في قيام حرية للصحافة. وبات الترابي داعية عالي الصوت للحريات والديموقراطية منذ أن اختلف مع البشير الذي قام بتهميشه. وقال الترابي: "تتركز الثروات والسلطات ووسائل الاعلام في يد الحكومة. وزعماء المعارضة مثل المهدي والرئيس السابف جعفر النميري موجودون هنا. ولكن يأتي ذكرهم في الصحف فقط عندما يقولون شيئاً ترضى عنه الحكومة". وقال عروة ان صراع القوى بين البشير والترابي ومفاتحات الحكومة مع أحزاب المعارضة في الشمال والرغبة في تحسين صورة السودان في الخارج ساعد على تشجيع حرية الصحافة.