جاؤوا مساء يوم الأحد، 14 كانون الثاني يناير الحالي، بالمئات، وغصت بهم قاعات نادي الخريجين في منطقة العدلية في العاصمة المنامة. قدر عددهم بأكثر من ألفين، وهو أكبر تجمع سياسي تشهده البحرين منذ زمن. اجتمعوا بموافقة الحكومة وحضور عدد من الوزراء ومحافظ العاصمة ومستشاري الأمير الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وذلك لمناقشة "ميثاق العمل الوطني وتطلعات المستقبل". ويمكن القول إن المداخلات والتعليقات والقضايا التي اثيرت علناً من دون رقابة في هذه الندوة كانت صريحة وواضحة وتمت في جو ديموقراطي صحيح، فلم يتعرض أحد لمضايقة أو ضغط أو توقيف، سواء من الحضور أو من الذين تطرقوا إلى قضايا كانت إلى وقت قريب جداً من الممنوعات في القاموس السياسي البحريني. أحد المتحدثين في الندوة، السيد جاسم فخرو، رئيس نادي العروبة، طالب، مثلما طالب آخرون تسنى لهم الكلام والتعليق على ما أثاره المنتدون، أمير البلاد بمعالجة بعض القضايا الملحة وحلها لأنها، كما قالوا، ستخلق المناخ المناسب للاستفتاء على مشروع الميثاق، وهي: 1- اطلاق المسجونين على ذمة الأحداث، وإصدار عفو عام من أجل طي صفحة من صفحات الماضي. 2- وقف العمل بقانون أمن الدولة الذي ما زال معمولاً به منذ حل المجلس الوطني. 3- حل مشكلة المبعدين عن البحرين وتوفير المناخ الملائم لعودتهم. 4- رفع الإقامة الجبرية عن الشيخ عبدالأمير الجمري. 5- إعادة توظيف الذين فصلوا من وظائفهم بسبب آرائهم السياسية. وأجمع المتحدثون في الندوة على أن المقارنة بين مشروع ميثاق العمل الوطني والدستور مقارنة غير صحيحة، لأن الدستور وثيقة قانونية، وهو مصدر التشريع في الدولة، في حين أن الميثاق وثيقة سياسية وعهد بين الحاكم والمحكوم، وهو تأكيد لما جاء به الدستور وتحديث وتفعيل له. وقال المنتدون إن ما جاء في الميثاق عن الملكية الدستورية ونظام المجلسين، إنما هو توجه ومسار ايجابي لمستقبل البحرين نحو الممارسة الديموقراطية، مطالبين بمزيد من الاصلاحات التي من شأنها أن تدعم المبادئ التي جاء بها مشروع الميثاق. تحدث في المنتدى ستة، هم السيد فؤاد شهاب عضو مجلس الشورى واللجنة الوطنية العليا للميثاق، والسيد جاسم فخرو رئيس نادي العروبة، والمحامي الدكتور عباس هلال، والسيد جاسم مراد، والصحافي عضو المجلس التأسيسي السيد علي عبدالله سيّار، والسيد مجيد العلوي، وهو أحد المبعدين الذي عاد إلى البلاد قبل فترة وجيزة، حيث كان يقيم في لندن ويرأس مركزاً للأبحاث. وقال العلوي إن البحرين منذ تعليق المجلس الوطني السابق وهي "تمر بتعثر في العمل السياسي الوطني وأزمة ثقة أدخلتها في نفق مظلم أحياناً أو نفق ضبابي أحياناً أخرى". وأشار إلى أنه "لا يوجد أي بديل للتقدم غير الميثاق الذي بين أيدينا وينهض على نظام الحكم بالدستور، ولذلك فإننا مطالبون بأن يسعى طرفا العقد الاجتماعي بمقتضى هذا الميثاق وبخطوات عملية، إلى زيادة الثقة المتبادلة في مواقع كثيرة". وناشد العلوي الجميع "الارتفاع بمستوى الحوار الوطني على صعيد الجهات والأفراد، معبرين عن تقدمية هذا المجتمع، انطلاقاً من مصلحة البلاد، وليس من مصلحة ضيقة حزبية أو فئوية". وقال: "إن عدم حصول مثل هذه الثقة وعدم نجاح الميثاق خسارة للبحرين وبخاصة للذين يطالبون بعودة البرلمان"، مؤكداً "أن الميثاق بداية ويمكن تطويره". وتمسك بعض المتحدثين من الجمهور بالدستور مطالبين بتفعيله وإعادة المجلس الوطني متسائلين: "كيف يمكن أن نؤسس لدولة القانون، وأبو القوانين أي الدستور ينتهك؟". وطلب عدد من الذين أبدوا ملاحظات على ما قدمه المنتدون، بعض الايضاحات خصوصاً في ما يتعلق بآلية إقرار الميثاق ووجوب توضيحها دستورياً، مؤكدين ان لا بد لمشروع الميثاق أن يوضح حقيقة العلاقة بين المجلسين كي يكون جلياً للمواطن موضوع الاستفتاء. الندوة الأولى عن مشروع ميثاق العمل الوطني الذي يتوقع، كما أشارت إحدى الصحف المحلية، أن يجرى الاستفتاء عليه في شباط فبراير المقبل، كانت بمثابة مناقشة علنية للمشروع، ولا بد أن تؤثر في خيارات المواطنين في الموافقة أو عدم الموافقة عليه.