أنهى رئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي أمس زيارة لتونس وانتقل الى الجزائر المحطة الثانية من جولته المغاربية التي تشمل أيضاً المغرب. وهذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها رئيس للمفوضية الأوروبية للمنطقة. وقال برودي، بعد اجتماعات عقدها مع كبار المسؤولين في تونس التي وصل اليها أول من أمس ان محادثاته تطرقت الى مسيرة التعاون الاقتصادي وملفات سياسية متعلقة بأوضاع الجمعيات ومناخ الحريات في البلد. إلا أنه نفى في شدة أن يكون الاتحاد "يسعى للتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى". آفاق جديدة وأفاد أن جولته المغاربية لا تقتصر على تقويم علاقات الشراكة على الصعيد الثنائي وانما تنطلق من الآفاق الجديدة المتاحة أمام بلدان ضفتي المتوسط لإرساء شراكة سياسية واقتصادية في المستقبل. وأكد ان هذه الرؤية تستند الى "قناعة أعضاء الاتحاد وليست سياسة شخصية لرئيس المفوضية"، في اشارة الى الدور الذي لعبه برودي في بلورة مشروع برشلونة عندما كان رئيساً للوزراء في ايطاليا أواسط التسعينات. وأوضح ان "كلفة تأخير الوحدة المغاربية باهظة جداً بالنسبة الى كل بلد" وحض البلدان الأعضاء في الاتحاد المغاربي الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا على "الاستفادة من الفرصة التاريخية التي يمنحها توحيد العملة الأوروبية لبلدان الضفة الجنوبية للمتوسط". وقال رداً على سؤال ل"الحياة" ان الاتحاد سيركز على تطوير الشراكة مع البلدان المتوسطية خلال العام الجاري "مع إيلاء أهمية كبيرة لمسائل التوسع وقبول أعضاء جدد في البيت الأوروبي". وأضاف انه اقترح على المسؤولين في تونس وسيقترح على المسؤولين الذين سيلتقيهم في الجزائر والمغرب "درس الوسائل الكفيلة باعطاء دفعة للتعاون الاقليمي لأن الاطار الثنائي لم يعد كافياً لبناء علاقات متطورة في المستقبل". وتوقع أن تتبلور قرارات وخيارات محددة في هذا السياق لدى تسلم اسبانيا رئاسة الاتحاد العام المقبل بعد السويد وبلجيكا. واعتبر ان المتوسط يتدرج نحو التحول الى ثاني أو ثالث المراكز الكبرى في العالم "مما يستوجب انشاء تعاون اقتصادي شامل بين البلدان المطلة على ضفافه". وحذر من كون المنطقة المتوسطية "تجسد أملاً عريضاً للتعاون والتفاهم بين الشعوب، لكنها تنطوي في الوقت نفسه على مخاطر كبيرة بحكم موقعها في مركز التماس بين حضارتين الاسلام والمسيحية، مما يستدعي حواراً متعدد الأطراف لإرساء التعاون والاستقرار بين البلدان المشاطئة للمتوسط". ووصف الصيغة المنوي اعتمادها بين بلدان الضفتين بكونها "زواجاً حديثاً يتساوى في ظله الطرفان". ورداً على سؤال ل"الحياة" عن موقع ليبيا في الشراكة الاقليمية مع أوروبا، قال ان الاتحاد الأوروبي يولي اهتماماً كبيراً للتعاون مع الليبيين كون بلدهم ينتمي الى المتوسط. وأشار الى أنه قام شخصياً باتصالات مع كبار المسؤولين الليبيين لتسهيل ادماج ليبيا في مسار برشلونة. ورأى في التصريحات التي أدلى بها الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي أخيراً لمجلة "فوكس" الألمانية "اشارة الى استعداد ليبيا للتعاون مع الاتحاد الأوروبي في اطار المشروع المتوسطي". وتوقع أن يكون "المتوسط في المستقبل جسراً للتعاون بين الشعوب التي تعيش على ضفافه ومن ضمنها الليبيون".