} بدأ حلف شمال الأطلسي أمس، اجتماعاته للبحث في مخاطر استخدام قذائف اليورانيوم المستنفد في القنابل الأميركية التي القيت في البلقان خلال حربي البوسنة وكوسوفو، والأضرار الانسانية والبيئية الناجمة عن ذلك، وبلغت المخاوف في هذا الشأن حد المطالبة بفحص الثلوث في مياه البحر الادرياتيكي. يواصل سفراء دول الحلف الأطلسي اجتماعاتهم اليوم الأربعاء في مقر الحلف في العاصمة البلجيكية بروكسيل، لمتابعة المشكلات الناجمة عن اليورانيوم المستنفد الذي استخدم على نطاق واسع في حروب البلقان، ومدى الضرورة لتحريمه، أسوة بأنواعه الأخرى. ويتوقع ان يكشف الحلف عن خرائط المواقع التي ألقيت فيها قنابل اليورانيوم، بعدما طلبت ايطاليا ذلك وايدها العديد من دول الحلف، تمهيداً لاجتماع طارئ تعقده الهيئة الطبية للحلف الاثنين المقبل، لتدارس الاخطار التي لحقت بتلك المواقع، اضافة الى المحادثات التي يجريها الحلف مع الدول الأوروبية خلال الأسبوع الحالي، في اجتماعات منفصلة. وطالب المستشار الألماني غيرهارد شرويدر بالكشف عن الحقيقة كاملة وتوضيح الأماكن التي استخدمت فيها هذه الذخيرة، وذلك لأن حوالى 50 ألف جندي ألماني عملوا في قوات حفظ السلام في البلقان. ومن جانبه، أفاد وزير الدفاع الألماني رودولف شاربينغ، ان الحلف الأطلسي كان حذر الدول الأعضاء فيه منذ 18 شهراً وتحديداً في تموز يوليو 1999، من حظر تسمم محتمل من الأسلحة التي استخدمت في حروب البلقان. وأوصاها باتخاذ تدابير وقائية بالنسبة الى جنودها في المنطقة. وجاء ذلك في وقت نفت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت أية علاقة لمخلفات اليورانيوم المستنفد بالأمراض الفتاكة التي يدور الحديث حولها. وقالت: "نحن لدينا قوات في البلقان، وان الأمر كان سيقلقنا لو توافرت أدلة على المخاطر". ومعلوم ان للولايات المتحدة خمسة آلاف جندي ينتشرون بصورة دائمة في القطاع الأميركي شرق كوسوفو، اضافة الى ثلاثة آلاف آخرين في شمال شرقي البوسنة وحوالى ألف جندي في البانيا ومقدونيا، لكن غالبية هؤلاء الجنود هم، إمّا من سكانها السود، أو من الألبان المهاجرين الى أميركا. ومن جانبه، طالب وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف، بتشكيل فريق دولي محايد من الاختصاصيين لتحديد مستوى الحظر الفعلي لقذائف اليورانيوم المستنفد في البلقان. وذكرت صحيفة "دنيفنيك" الصادرة في العاصمة المقدونية سكوبيا، ان لديها معلومات مؤكدة عن وفاة ما لا يقل عن 21 جندياً أوروبياً من الذين خدموا في البلقان، اضافة الى أكثر من 20 آخرين يرقدون في المستشفيات لاصابتهم بسرطان الدم. ونقلت عن مصادر وزارة الدفاع البلجيكية ان بين جنودها ال12 ألفاً الذين عملوا في البلقان، يعاني حوالى 1600 مشكلات صحية، في حين توفي 4 من الذين خدموا في كوسوفو. وأفاد الناطق باسم الجيش اليوغوسلافي الجنرال ميلان زاريتش أمس، ان 51 ألف قذيفة تحتوي على اليورانيوم، القيت على يوغوسلافيا "وليس 31 ألفاً كما ذكرت المصادر الأميركية". وأوضح ان 14 ألفاً من هذه القذائف ألقيت في منطقة، ليتش غرب كوسوفو التي هي حالياً القطاع العسكري الإيطالي "وهو السبب في كثرة الاصابات في صفوف الجنود الايطاليين". وأكد ان التلوث كبير في اقليم كوسوفو، لأن هذه القنابل استهدفت 107 مواقع فيه. أكثرها تأثراً في مناطقه الجنوبية والغربية بريزرين، جاكوفيتسا، ديتشاني، بيتش، كلينا، اضافة الى مواقع اخرى في اوروشيفاتش وغلوغوفاتس واوراخوفاتس وسط وغنيلاني شرق وبودييفو شمال. وأضاف الناطق باسم الجيش اليوغوسلافي، ان جنوب صربيا ومواقع اخرى، بينها أربعة حول بلغراد والمنطقة الساحلية للجبل الأسود، "تعرضت لقصف مكثف بقذائف اليورانيوم". وتساءل الجنرال زاريتش عن سبب عدم منع هذا النوع من الأسلحة، خصوصاً وأن الخبراء يقولون "ان تأثيره يبقى في التربة مدة تزيد عن اربعة بلايين سنة، اضافة الى الاصابات الآنية التي يحدثها واضراره الوراثية التي يمكن ان تظهر على مدى 30 جيلاً". والى ذلك، أفاد مدير معهد ابحاث السرطان في صربيا الدكتور ميودراغ جورجيفيتش ان "150 ألف شخص في صربيا معرضون لخطر الاصابة بالسرطان نتيجة اليورانيوم خلال السنوات العشرين المقبلة على الأقل".