يبدو للكثيرين في بريطانيا وأماكن أخرى من العالم أن القادمين من الشرق الأوسط هم جميعا من كبار الأغنياء. في الحقيقة هناك عدد كبير من الأثرياء في أوساط الجالية الشرق أوسطية، لكن هناك أيضاً، كما هو الحال في كل المجتمعات، درجات متفاوتة من الثراء بدءاً بمن لا يملك شرو نقير وانتهاء بمن يبدو وكأنه يملك كل شيء وبينهما من هو من المنعمين أو متوسطي الغنى. ومعلوم ان لندن مركز مالي مهم، تحتل هذا الموقع منذ عشرات الاعوام، لكن المصارف البريطانية أدركت للتو أن بمقدورها جني المال من متوسطي الغنى كما من كبار الأثرياء. وفي المقال التالي يستعرض ديفيد فيرمان، وهو محام يعمل في لندن، تطور سوق جديدة للمصارف البريطانية قوامها جمهور واسع من المنعمين. الاعمال المصرفية نشاط ذو صبغة عالمية وعدد كبير من المصارف العاملة في السوق البريطانية يتبع مجموعات مصرفية دولية. وتجني المصارف أرباحاً محترمة وتحرص على تميزها، حرص التاجر على تميز بضاعته وخدماته، سعياً منها لاجتذاب أكثر الزبائن والعملاء إدراراً للارباح. ومع تطور التكنولوجيا وانتشار الخدمات المصرفية الآلية ليس بالضرورة لأنها تحسن الخدمات المصرفية، بل لأن الزبون لايملك خياراً آخر حدثت فجوة في السوق حيث أن عملاء المصارف المنعمين لا يجدون غضاضة في دفع رسوم إضافية مقابل الحصول على خدمة شخصية توائم طروفهم وتستجيب لحاجاتهم. وأسوة بشركة الطيران البريطانية "بريتيش ارويز" التي رأت في التركيز على اجتذاب زبائن درجة الأعمال والدرجة الممتازة وسيلة لزيادة أرباحها، اكتشفت المصارف البريطانية أن هناك جمهوراً واسعاً من الزبائن المستعدين لدفع مبلغ إضافي من أجل الحصول على هذه الخدمة الشخصية والتمتع بميزة التحدث إلى انسان بدل الكومبيوترات وأجهزة البريد الصوتي. ويأمل هؤلاء الزبائن بأن تساهم النفقات الإضافية في تحسين أداء محافظهم الاستثمارية. وتتوافر الخدمات المصرفية الشخصية والاستشارات المالية الخاصة منذ زمن لكبار الأثرياء الذين جرى العرف في بريطانيا أن يمتلك الواحد منهم أملاكاً سائلة لاتقل قيمتها عن مليون جنيه استرليني. ويتحمس المصرفيون والمحامون والمحاسبون والاستشاريون الماليون ومؤسسات الخدمات المهنية الأخرى لخدمة هذه الفئة من الأثرياء، التي لم يكن هناك في أي وقت من الأوقات نقص في المستشارين المستعدين لنصحها وإرشادها في ما تفعله بثرواتها. ولم يتوافر لكبار الأغنياء الحصول على الاستشارات المالية المتخصصة لتوظيف أموالهم بطريقة تحقق لهم أفضل العوائد وحسب، بل توافر لهم أيضا الحصول على أفضل النصائح في شأن تنظيم ملكية محافظهم الاستثمارية بطريقة صحيحة وإجراء الترتيبات الائتمانية والضريبية المناسبة، ما أتاح لهم تنمية أصولهم بسرعة أكبر مما كان متاحاً للفئات الأخرى من المجتمع. وكانت الطبقة الاجتماعية في وقت من الأوقات مؤشراً الى الوضع المالي للفرد. ولكل قاعدة شواذها، لكن أحداً لا ينكر أن العقود الخمسة الماضية، وربما بسبب التغيير الذي أحدثته الحربان العالميتان في المفاهيم الاجتماعية وكذلك الدور المتعاظم الأهمية الذي لعبته المرأة في النشاط الاقتصادي، جعلت من الصعب على المصارف التمسك بفرضيتها أن الثري التقليدي هو الوحيد الذي يملك المال. وفي ظل الثاتشرية والريغانية تغيرت المفاهيم الاجتماعية في العالم أجمع وأصبح البحث عن الثراء المادي منهاجاً مثالياً للكثيرين. وقدمت أفلام مثل "وول ستريت" الباحثين عن الثروة، لاسيما الناجحين، منهم على انهم أبطالٌ. ويعتقد الكثير من الناس أن الثراء الذي كان في الماضي مجرد حلم وضرباً من ضروب الخيال، أصبح اليوم في متناول يده. ومن الملاحظ الآن ان اسرافات الثمانينات والتسعينات التي اعتبرت الحصول على الثروة بأي ثمن أمراً مقبولاً إجتماعياً، انتهى عهدها الآن. ومع تزايد ثروات أعداد أكبر من الناس أدركت المصارف أن هناك سوقاً تجاهلتها في الماضي. وكان من السهل دوماً على كبار الأثرياء إيجاد المصارف والمحامين والمحاسبين المستعدين لتقديم المشورة لهم الا انه كان من الصعب دائماً على جمهور المنعمين من متوسطي الغنى إيجاد المستشارين الأكفاء المستعدين لارشادهم في شؤونهم المالية. ووجدت المصارف البريطانية سوقاً جديدة تأمل بأن تجتذب إلى بواباتها جمهور المنعمين. وكانت نقطة البداية بالنسبة الى عدد كبير من المقالات والتعليقات المعنية بهذا التطور خدمة "انسكيب" التي طرحها المصرف البريطاني "أبي ناشيونال" الشهر الماضي، ووجهها للأفراد الذين يرغبون في استثمار مبلغ مقداره 50 ألف جنيه أو أكثر. وتحمل "انسكيب" طابع الخدمة الشخصية وإن كانت لا ترقى إلى المستوى الذي يتوقعه من يملك محفظة استثمارية قيمتها بضعة ملايين من الجنيهات. وقد صممت كل الخدمات الشخصية الموجهة الى متوسطي الغنى بحيث تعطي المرء إحساساً بأن لديه مديره الاستثماري الشخصي، لكن تم في الوقت نفسه دمجها لتحقيق ربح مادي باستخدام الميزات التي توفرها التكنولوجيا الحديثة. ويتاح للمستثمر الوصول إلى خدمة "انسكيب" عن طريق الانترنت أو الهاتف. وتم حتى الآن افتتاح ستة مكاتب، ويتوقع افتتاح المزيد منها العام المقبل. وتتم ادارة الأموال فعلياً بواسطة المحافظ الاستثمارية، ويتلخص الجانب الاستشاري من الخدمة ببساطة في اختيار المحفظة أو مجموعة المحافظ الاستثمارية المناسبة للمستثمر. ومقابل الاستشارة تستوفي الخدمة من المستثمر رسماً سنوياً يعادل واحداً في المئة من الأموال المستثمرة، علاوة على رسوم استثمار سنوية تشمل 100 جنيه إضافة إلى مبلغ يعادل واحداً في المئة من المبلغ المستثمر. وتنخفض هذه النسبة إلى 0.75 في المئة عند استثمار مبلغ يزيد على 250 ألف جنيه وإلى 0.50 في المئة في حال تجاوز المبلغ المستثمر مليون جنيه. وتعتبر هذه الرسوم مرتفعة ولا يزال من المبكر معرفة ما إذا كان الزبائن سيشعرون أن ما يحصلون عليه مقابل الرسوم التي يدفعونها هي خدمة شخصية حقاً. ومن الواضح أن نجاح خدمة "انسكيب" سيكون رهناً بنجاح مديري المال في إدارة المحافظ الاستثمارية على تنوعها. كما انه لا بد في ضوء التقلبات التي تشهدها أسواق المال في الوقت الراهن أن يكون هؤلاء المديرون ضليعين بالتعامل مع إحباطات زبائنهم. ويتقبل كبار الأغنياء حقيقة أن الأسواق معرضة للهبوط كما هي قابلة للصعود، ويملكون القدرة على توظيف أموالهم في استثمارات طويلة الأمد، في حين يحتمل أن يختار متوسطو الغنى آجالا أقصر قليلاً، وبما أن ثرواتهم أقل ضخامة فإن مخاوفهم ستتركز على احتمالات هبوط محافظهم الاستثمارية. ويتحمس مديري المال للحديث عن المؤشرات وتجاوز مؤشر السوق أو مضاهاته. لكن متوسطي الغنى سيهتمون بالعوائد أكثر من مجرد توقع أن ينجح مديري محافظهم في "التغلب على مؤشر السوق أو مضاهاته". وطرحت مصارف أخرى خدمات مماثلة، وبينها مؤسسة "ناشيونال ويستمنستر ناتويست للخدمات المصرفية الخاصة" التي أطلقت في تشرين الأول أكتوبر الماضي وخاطبت المستثمر الذي يملك أصولاً سائلة تراوح قيمتها بين 75 و500 ألف جنيه. وكنظيرتها "إنسكيب" فان مهمة هذه الخدمة تتركز على إرشاد المستثمر إلى المحافظ الاستثمارية المناسبة له. من جهته أطلق مصرف "باركليز" خدمة "بريمير بانكينغ سيرفيس" عام 1994 فيما تخطط مؤسسة "ميريل لينش" ومصرف "إتش إس بي سي" لطرح خدمة مشابهة تخاطب مستثمري المبالغ التي تناهز 100 ألف دولار أميركي. ويقدم مصرف "لويدز بنك" خدمة مماثلة لمن يرغب في استثمار مبلغ يزيد على 100 ألف جنيه، وطرحها للمرة الاولى عام 1992 مايشير إلى أن بعض المصارف يعمل منذ اعوام عدة بصمت لتطوير سوق استثمارية لمتوسطي الغنى. والواقع أن هذه الخدمة التي يتغلب شكلها على مضمونها تطورت وأصبحت نشاطاً مربحاً يتمنى كل مصرفي توفيره لعملائه. لكن المصارف ليست الوحيدة التي تركز اهتمامها على جمهور المنعمين، حيث ان المحامين والمحاسبين يتعاملون مع هذا الجمهور منذ قرن ونيف. ويمتاز المحامون والمحاسبون على المصارف بحقيقة أنهم ما زالوا يميلون إلى إقامة علاقات شخصية مع زبائنهم، فيما ترى غالبية الناس أن المصارف البريطانية لم تعد تقدم خدمات شخصية منذ سنين. وما الصعوبة التي تواجهها المصارف في تقديم خدمات شخصية بكلفة معقولة إلا دليل على الصعوبة الموازية التي يواجهها المرء في التحدث إلى انسان عندما يحاول الاتصال بأحد المصارف. وتستخدم غالبية المصارف أنظمة البريد الصوتي التي يجدها الكثيرون محبطة إلى حد بعيد. لكن الأمر مختلف تماماً في حال مؤسسات مصرفية خاصة عريقة مثل "كوتس" مصرفيو الملكة، حيث ما زال بمقدور المرء هنا التحدث إلى انسان عبر الهاتف. وفي الغالب يلم المحامون والمحاسبون بشؤون زبائنهم أكثر مما هو الحال بالنسبة الى المصارف وعملائها. وغالباً ما يشاركون في الصفقات التي تنتج المال المراد استثماره. ولذلك فان المصارف تسعى الى التقرب من مؤسسات المحاماة والمحاسبة أملاً بأن تقدم لها عملاء أثرياء جدداً. لكن ليس كل المحامين والمحاسبين متحمسين لتقديم زبائنهم الى المصارف. ويذكر ان مؤسسة "ثيسيس آسيت مانجمنت" احدى المؤسسات التي تقيم علاقات وثيقة مع المحامين، وهي مؤسسة تتخذ من بريطانيا مقراً لها ومملوكة بالكامل لمؤسسة محاماة بريطانية. وتأسست "ثيسيس" قبل ربع قرن عندما كان من النادر ان يهتم المحامي بالشؤون الاستثمارية لزبائنه. لكنها تستقبل اليوم إحالات من عدد كبير من مؤسسات المحاماة التي تريد أن يحصل زبائنها على خدمات استثمارية شخصية. وليست "ثيسيس" مؤسسة تصل خدماتها الى السوق الاوسع بل انها تسعى الى مخاطبة جمهور متوسط الغنى. ويقول المدير العام ل"ثيسيس" أنطوني واندز ان الشركة "تقيم مع عملائها وفق النمط التقليدي لعلاقة المحامي بزبونه، وهي علاقة وثيقة وأكثر متانة من العلاقة التي تقيمها المصارف مع عملائها. واشار الى ان غالبية المصارف فقدت القدرة على تقديم الخدمات الشخصية عندما اندمجت في ما بينها وأصبحت أحجامها ضخمة، ما جعل من شبه المستحيل عليها إقامة علاقات وثيقة مع عملائها. ويضيف واندز ان المصارف تستخدم مديرين مكلفين العلاقات الشخصية، لكنه من المحبط أن يتغير مدير العلاقات كل ستة أشهر بسبب نقله من فرع إلى آخر، لافتاً الى ان العملاء ذوي الخبرة باتوا يشككون الآن في ما إذا كانت تعليمات المقر الرئيسي أكثر أهمية من مسألة تقديم خدمة شخصية ممتازة. واوضح ان تقاليد المحاماة تقوم على بناء علاقات أطول مدى وتستمر في الكثير من الحالات مدى الحياة. واشار واندز الى انه كما هو الحال عند المصارف، "يستثمر عملاؤنا أموالهم في المحافظ الاستثمارية، لكننا نقوم بترتيب المحافظ الاستثمارية، ونديرها لصالح الأثرياء الذين يرغبون في الحصول على خدمة شخصية والاحساس بالراحة لمعرفتهم بأنهم يتعاملون مع مؤسسة مستقلة ليست معنية بانتاج الاستشارات المركزية. ونفصل استشاراتنا وفقاً لحاجة عملائنا، ولدينا قدرة التركيز على مجمل أوضاعهم المالية وحاجات أسرهم بفضل تعاوننا الوثيق مع محاميهم". وتعتبر مؤسسة "ثيسيس" احدى مؤسسات إدارة المال القليلة التي انطلقت من قطاع المحاماة. وقد أصبح الخط الفاصل اليوم بين المهن الناشطة تقليدياً بتقديم خدمات الاستشارات المالية للشركات والأفراد أقل وضوحاً. وتزايد اشتغال المحاسبين بالعمل الاستشاري في مجالات تتعدى النطاق التقليدي لتدقيق الحسابات والضرائب حيث اكتشفوا أن زبائنهم يريدون منهم الاهتمام بمجمل شؤونهم المالية ومن ضمنها أداء محافظهم الاستثمارية. ويقول مايك بيتي الشريك ورئيس مجلس إدارة مؤسسة "سافري شامبنيس للمحاسبين": "يعود تأسيس مؤسستنا إلى عام 1855، وشهدنا في الاعوام القليلة الماضية حدوث تغيير كبير في النسيج الاجتماعي لمجتمعنا البريطاني. لدينا الكثير من العملاء الذين ورثوا أموالاً طائلة، لكن قاعدة زبائننا تضم عدداً كبيراً من الأشخاص الذين صنعوا ثرواتهم بإنشاء مشاريع تجارية وتطويرها ثم بيعها وهم يشكلون سوقاً تتزايد أهميتها باستمرار. ويضيف: "ان عملاءنا يتطلعون الينا لنصحهم في كل ما يتعلق بشؤون الضرائب والمحاسبة وتدقيق الحسابات والتخطيط المالي وتخطيط الأعمال كي نحمي وننمي ثرواتهم من أجلهم ومن أجل ورثتهم... ونقيم تعاوناً وثيقاً مع المستشارين المتخصصين لعملائنا ونراقب المحافظ الاستثمارية ونقدم لزبائننا المشورة حول أدائها". وحتى متوسطو الغنى يبدو أن بإمكانهم الطلب إلى محاسبيهم التأكد من أداء مصارفهم الاستثمارية ووكلائهم من وسطاء الأسهم. الشرق الأوسط يبدو للكثيرين في بريطانيا وأماكن أخرى من العالم أن القادمين من الشرق الأوسط هم جميعاً من كبار الأغنياء. في الحقيقة هناك عدد كبير من الأثرياء في أوساط الجالية الشرق أوسطية. لكن هناك أيضاً، كما هو الحال في كل المجتمعات، درجات متفاوته من الثراء. ويستطيع المصارف والمحامون والمحاسبون تقديم خدماتهم الاستشارية الى جمهور المنعمين الذين تمكنهم ثرواتهم من ممارسة عملية الاستثمار لكنها لا تتيح لهم الحصول على خدمات شخصية. من السهل القول ان نوعية الخدمة ترتبط بمدى استعداد المرء لدفع الرسوم. لكن استعراض الأسعار المطروحة في السوق يظهر أن الأمر ليس كذلك، حيث لا بد للمرء من الوصول إلى قرار في شأن ما إذا كانت الطمأنينة التي تتيحها أسماء مشهورة مثل "ميريل لينش" أو "إتش إس بي سي" أو "لويدز" هي أكثر أهمية من الخدمة الشخصية التي يمكن أن تقدمها مؤسسة أصغر حجماً. ولا بد للمرء أيضاً من التفكير بالتبعات الضريبية لعملية الاستثمار. وإذا أراد أحد أبناء الشرق الأوسط المقيمين في بريطانيا توظيف مبلغ 500 ألف جنيه لدى أحد المصارف البريطانية، فحري به ضمان ترتيب استثماره بطريقة لا تجعله عرضة لدفع ضريبة الإرث في حال الوفاة. كما لا بد أيضاً من أخذ ضريبتي أرباح رأس المال والدخل في الاعتبار. وعلاوة على تزايد أعداد متوسطي الغنى الباحثين عن مؤهلين يرشدونهم في شأن إدارة محافظهم الاستثمارية، أدى تغير مصدر الثراء إلى تغير مواز في أولويات الاستثمار. ونشرت مؤسسة "أرثر أندرسون" أخيراً استطلاعاً شمل نحو 250 مستثمراً وعدداً مماثلاً من مؤسسات إدارة المال. وأظهر الاستطلاع أن الثري التقليدي العريق الثراء تتركز أولوياته في الحفاظ على ثروته وان نهجه الاستثماري يقوم على مبدأ صيانة رأس المال. أما بالنسبة الى المرء الذي صنع ثروته حديثاً وربما عن طريق تلقي علاوة ضخمة أو بيع شركة أو خيارات الأسهم فإن أولوياته تتركز في تنمية ثروته، وغالباً ما يكون أكثر استعداداً لتقبل المخاطر. وفي النتيجة يواجه مديرو الاستثمار تحدياً صعباً إذ لا بد لهم من السير على صراط دقيق بين صيانة رأس المال وتقبل المخاطر التي لا بد منها لصنع الثروة. هناك عدد قليل من المصارف الخاصة المستقلة في لندن وأحدها "ليوبولد جوزيف" الذي أعلن أخيراً تحقيق زيادة نسبتها 17 في المئة في أرباحه للنصف الأول قبل احتساب الضريبة. وعزا المصرف هذه الزيادة إلى "قوة الطلب على الخدمات المصرفية الخاصة العالية الجودة وتناميه بشكل مستمر"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن عدد المصارف الخاصة المستقلة في تناقص. وقد أصبح مصرف "فليمنغز" الآن تابعاً لمجموعة "تشيز منهاتن" وحتى "كازينوف"، الذي يعتبر مثالاً لوسطاء الأسهم المستقلين المتمسكين بتقاليدهم المحافظة في بريطانيا، تحول من شراكة إلى شركة عامة، مقدماً دليلاً على أن عهد المستشار المالي المستقل شارف على نهايته. كما أن العولمة وتوقع المستشارين الماليين الحصول على المعلومات والخدمات على نطاق عالمي علاوة على الأجور التي يتوقع العاملون في هذه المؤسسات الحصول عليها تزيد من صعوبة بقاء صغار المستشارين المستقلين في السوق. وكمحام لا بد لي من القول ان العلاقة الوثيقة التي يقيمها المحامي مع عميله ويستغرق بناؤها أعواماً عدة، هي المفتاح للخدمة الشخصية الجيدة. وتبذل المصارف جهوداً في هذا المجال، ويبدو أنها أدركت أخيراً أن متوسطي الغنى لا يقلون استعداداً عن كبار الأثرياء في دفع كلفة الخدمة الشخصية الجيدة التي يريدونها وفي رغبتهم التحدث على الهاتف إلى انسان وليس آلة. * ديفيد فريمان محام لدى مؤسسة "داونز سوليسيترز" في لندن ومستشار قانوني في الأمور المالية والأعمال والضرائب والهجرة. يمكن الاتصال به على العنوان والارقام التالية: Hamilton House, 1 Temple Avenue, London EC4Y 0HA هاتف: 0207-936-2818 فاكس: 0207-936-281 بريد الكتروني: [email protected].