بعد ليلة من الحوار المتواصل مع ممثلين عن الفيديرالية النقابة الوطنية لسائقي شاحنات النقل الذين يشلون منذ مطلع الأسبوع حركة النقل في فرنسا احتجاجاً على ارتفاع اسعار المحروقات، أفاقت الحكومة الفرنسية أمس، على أزمة اكثر اتساعاً وعلى تحذير من المفوضية الأوروبية يحملها المسؤولية عن عرقلة حركة الشاحنات الأوروبية التي تعبر الأراضي الفرنسية. وكان رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان أكد أنه ليس في وارد تقديم اي تنازل اضافي في إطار الاقتراحات التي قدمها الى سائقي الشاحنات وتقضي بخفوضات ضريبية بقيمة بليون فرنك فرنسي، على أسعار المحروقات. لكن جوسبان طلب من وزير النقل جان كلود غيسو، الإبقاء على الحوار مفتوحاً مع فيديرالية السائقين، لتوضيح هذه القرارات. وبعد ليلة كاملة من المناقشات خرج رئيس الفيديرالية رينيه بينيه ليعلن أن "الأزمة انتهت" بالنسبة الى النقابة التي يترأسها، داعياً السائقين الى رفع الحواجز عن الطرقات في مختلف أنحاء فرنسا ورفع حصارهم عن مستودعات الوقود. لكن المحتجين في المناطق المختلفة، أعربوا تباعاً عن رفضهم التجاوب مع هذا الموقف، مؤكدين عزمهم على الاستمرار في تحركهم، باعتبار أن الحكومة لم تقدم إلا على تنازل جزئي لمصلحتهم وأن باستطاعتها أن تقدم أكثر. وبموازاة تحرك سائقي الشاحنات، عمل مزارعون فرنسيون بدورهم على قطع الطرقات بواسطة آلياتهم الزراعية، باعتبارهم أيضاً متضررين من ارتفاع اسعار المحروقات، وأنهم غير معنيين بالخفوضات التي أقرت لسائقي الشاحنات. وترافق ذلك مع اتساع نطاق احتجاجات سائقي سيارات الأجرة في باريس، حيث قدرت نسبة المشاركين في عمليات قطع الشوارع أمس، بين 80 و90 بالمئة منهم. وبدأت هذه الاحتجاجات المختلفة تؤثر بشكل ملحوظ في حركة الطيران الداخلي في فرنسا نظراً للنقص في مادة "الكيروزين". وازدادت الأمور تعقيداً في وجه جوسبان الذي اختار الصمود في وجه المحتجين، إذ حذرت المفوضية الأوروبية. من العقبات التي يواجهها سائقو الشاحنات الأوروبيون لدى اجتيازهم أراضي فرنسا ودعت الى العمل على "تغليب الحق الأوروبي على الحق المحلي" واتخاذ الإجراءات الملائمة لتسوية الوضع. وأوحى ذلك بأن المفوضية تطالب جوسبان بالاستعانة بالجيش لفتح الطرقات مثلما فعل رئيس الوزراء الراحل بيار بيريغوفوا عام 1992