شاركت السعودية منذ اسابيع في الأسبوع الدولي لتعليم الكبار الذي يقام للمرة الأولى مواكبة لنهاية الألفية الثانية، وتأتي مشاركتها من خلال برنامج حافل يشتمل على احتفال رسمي ومعرض وثائقي حول جهود السعودية في مجال محو الأمية وتعليم الكبار، اضافة الى مسيرة تعليمية وندوات تلفزيونية واستطلاعات صحافية، وما تقوم به كل ادارة تعليمية من برامج اعلامية واستطلاعية وتثقيفية وتوعوية للمجتمع حول أهمية التعليم. وقال الأمين العام لتعليم الكبار في وزارة المعارف السعودية محمد بن سليمان المهنا ل"الحياة" ان المسيرة الرسمية لمحو الأمية بدأت حينما صدر "مشروع نظام تعليم الكبار ومكافحة الأمية" عام 1956 وجاء فيه أن يطبق على جميع سكان السعودية من دون اجبار اذا بلغ المواطن الثانية عشرة من عمره من غير الملمين بالقراءة والكتابة. وحددت مدة الدراسة بثلاث سنوات وحدد فتح الفصل بعشرين دارساً وكل سنة دراسية بتسعة أشهر تدرس فيها 12 حصة. وأشار الى أنه في عام 1972 أقرهت السعودية نظام تعليم الكبار ومحو الأمية الذي شهد نقلة نوعية وشمولية في مفهوم تعليم الكبار وسن تنظيمات وتشريعات تواكب ما تشهده من قفزات متسارعة في مجال التعليم، وأخذ مفهوم تعليم الكبار طابع الشمول في معالجة المشكلة، وحشد الطاقات في مكافحة الأمية وعرف على ضوئه "الأمي" وحدّد فيه خطة وطنية للقضاء على الأمية وجعل مسؤولية القضاء على الأمية مسؤولية وطنية شاملة للقطاع العام والخاص، وأعلن فيه مواجهة الأمية وحشد الطاقات لمكافحتها بكل السبل ورصد المبالغ المالية لذلك، وبدأ تعليم الكبار يأخذ مساراً وطنياً محدد الأطر. وأضاف انه بعد تطور الحياة التعليمية صدرت لائحة تنفيذية لنظام تعليم الكبار في 1979 أجريت عليها تعديلات اقتضتها الضرورة وصدرت لائحة تنظيمية وتنفيذية عام 1993 وفي العام الجاري صدر قرار وزير المعارف السعودي الرقم 3936/34 بالموافقة على اللائحة التنظيمية الجديدة لتعليم الكبار. ويقع العبء الأكبر في تشريع الأنظمة ومتابعتها لتعليم الكبار على وزارة المعارف السعودية واللجنة العليا لتعليم الكبار التي يرأسها وزير المعارف ويتولى أمانتها الأمين العام لتعليم الكبار ويشارك فيها أعضاء من القطاعات المعنية وهي: الحرس الوطني، ووزارة الدفاع، والرئاسة العامة لتعليم البنات، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ووزارة الاعلام، ووزارة المعارف. وتتولى اللجنة العليا لتعليم الكبار دراسة واقع الأمية في السعودية ورسم الخطط والاستراتيجيات للنهوض بهذا النوع من التعليم وتطويره ليواكب ما يشهده العالم من تطور. وأوضح المهنا ان الأمانة العامة لتعليم الكبار في وزارة المعارف خطت خطوات جادة من خلال تفعيل دور اللجنة العليا لتعليم الكبار والعمل على مسايرة ما يدور من أحداث مما يحصل في العالم من تطور في هذا المجال. كما أن لدى الأمانة فريقاً استشارياً يكلف سنوياً من قطاعات متعددة من الأكاديميين المختصين ومن ذوي الخبرة في الميدان التربوي ومن مختصين في قطاع الوزارة. ويقوم هذا الفريق الاستشاري بدراسة ما يعرض من مقترحات حول تطوير العمل لتعليم الكبار ورسم خططه واستراتيجياته، وكان لهذا الفريق دور بارز في كثير من التطور الذي شهده تعليم الكبار في السعودية. وأكد المهنا ان نسبة الأمية في السعودية بلغت في التسعينات حوالى 60 في المئة. ومن خلال جهود المخلصين وما تبذله الدولة من دعم مادي ومعنوي استمرّ انخفاض نسبة الأميين في السعودية ليصل في العام الجاري الى 7،8 في المئة وهي نسبة ضئيلة جداً قياساً الى العمر الزمني واتساع رقعة الدولة واختلاف تضاريسها، بل ان هذه النسبة تركزت في كبار السن، وانخفض عدد الأميين في الفئات العمرية من 10 الى 19 سنة ليصل الى 75،0 في المئة تقريباً، ويرجع ذلك الى جهود وزارة المعارف في فتح المدارس في كل مكان يوجد فيه محتاج في سن التعليم. وأضاف أن الأمانة العامة لتعليم الكبار لم تغفل كبار السن، بل وضعت خططاً طويلة وقصيرة ومتوسطة المدى لتعليم هؤلاء، فهناك برنامج طويل المدى مدته ثلاث سنوات يتعلم فيه الدارس ويحصل في نهايته على شهادة توازي التعليم الابتدائي يستطيع بعدها إكمال دراسته في المرحلة المتوسطة الليلية، وهناك برنامج متوسط المدى مدته عام دراسي يقدم فيه ما يحتاج اليه الأمي من القراءة والكتابة والعمليات الحسابية الأربع البسيطة والأمور الضرورية من الدين كالوضوء والغسل والطهارة والصلاة والحج والزكاة وغيرها، وهناك برنامج قصير المدى مدته شهران من خلال الحملات الصيفية التوعوية الشاملة التي تقيمها الوزارة سنوياً. وتنظم وزارة المعارف السعودية سنوياً حملات صيفية توعوية شاملة لجميع نواحي الحياة التي يحتاج اليها الفرد، تعليمية ودينية وثقافية وطبية وبيطرية واجتماعية، تجند لها سنوياً قوافل من المختصين تنطلق الى الأماكن المستهدفة، وهؤلاء المستهدفون هم الناس المتنقلون غير الثابتين في مكان معين الذين يتبعون مواشيهم وتساقط الأمطار والرعي، وفي الصيف يجتمعون حول تجمع المياه والموارد المائية، ويصعب اقامة مراكز ثابتة لهم، ومن هنا فإن الدولة لم تغفلهم، وقد نص نظام تعليم الكبار على اقامة حملات صيفية لهؤلاء. وتقوم الأمانة العامة لتعليم الكبار بإجراء مسح ميداني لمعرفة أماكن وجودهم، ثم تضع خطة لتنفيذ هذه الحملة وتخاطب القاعات والجهات الحكومية الأخرى للمشاركة معها حيث يشارك وزارة المعارف كل من وزارة الشؤون الاسلامية ووزارة الزراعة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة، ويقع العبء الأكبر على وزارة المعارف حيث يعتمد لها سنوياً أكثر من 5،2 مليون ريال، ويقدم لهذه الفئة من المجتمع كثير من الخدمات مثل تعليم القراءة والكتابة من خلال معلمين مختصين وتعليمهم أمور الدين من خلال مشرف التوعية الاسلامية من الوزارة وداعية من وزارة الشؤون الاسلامية. كما يقوم الطبيب والممرض المنتدبان من الصحة المدرسية في الوزارة بعلاج الأمراض المنتشرة بينهم وتوجيههم الى الطرق المهمة في الوقاية من الأمراض، كما يقوم مندوب وزارة الصحة بتوعيتهم حول الغذاء وأهميته والصحة وطرق الوقاية من الأمراض والنظافة الشخصية، ويقوم الأخصائي الاجتماعي بدراسة أحوالهم الأسرية والاجتماعية والطبيب البيطري بمعالجة مواشيهم وتعليمهم طرق العناية بها والوقاية من الأمراض. وذكر المهنا أن عدد الحملات الصيفية التي أقيمت خلال السنوات الخمس الماضية من نحو 17 حملة أنفق عليها أكثر 7،13 مليون ريال واستفاد منها 40919 مواطناً. يواجه تعليم الكبار ومحو الأمية في السعودية معوقات كثيرة خصوصاً أن العمل في تعليم الكبار لا يمكن أن يؤتي ثماره من دون تضافر الجهود في دعمه واعتبار مسؤولية محو الأمية عامة للجميع، يشارك فيها القطاع الخاص والقطاع العام على السواء. وأشار المهنا الى أن من أهم المعوقات النواحي الاعلامية والتوجيهية للأميين، ودعوتهم للانخراط في مراكز محو الأمية، والتخلص من الأمية، وتوعيتهم بأضرارها، وأنها قرين الجهل وتؤثر سلباً في المجتمع، اضافة الى معوقات أخرى تتركز في أن الأمية تكون في فئة عمرية معينة تتجاوز ال55 عاماً، وهذه الفئة من الصعوبة اقناعها بأهمية تعلم القراءة والكتابة. وذكر ان من المعوقات أيضاً صعوبة الوصول الى الأميين وذلك لضآلة النسبة وتفرقهم في أماكن متباعدة. لذلك وافق وزير المعارف السعودي على تقليص العدد الذي يفتح به مركز لمحو الأمية من عشرة الى خمسة رغبة في حث هؤلاء على الانخراط وجمع الأفراد المتفرقين في مكان واحد، اضافة الى أن هذه الفئة لا تملك أهدافاً تطويرية تتعلق بالرغبة في الحصول على شهادة المرحلة الابتدائية، انما الرغبة تنحصر اذا وجدت في تعلم القراءة والكتابة. وتم أخيراً وضع برنامج متوسط المدى مدته ثمانية أشهر لهؤلاء، ومن المتوقع أن يؤدي هذا البرنامج الى محو أمية مجموعة كبيرة في فترة قصيرة. حققت الأمانة العامة لتعليم الكبار انجازات كبيرة في ظل الدعم الذي تحظى به من الدولة والتشجيع الذي تجده من وزير المعارف حيث تم تحديث الأنظمة واللوائح الخاصة بتعليم الكبار بشكل يتلاءم والنظرة العالمية لهذا النوع من التعليم. وأكد المهنا ان الأمانة تسعى الى تجاوز مرحلة محو الأمية الأبجدية الى ما ورائها من أمور أخرى أصبحت من هموم العالم واتجاهاته الحديثة، اضافة الى اعداد دليل شامل لتعليم الكبار في طريقه الى الطباعة يسعى الى تقديم نبذة وافية عن تعليم الكبار وأنظمته في السعودية، مشيراً الى ان مراكز محو الأمية بلغت في العام الجاري حوالى 1131 مركزاً ويتوقع أن يصل عدد الدارسين فيها الى 35 ألف دارس، كما بلغ عدد المدارس المتوسطة الليلية 175 مدرسة ومن المتوقع أن يدرس فيها حوالى 30 ألف دارس، وبلغت المدارس الثانوية الليلية 103 مدارس يتوقع أن يدرس فيها نحو 23 ألف دارس. وأشار المهنا الى أن السعودية تقوم بدور فاعل ومؤثر وداعم في المنظمات الدولية في ما يخص تعليم الكبار. ومن هذه المنظمات "المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو" اضافة الى دورها في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الأليسكو أيضاً، وكذلك المنظمة الاسلامية الأسيسكو.