} سادت حال من الغليان في الشارع الصربي خوفاً من تحول الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش الى "رئيس بالأمر الواقع" بعد رفض المعارضة خوض جولة ثانية من الانتخابات، مؤكدة أن ذلك يحرم مرشحها فويسلاف كوشتونيتسا من حقه المشروع في إعلان فوزه من الجولة الأولى، وأيدت العواصم الغربية موقف المعارضة، ودانت تحايل ميلوشيفيتش الذي فقد غطاءه الشرعي، ما ينذر بمزيد من العزلة بالنسبة الى بلاده، في حال تمسكه بالرئاسة. أعلن مرشح المعارضة للرئاسة اليوغوسلافية فويسلاف كوشتونيتسا أنه لن يشارك في جولة انتخابية ثانية، مشيراً الى أنه فاز في الدورة التي جرت الأحد الماضي، فيما بادرت العواصم الغربية الى تحذير الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش من مغبة الإقدام على أي خطوة لسرقة فوز المعارضة. وأفاد كوشتونيتسا في تصريح نقلته وكالات الأنباء أنه يرفض تنظيم دورة ثانية للانتخابات الرئاسية، دعت إليها اللجنة الانتخابية. وقال إنه "عرض يجب أن يرفض لأنه يهين كل مواطني هذا البلد الذين صوتوا، ولاسيما مليونين ونصف المليون ناخب اختاروا الاتجاه السياسي الذي أمثله". وأضاف: "ليس هناك أي سبب، أخلاقي أو سياسي للقبول بتزوير واضح واحتيال سياسي لإرادة الناخبين". وقال كوشتونيتسا "إن الحقيقة واضحة، الشعب اعطى حكمه السياسي في مواجهة تسلط ميلوشيفيتش، وواجبنا أن نطبقه". وبعد تعهد كوشتونيتسا بمقاطعة الجولة الثانية من الانتخابات وعدم الرضوخ للابتزاز، اصبح الشارع الصربي في حال من الغليان خوفاً من أن يتحول ميلوشيفيتش الى رئيس الأمر الواقع. وأقامت المعارضة مساء أمس تجمعاً جماهيرياً أمام مبنى البرلمان الاتحادي اليوغوسلافي في بلغراد. وأكد زعماؤها الذين تحدثوا فيه فوز مرشحهم كوشتونيتسا بالرئاسة، ودعوا المواطنين الى مواصلة تنظيم التجمعات الرافضة للتزوير والاحتيال الذي تمارسه السلطة. وفي الوقت ذاته شهدت المدن الصربية الكبرى تجمعات شارك فيها الآلاف من المواطنين احتجاجاً على حرمان كوشتونيتسا من الفوز بالرئاسة. وحملوا ميلوشيفيتش مسؤولية انتشار الفوضى والفقر وتزايد عزلة يوغوسلافيا الدولية. وذكر زوران جينجيتش زعيم الحزب الديموقراطي المتحالف مع كوشتونيتسا أن هذه الاجتماعات "ستمضي قدماً والقرار النهائي للجنة الانتخابية هو الذي سيحدد، هل نجعلها احتفالات أم احتجاجات". وبحسب أرقام أولية أعلنتها اللجنة الانتخابية، فإن كوشتونيتسا فاز على ميلوشيفيتش، لكنه لم يحصل على الغالبية اللازمة للفوز بالرئاسة في الجولة الأولى. وأشارت الى أن كوشتونيتسا حصل على 22،48 في المئة من الأصوات وهو ما يقل عن نسبة الخمسين في المئة المطلوبة للفوز، بحسب القانون الانتخابي، في حين حصل ميلوشيفيتش على 23،40 في المئة من الأصوات، وتوزع الأصوات الباقية بين المرشحين الثلاثة الآخرين الذين خاضوا انتخابات الرئاسة. وأشارت اللجنة الى أن الحزب الاشتراكي بزعامة ميلوشيفيتش وحزب اليسار اليوغوسلافي الموحد بقيادة زوجته ميرا ماركوفيتش حصلا على أكثرية المقاعد في البرلمان الاتحادي ويستطيعان تشكيل حكومة لوحدهما، إلا أن الحزبين خسرا انتخابات المجالس البلدية. ومعلوم أن حصول انصار ميلوشيفيتش على الغالبية في البرلمان لم يتوافر من أصوات الناخبين وإنما باستحواذهما على ثلث المقاعد المخصصة لكوسوفو والجبل الأسود، إثر مقاطعة الألبان وحكومة الجبل الأسود، ولم يبق في التصويت على كل هذه المقاعد غير أنصار ميلوشيفيتش الذين بلغوا 156 ألفاً واحتلوا مقاعد ميلوني ناخب. وإلى هذه التطورات، أبلغ فلادان باتيتش القيادي في الحزب الديموقراطي الصربي الذي يتزعمه كوشتونيتسا "الحياة" في اتصال هاتفي أن المعارضة تعتبر فوزها قد تحقق ولن تخضع لأي ابتزاز. وقال: "لن نجري أي محادثات مع ميلوشيفيتش، لأن الأمر أصبح منتهياً، ولم يبق له أي دور وعليه أن يتخلى في أقل من شهر، فقد خسر وانتصر مرشحنا كوشتونيتسا، وهذا نهاية كلامنا". وأضاف: "أما إذا أراد أن نتحدث معه عن طيب خاطر، فيمكن أن يكون فقط حول ان يختار مصحاً للمتقاعدين، ويجلس هناك ويرتاح هو ويريح الشعب". ومن جانبه، أبلغ زوران جيفكوفيتش نائب رئيس الحزب الديموقراطي الذي يقوده زوران جينجيتش "الحياة" هاتفياً، أن المعارضة قررت عدم خوض جولة انتخابية ثانية "لأن القضية انتهت في الجولة الأولى بحصول كوشتونيتسا على 52 في المئة من الأصوات بحسب معلوماتنا، بعد فرز 5،97 في المئة من أوراق الناخبين". وقال: "هذه حقيقة ولن نقبل تغييرها". ورأى مراقبون أن ميلوشيفيتش يراهن من خلال جولة ثانية، على استغلال الوقت للعب على كل الأوراق ضد كوشتونيتسا، بما في ذلك خلق انشقاق داخل تحالف المعارضة أو السعي الى إثارة اضطرابات تؤدي الى إلغاء العملية الانتخابية، وتزداد الخشية من أن تفجير الأوضاع في الجبل الأسود قد يكون بين الأوراق التي يلجأ إليها ميلوشيفيتش. وظهرت وساطة لتجنب العنف قام بها رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الصربية البطريرك بافلي الذي استقبل كوشتونيتسا وأكد له أنه يؤيده في موقفه ولكنه يطلب منه الابتعاد عن إراقة الدماء. ومن جانبها اعتبرت العواصم الغربية أن ميلوشيفيتش "لم يعد يملك غطاء شرعياً للبقاء في سدة الرئاسة" بحسبما ورد في تصريح للرئيس بيل كلينتون. ولوحت بمزيد من الإجراءات ضد نظامه. وأكدت الإدارة الأميركية دعمها للمعارضة اليوغوسلافية ودعت ميلوشيفيتش للتنحي والاعتراف بهزيمته، كما صدر تحذير من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ووزير خارجيته روبن كوك لميلوشيفيتش إذا لم يستجب لإرادة الناخبين. إلا أن وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف اعلن معارضته لأي ضغوط خارجية على العملية الانتخابية في يوغوسلافيا.