تكاد النسبة العددية للمواطنين اليهود في الولاياتالمتحدة الاّ تتجاوز الاثنين في المئة، لكن حضورهم البارز على الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية جعل من محاولة كسب اصواتهم احدى الاولويات لكل من الحزبيين الديموقراطي والجمهوري. تعود اصول الاميركيين اليهود الى موجات هجرة وافدة مصدرها على الغالب أوروبا الشرقية، اهمها عددياً تلك التي جرت في مطلع القرن العشرين، في اعقاب تضييق واضطهاد عانتهما التجمعات اليهودية في روسيا القيصرية. فالاميركيون اليهود، في معظمهم، وعلى الخلاف من الاسرائيليين المتعددي الاصول، متجانسون في الخليفة الثقافية والدينية والقومية، وذلك في تحدرهم من فئة واحدة، هي "الاشكنازيم". غير ان الحضور اليهودي في الولاياتالمتحدة ادى الى تشعب داخلي، نتيجة التفاعل مع الاطر الاجتماعية الاميركية، تشكلت بنتيجته مذاهب يهودية عدة تتباعد في تفسيرها للموروث الديني ودوره ومكانته في الحياة العامة. فالهوية اليهودية الاميركية الجامعة ليست دينية، بل هي اقرب الى القومية. والواقع انه لا فرق تقريباً بين الطابع القومي التراثي للجالية الايطالية مثلاً في الولاياتالمتحدة وبين شكل الانتماء الجماعي للاميركيين اليهود، الا في مسألة جوهرية واحدة. فالاميركيون اليهود كما الاميركيين الايطاليين، يبرزون اعتزازهم بلغة اسلافهم وهي الييديشية التي تكلم بها الاشكنازيم بالنسبة الى اليهود، وبمآكلهم وعاداتهم وفكاهتهم، ولكنهم، على الخلاف من الايطاليين ومعظم الجاليات الاخرى، يفتقدون التواصل الهامشي مع الوطن الام. ذلك ان وطن الاشكنازيم الام في اوروبا الشرقية قد زال، بل ان الحضور اليهودي فيها قد انتهى عملياً، نتيجة التأثيرات المتراكمة للنازية والشيوعية والصهيونية. واستعاض الاميركيون اليهود، على الغالب، عن الوطن الام باسرائيل كموضوع للتواصل. فالتعلق اليهودي الاميركي باسرائيل يتجاوز المواقف السياسية والمنطلقات الدينية، ويتجلى بصيغة عاطفية في مختلف اوجه الحياة اليهودية في الولاياتالمتحدة. فالكنيس اليهودي يرفع في داخله عادة العلم الاسرائيلي، والصدقات اليهودية غالباً ما تقدم للمؤسسات الاسرائيلية، ويكاد الاّ يخلو شباب الفرد الاميركي اليهودي من السفر الى اسرائيل للعطلة او للدراسة. ولكن هذا الاحتضان لا يعني بالضرورة ان عامة الاميركيين اليهود هم على اطلاع على تفاصيل الاوضاع في الشرق الاوسط. بل العكس ربما هو الصحيح، فالصيغة المتداولة في الاوساط اليهودية، بل في عموم المجتمع الاميركي، حول طبيعة المواجهة في الشرق الاوسط، هي صيغة مشوهة تبسيطية تضع الاسرائيليين في موقع الضحايا والابطال واصحاب الاخلاقيات العالية والمبادئ السامية، في مقابل اطماع العرب وغبائهم واحقادهم. وهذه الصيغة المشوهة، والتي يلتقي معظم الاميركيين على الاعتقاد بصحتها المبدئية، ليست وليدة النشاط السياسي للمنظمات الموالية لاسرائيل على رغم استفادتها البديهية منها وعملها على تعزيزها، بل هي نتيجة تضافر عوامل تاريخية وثقافية وضعت اليهودي / الاسرائيلي في البنية الفكرية الاميركية، في مقام مشابه للفلسطيني في البنية الفكرية العربية. فالموقف العربي السائد هو يقين ثابت بحق مسلوب لاشقاء هم الفلسطينيون، يسقط ضرورة الاطلاع على حجج الطرف الآخر الاجنبي اي الاسرائيلي. وكذلك الحال في الولاياتالمتحدة، حيث تستتب قناعة راسخة بأحقية "أمة" شهيدة بطلة ذاقت في تاريخها مرّ العذاب، بالعودة الى ديارها سواء كان اعتبار ملكيتها لهذه الديار دينياً مشتقاً من العهد القديم الذي يشترك في اجلاله اليهود والمسيحيون، أو تاريخانياً مبنياً على اساس مفهوم عضوي تأحيدي قاصر للتواصل التاريخي فتنتفي مع هذه القناعة الحاجة الى الاستماع الى الطرف الآخر الغريب اي العرب. فتأييد اسرائيل هو احد الثوابت المطلقة في السياسة الاميركية، ولا يشذ عنه الا الشواذ، اي بعض الهامش السياسي، غالباً لاغراض مبطنة لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية، اما الاقلية الضئيلة المستنيرة والتي تعي الحق الفلسطيني، فمطموسة سياسياً بفعل حجمها وتناقضاتها ونجاح خصومها من المؤيدين لاسرائيل في تطويقها. ودعم اسرائيل هو فعلاً القضية الاولى بالنسبة الى معظم مؤسسات الطائفة اليهودية وافرادها في الولاياتالمتحدة. وعلى رغم ان لجنة الشؤون العامة الاميركية - الاسرائيلية ايباك، وهي كتلة الضغط الاولى الموالية لاسرائيل، تبذل جهودها لاحكام ضمان استمرار الدعم الاقتصادي والعسكري الاميركي لاسرائيل والذي يشكل اكبر حصة في ميزانية المساعدات التي توزعها الولاياتالمتحدة في ارجاء العالم، فان استمرار هذا الدعم يعود بالدرجة الاولى الى اقتناع اصحاب القرار في الولاياتالمتحدة، من الجمهوريين والديموقراطيين على حد سواء، بأهميته للمصلحة الوطنية وتوافقه مع القناعة الشعبية. اما اعتبار البعض ان استمرار هذا الدعم يعود الى هيمنة يهودية، او الى خشية غير اليهود ان يطيحهم اليهود، فطرح يفتقد الاطلاع على واقع الامور، وينطلق من تصور يضع اليهود، بالصيغة الجماعية الاحادية، وهي صيغة واهمة لأية فئة، في موقع نفوذ وقوة ليسوا فيه فعلاً. ومن المفارقات انه خلال قمة الالفية التي انعقدت اخيراً في مقر الاممالمتحدة في مدينة نيويورك، تهافت ممثلو بعض الدول، ومنها العربية والاسلامية، الى لقاء المسؤولين عن المؤسسات اليهودية الاميركية، في اعتقاد ضمني لديهم اي ممثلي الدول ان هذا اللقاء هو السبيل الى معاقل السلطة والنفوذ في الولاياتالمتحدة. اما رد فعل المسؤولين اليهود الاميركيين، فقد كان الريبة باطناً والترحيب الشديد ظاهراً، لادراكهم الطبيعة التنميطية والانتهازية لهذه اللقاءات من جهة، ولأملهم من جهة اخرى بأن تمنحهم هذه اللقاءات بعض النفوذ الذي يتوهم المتهافتون انه بحوزتهم. واكد كل من المرشح الديموقراطي آل غور والمرشح الجمهوري جورج دبليو بوش، في اقوالهما كما في افعالهما، ان المثابرة على دعم اسرائيل بند ثابت في برنامجيهما السياسيين. إذاً، فموضوع اسرائيل، على اهميته القصوى بالنسبة الى الاميركيين اليهود، هو موضوع محيّد في الانتخابات الرئاسية المقبلة. واصوات الناخبين اليهود سوف ترجح الطرف الذي ينجح بتعبئتها، سواء على اساس المواضيع ذات الاهمية العامة والتي تطاول الافراد اليهود وفق انتماءاتهم الطبقية والجبلية والمناطقية، او المواضيع ذات الاهمية الخاصة في الاوساط الاميركية اليهودية، خارج موضوع اسرائيل. يذكر هنا ان الكثير من الاميركيين اليهود شهدوا في العقود الاخيرة نجاحاً خطراً في الارتقاء الاجتماعي والاقتصادي، فتبدلت المهن التي يكثر فيها اليهود من الوظائف العمالية المتواضعة في مطلع القرن العشرين، الى المهن الحرة ذات الدخل المرتفع، مثل الطب والمحاماة وقطاعات الترفيه والاسواق المالية والجامعات. وكان الاميركيون اليهود، شأنهم شأن مختلف الجاليات الوافدة والاقليات العرقية، قد وجدوا في الحزب الديموقراطي وفي دعواته لتوفير الدولة الخدمات، ملاذاً طبيعياً في المرحلة السابقة. والواقع ان الترقي الاجتماعي والاقتصادي للاميركيين اليهود كان قد بلغ اوج زخمه في الستينات من القرن الماضي، اي انه تزامن مع حركة الحقوق المدنية التي اعادت توجيه الخطاب السياسي والممارسة الحكومية في الولاياتالمتحدة نحو المنحى التقدمي. وقد كان للمثقفين اليهود دور حازم في إعادة التوجيه هذه. فالحزب الديموقراطي هو إذاً "البيت" السياسي الاول للطائفة اليهودية الاميركية، وهو كذلك الإطار الذي عبّر الكثير من المثقفين اليهود من خلاله عن تصورهم لمجتمعهم وساهموا بتبديل الخطاب السياسي في البلاد. وقد استفاد هذا التصور من التجربة المباشرة لهؤلاء المثقفين، والذين عايشوا الاحوال الاجتماعية المتواضعة للاجيال اليهودية الاولى في الولاياتالمتحدة، فجاء تقدمياً يطالب بخطوات تصحيحية لمصلحة الشرائح الاقتصادية الدنيا. والواقع ان الصورة الجماعية للكثير من الاميركيين اليهود تشدد على المنحى التقدمي والانساني لخلفيتهم، بل ان "اليهودية" من منظار معظم الاميركيين اليهود، ليست ديناً فئوياً، بل فلسفة انسانية منفتحة. اما المسائل الثقافية التي تجد اهتماماً واسعاً في الاوساط اليهودية في الولاياتالمتحدة فتتمحور بشكل عام حول موضوع فصل الدين عن الدولة. اذ تكاد المؤسسات اليهودية ان تجمع على وجوب منع الصلاة في المدارس العامة، خشية ان تكتسي هذه المدارس طابعاً مسيحياً يضع الطلاب اليهود في خانة الاقلية. وتتفق هذه المؤسسات في الغالب كذلك على ضرورة المحافظة على حق المرأة بالاجهاض، لقناعتها ان الدعوة لمنع الاجهاض هي دعوة محافظة دينية مسيحية في جوهرها. وتتشدد بعض المؤسسات اليهودية في اعتراض اي إشارة ذات مضمون ديني في الخطاب العام. ومن هنا كان اعتراض "لجنة مكافحة التمييز"، كبرى المؤسسات اليهودية للدفاع عن حقوق الانسان، على إكثار المرشح لمنصب نائب الرئاسة عن الحزب الديموقراطي، جوزف ليبرمان من استعمال الصيغ الدينية في خطبه. يذكر بالطبع ان ليبرمان يهودي. فالواقع انه كان للقائمين على هذه المؤسسة دافعان في انتقادهما ليبرمان: الدافع الاول عام يعود الى حرصهم على الفصل بين الدين والدولة، والدافع الثاني خاص ينطلق من خشيتهم ان يؤدي إكثار ليبرمان من ابراز الصيغ اليهودية الى استثارة الشعور المعادي لليهود في المجتمع الاميركي. وهذه الازدواجية في الدوافع، والتي تجمع بين المبدأ والمصالح، قد ساهمت بالفعل في صوغ خطاب يتجاوز القيادة المؤسساتية للطائفة اليهودية الى قطاعات اميركية يهودية واسعة. ويكثر في الصحافة والجمعيات اليهودية، وفي عموم المجتمع اليهودي في الولاياتالمتحدة، تقويم اي تطور او حدث من منظار التوازن بين كفتي هذه الازدواجية: ترشح ليبرمان مثلاً، خطوة ايجابية من حيث المبدأ، ولكن ابراز اليهود عبر هذا الترشح وتعريضهم بالتالي للعداء، قد يضر بالمصلحة اليهودية. وهاجس العداء لليهود، والناتج من تجربة تاريخية جرى استيعابها وتنظيمها في الذاكرة الجماعية التراثية، يلازم الكثير من الاميركيين اليهود. وفي حين ان المنظمات العاملة على مكافحة هذا العداء تعمد احياناً الى تصنيفات مبالغة، تطابق مثلاً بين المواقف العنصرية وانتقاد ممارسات الحكومات الاسرائيلية، او الى تصيّد العداء والاعتراض عليه والتشهير بأصحابه اينما كانوا، مما افسح المجال امام الراغبين بالبروز الاعلامي لتحقيق رغبتهم عبر بعض التعدي الكلامي على اليهود، فانه لا بد من الاقرار بعمق الخوف السائد لدى الكثير من الاميركيين اليهود من حصول العداء وانحداره الى ما هو اخطر، اي التمييز وصولاً الى الابادة. قد لا يكون هذا الخوف مبرراً، لا سيما انه قائم على قراءة غالباً ما تكون انتقائية للتاريخ، لكنه امر حقيقي حاصل، وعلاجه، او على الاقل الوسيلة السياسية للاستفادة منه، هي الطمأنة، وهذه الطمأنة تكون عبر اقناع الاميركيين اليهود ان انتماءهم اليهودي لا يشكل إعاقة، وان امكان انداماجهم في مجتمعهم ليست محدوداً. وقد شهد المجتمع اليهودي في الولاياتالمتحدة اطمئناناً تلقائياً، بشكل نسبي، في العقود الاخيرة، إثر تراجع حوادث الاعتداء على اليهود، ونتيجة لنجاح بعض الاميركيين اليهود في الوصول الى المناصب السياسية. وقد بدأ الانفتاح اليهودي السياسي بصورة فاعلة في السبعينات، وما زال مستمراً، وفي مجلس الشيوخ في الكونغرس اليوم 11 عضواً من اليهود اي 11 في المئة، وفي مجلس النواب 24 منهم اي زهاء 6،5 في المئة. وقد بلغت هذه النسبة في الاعوام الماضية قرابة 10 في المئة. ولا بد من الاشارة الى عامل اطمئنان واندماج مهم، هو التزاوج بين اليهود وغيرهم، وقد تصاعدت نسبة التزاوج منذ الستينات لتبلغ نصف الزيجات الجديدة، ويكثر التزاوج في اوساط اليهود غير المتدينين، والذين يعتنقون المذهب الاصلاحي وهو الذي اعتمد التعديل المستوحى من الممارسة الاجتماعية والدينية الاميركية للدين اليهودي، شكلاً ومضموناً، وبدرجة اقل لدى الذين يعتنقون المذهب المحافظ وهو الذي حافظ على الشكل التقليدي، وعدّل المضمون. وبطبيعة الحال، لا يشمل هذ التزاوج الاقلية اليهودية المتدينة وفق المذهب الناموسي وهو الذي حافظ على الشكل والمضمون التقليديين للدين اليهودي. وفي حين يعتبر قادة الطائفة اليهودية ان هذا التزاوج هو بمثابة انتحار يقضي على استمرارية طائفتهم، ويعملون على التصدي له، فانه في واقع الامر قد يؤدي بالفعل الى تبديل التوزيع المذهبي ضمن الطائفة اليهودية لمصلحة الناموسيين، ولكنه ايضاً، عبر ما يشكله من انبثاث للمقومات اليهودية في الهوية الثقافية الاميركية، عنصر قوة للاستمرارية اليهودية، وإن بأشكال مهجنة، في الولاياتالمتحدة. فالعلاقة بين اليهود، كمجموعة قومية نظرية من وجهة نظر الكثير من الاميركيين، والمجتمع الاميركي، لم تعد علاقة صداقة وتآلف وتطابق في القناعات الدينية والفلسفية وحسب، ولكنها كذلك علاقة قرابة واخاء. فالطائفة اليهودية، في مطلع الالفية الثالثة، هي مجموعات ذات اصول مشتركة تندمج بمقادير مختلفة في عموم المجتمع الاميركي، بعد ان شهدت إعادة صوغ لمفهومها الديني ألبسته حلة انسانية جامعة، وإعادة تموضع اقتصادي اجتماعي رفع معظمها الى الشرائح العليا. يلاحظ إذاً انه ثمة تناقض بين التوجه الفكري والخطابي للكثير من اليهود الاميركيين، وهو توجه تقدمي يعود الى مرحلة لم يكن قد تحقق لهم فيها كامل الارتقاء الاقتصادي والاجتماعي، وبين واقع الانتماء الى الشرائح العليا مع ما يستتبعه من تعارض في المصالح مع اهداف الخطاب التقدمي. لذلك، شهدت الطائفة اليهودية في الاعوام الاخيرة نزوحاً خجولاً من الحزب الديموقراطي الى الحزب الجمهوري. فعامل الدفع الى خارج الحزب الديموقراطي هو التعارض مع المصلحة الفعلية، وعامل الجذب الى الحزب الجمهوري هو التوافق على النهج الاقتصادي. ولكن اتفاق اليهود النازحين مع الجمهوريين اقتصر على الجانب الاقتصادي من برنامجه، في دعوته الى الخفض الضريبي والحد من تدخل الدولة في شؤون الاعمال، دون الجانب الاجتماعي، لطفرة الطروحات المحافظة الداعية الى إعادة الاعتبار للدين المسيحي في المجتمع الاميركي وحظر الاجهاض. ومع التوجه الوسطي الذي باشر الحزب الجمهوري اتخاذه خلال العقد الماضي، بدأ جدار التحفظ الفكري اليهودي تجاهه بالانهيار. ولكن، في المقابل، فان التوجه الوسطي للحزب الديموقراطي، في عهد الرئيس كلينتون، قد اجل استنزاف الاميركيين اليهود من صفوفه، بل يمكن وضع اقدام الرئيس كلينتون على تعيين عدد كبير من اليهود في المراكز العليا في حكومته في إطار الجهد الديموقراطي للتمسك بهذه الفئة ذات النفوذ الاقتصادي والانتخابي المهم. ولا تقتصر اهمية الاحتفاظ باليهود في الحظيرة الديموقراطية على المساهمات المالية التي يقدمها الكثير منهم، لكنها تشمل ايضاً الوزن الانتخابي النافذ لليهود في عدد من الولايات الرئيسية، ولا سيما نيويورك، ونيوجيرسي، وفلوريدا، وكاليفورنيا. إذ ان نسبة مشاركة الناخبين اليهود في الاقتراع مرتفعة بالمقارنة مع غيرهم. فأصواتهم غالباً ما تكون ضرورة لا بد منها لحصول الديموقراطيين على الاكثرية المطلقة او النسبية في الولاية. يذكر هنا ان فرز الاصوات في الانتخابات الرئاسية لا يعتمد على الاكثرية في عموم الولايات، بل على الاكثرية النسبية في كل ولاية على حدة، فينال الفائز في الولاية مجموع اصوات المندوبين عنها، وهذا المجموع يختلف باختلاف تعداد سكان الولاية. فيخشى الديموقراطيون انهم، من دون اصوات اليهود، قد يخسرون بعض الولايات المهمة في الانتخابات الرئاسية. وهنا تكمن اهمية اختيار آل غور لجوزف ليبرمان. فاليهود الاميركيون ما زالت تحركهم الاعتبارات والمخاوف الطائفية. ووصول احدهم الى منصب نائب الرئيس يشكل مصدر اعتزاز واطمئنان في آن واحد. وعلى رغم تناقض التوجه الخطابي التقدمي الذي يعتنقه غور مع مصالح الكثير منهم، فان ادراج ليبرمان كمرشح لنيابة الرئاسة من شأنه ان يؤجل انشقاق من كان يعتزم الانشقاق منهم عن الحزب الديموقراطي. وهذا قد يساعد غور في الوصول الى مبتغاه. في الحلقات المقبلة: الافارقة الاميركيون، الاقتصاد الجديد والسياسة الجديدة، الشرق الاوسط في الانتخابات الاميركية. * كاتب لبناني مقيم في الولاياتالمتحدة الاميركية.