فيما ازدادت التصريحات في شأن جهوزية القوات الاميركية، والأخطار التي ما زالت تحدق باسرائيل، وعدم قدرة الدولة العبرية على اخلاء مواقعها في وادي الأردن، حركت المؤسسة العسكرية الاميركية مسألة خطر الصواريخ العراقية، معلنة انها "استنفرت" بطاريات صواريخ "باتريوت" المضادة للصواريخ، لتكون جاهزة لنقلها الى اسرائيل تحسباً لأي تصعيد عسكري مع العراق أثناء الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين اميركيين ان وحدة صواريخ "باتريوت" المتمركزة في فرانكفورت وضعت الثلثاء الماضي في حال استنفار تحسباً لنقلها في حال اطلق العراق صواريخ بعيدة المدى على الدولة العبرية. لكن رئىس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك قلل من احتمالات وجود تهديد عراقي وشيك، وقال: "لا أعرف هل ينبغي على باتريوت ان تكون قلقة فعلاً". وكان المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الاميركية جورج بوش الإبن انتقد الإدارة الاميركية لعدم دعمها المؤسسة العسكرية، وشكك في جهوزية القوات الاميركية، مما أطلق حملة من الاتهامات المتبادلة والتصريحات المعاكسة. ويأتي نبأ استنفار "باتريوت" قبل ايام من استئناف الاتصالات والجهود الأميركية من أجل التوصل الى اتفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين، فمن المقرر ان يلتقي الرئيس بيل كلينتون الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك في نيويورك في السادس من الشهر الجاري، وربما يدعو الى قمة ثلاثية. ومن القضايا التي تحول دون التوصل الى اتفاق، اصرار اسرائيل على ابقاء وجود أمني في وادي الأردن تحسباً لأي "اعتداء" قد تتعرض له من العراق أو ايران. وسيؤدي التحذير من احتمال تعرضها لضربات صاروخية عراقية الى تعزيز موقف باراك التفاوضي مع الفلسطينيين لجهة ابقاء الوجود الأمني في الوادي، بالإضافة الى توجيه رسالة الى الشعب الاسرائيلي فحواها أن مصدر الخطر الذي يهدده ليس الفلسطينيين، بل العراقوايران، مما يساعد باراك بالتالي في اقناع الرأي العام المحلي بتقديم تنازلات على مستوى الانسحابات من الأراضي الفلسطينية. وفي اتصالات اجرتها "الحياة" لم تنف وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون تجهيز صواريخ "باتريوت" تحسباً لنقلها، لكن مصدراً في الوزارة رفض اعطاء تفاصيل عن أسباب هذا القرار وفي هذا الوقت تحديداً. يذكر ان آخر مرة أرسلت فيها واشنطن "باتريوت" الى اسرائيل كانت عام 1998، حين رفض العراق التعاون مع مفتشي الاممالمتحدة. وإثر اصرار بغداد أخيراً على رفض السماح بعودتهم لم تلوح واشنطن بالخيار العسكري واكتفت بتأكيد ان الموقف العراقي سيؤدي الى ابقاء الحظر الدولي. ويحاول المسؤولون الاميركيون اضفاء طابع احترازي على قرار التحضير لنقل صواريخ "باتريوت" الى اسرائيل، ويؤكدون ان الهدف ليس "إثارة" الرئيس صدام حسين، بل التحسب لأي "مغامرة" قد يقدم عليها اثناء الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة، والمرتقبة في تشرين الثاني نوفمبر. وتخشى مصادر اميركية اخرى ان يسيئ صدام تفسير قرار ارسال "باتريوت" الى الدولة العبرية وكأنه رسالة اميركية موجهة اليه كي لا يقوم بأي عمل كبير كضرب اسرائيل وتهديد الكويت، من دون ان يشمل هذا التحذير احتمال شن صدام حملة على المعارضة في جنوبالعراق وشماله، مما يوحي بالتالي بأن واشنطن لن ترد عسكرياً في هذه الحال... ويكون ارسال "باتريوت" الى اسرائيل خطاً أحمر اميركياً لصدام. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" امس عن مسؤول رفيع المستوى في البنتاغون قوله: "لم نرَ شيئاً من العراقيين الآن قد يهدد اسرائيل، لكن التاريخ يشير الى انهم في مثل هذا الوقت على مدى السنوات الخمس الماضية، وجهوا تهديدات ضد الأكراد والشيعة". ولفت الى مخاوف من احتمال ان يصاحب أي تحرك لبغداد ضد الاكراد أو الشيعة، اطلاق صواريخ بعيدة المدى على اسرائيل. ولفتت الصحيفة الى مخاوف اميركية - اسرائيلية من احتمال ان يحاول صدام التحرك لضرب الدولة العبرية اذا ظن ان الادارة الاميركية ستكون منهمكة بالانتخابات الرئاسية.