تتفق آراء فنانين ومتابعين في كردستان العراقية على "غياب سينما كردية تعبر عن همومنا القومية والثقافية والاجتماعية على رغم بعض المحاولات المتقطعة لسينمائيين أكراد في المهجر"، على ما تورد مجلة كردية بطبعتها العربية في حوارها مع السينمائي الكردي سلمان فائق المقيم الآن في السويد، والذي يحاول "يائساً" وضع الأسس الدولية لمشروع السينما في كردستان العراق. والفنان فائق الذي ولد عام 1948 في مدينة كركوك، صارت اليوم نهباً لمحاولات تغيير ملامحها القومية عبر عمليات تهجير تطاول الأكراد الذين يرفضون تحويل قوميتهم الى العربية، عمل مخرجاً مسرحياً وتلفزيونياً لاعمال بالعربية والكردية، قبل أن يدرس السينما في أوروبا ويخرج فيها عدداً من الأعمال القصيرة ثم يتحول الى تدريس السينما في رومانيا قسم السينما في وزارة الثقافية، الى ان استقر في السويد وقدم فيها فيلمي "آسو - الأفق" و"المصير". وكان فائق حاول "جاداً" منذ العام 1992 تأسيس "أكاديمة السينما" في كردستان، مع فشل "مضمون"، جراء ما تعيشه المنطقة من أعباء كوارثها، أحيا الرجل آماله ليعود هذه الأيام الى كردستان من مهجره السويدي مشرفاً على دورة للفنانين الكرد تثبت أسس كتابة السيناريو والاخراج، علّها تكون بؤرة مشروعه "اليائس": سينما في كردستان. وفائق الذي يستعد لتصوير ثلاثة أفلام مع دول في اسكندينافيا، بينها "الضباع" الذي يصور "معاناة كاتب ينتمي الى احدى دول العالم الثالث ويعاني الاضطهاد السياسي الذي يلاحقه أينما حل وفي نهاية الفيلم يقتله عناصر نظام دولته في بلد أوروبي يلجأ اليه"، يقول عن أسس قيام سينما كردية: "لم أزل أحمل مشروع تأسيس أكاديمية السينما هنا في كردستان، إذ عدت عام 1992 بعد غياب طويل الى كردستان العراق وقدمت مشروعي عن تأسيس ستديو سينمائي، فيما فاتحت كثراً من الفنانين في رومانيا وحصلت على موافقتهم على المجيء الى كردستان وتعليم الفنانين الكرد أساليب العمل الفني في السينما". وأضاف: "إلا أن الاقتتال الداخلي أفشل المشروع. ومنذ العام 1996 وحتى اليوم، أعمل لتأسيس "أكاديمية السينما" في كردستان العراق، إلا أنهم يطلبون مني دائماً التريث. وهذه آخر مرة أقدم فيها مشروعي وإذا لم أحصل على الموافقات اللازمة، فأنا مضطر الى توديع كردستان والمشروع أيضاً". أهم قبل المهم وعن "الأفلام الكردية" التي تنتج في بلدان المهجر واقتراحاتها في تقديم "الهم الكردي"، يقول فائق: "ان تصنع فيلماً على أرضك وفي وطنك أهم بكثير من ان تنتج فيلماً خارجه. ومع تقديري لجهود الفنانين الكرد سينمائياً في الخارج أقول إن تلك الجهود والطاقات، لو كانت في كردستان العراق، لكان الأمر أفضل بكثير". وللفنان فائق تجربة لافتة في فيلم بعنوان "الهروب" هي الأبرز في سيرته السينمائية يوجز حكايتها بقوله: "أخرجت الفيلم عام 1979 في رومانيا وهو من انتاج "أكاديمية السينما" في بوخارست وشارك فيه 150 ممثلاً وممثلة. وهو يتحدث عنا نحن الكرد، إذ في قرية كردية صنعناها في رومانيا يتحول صديقان حميمان هما سيروان وشيركو، عدوين لدودين بتأثير من السلطات الحاكمة وشيخ القرية، إلا أنهما يفيقان حين يشتركان في انقاذ طفل صغير من الغرق، ليكتشفا ان الأعداء الحقيقيين هم الذين زرعوا بذور الفتنة والشقاق بينهما. مدة الفيلم 17 دقيقة وهو مودع لدى الأرشيف الوطني في رومانيا مع فيلم قصير آخر من أفلامي بعنوان "سأغادر عندما يحل الظلام" الذي يستغرق نحو تسع دقائق". وحيال ظاهرة الجدب السينمائي في كردستان، نشطت أساليب في عرض الصورة، تعتمد تقنيات التصوير التلفزيوني وسميت كما هي الحال في تجارب شهدتها بغداد ب"أفلام الفيديو - سكرين". وعما يرشح من هذه المحاولات، يقول فائق: "هذه الظاهرة مجرد محاولات ولا نستطيع تقويمها كأفلام. وبعد مشاهدتي بعضها، أقول إنها تعاني ضعفاً شديداً في موضوعاتها وضيق أفق في المعالجة، إلا أنني لا أملك إلا أن أشد أزر أصحاب هذه المحاولات كونهم لم يمتلكوا تقنية سينمائية عالية، وعملهم وفق الامكانات الراهنة يدل الى وجود رغبة شديدة وقوية في تقويم حالات الوضع الراهن، ضمن لغة الصورة التي تأمل بأن تكون سينما. هل نقول لهم انتظروا حتى يحين الظرف المؤاتي؟ إلا ان استمرار عملهم ضمن موجة "أفلام الفيديو - سكرين" مضرّ ويمكن أن يؤثر سلباً فيهم". وصاحب فيلم "الأغنية الأخيرة" الناطق باللغة الروسية، يأمل بصنع فيلم كردي من انتاج مشترك كردي - أوروبي، لكنه وهو يهم بمغادرة كردستان، لا يخفي يأسه: "كنت أتمنى أن أعمل في وطني وفوق تراب كردستان. درست 19 عاماً وكلي أمل بأن أخدم أرضي وأمي كردستان، إلا أن أملي لم يتحقق بعد".