"كوب 16" يفتح آفاق المشاركة في المشروعات الصديقة للبيئة بالرياض    المربع الجديد يوقع عقد رعاية لموسم الرياض 2024    الأردن تحذر إسرائيل من مصادرة المقر الرئيس للأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة    إنفاذًا لتوجيهات القيادة.. مغادرة أولى طلائع الجسر الجوي السعودي لمساندة الشعب اللبناني    استمرار هطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    "مثقفون" يستعرضون مسيرة الراحل محمد الشدي .. غداً    اختتام فعاليات النسخة الثانية من منتدى الأفلام السعودي    «PIF» يحدد متطلبات الإنفاق على المشاريع الخضراء ب 73 مليار ريال    «الدفاع» تعزز التعاون في مجالات الإعلام بين القطاعات العسكرية والأمنية    الصندوق الثقافي يوقع اتفاقيات تسهيلات ائتمانية مع 13 شركة ضمن «التمويل الثقافي»    القهوة والكافيين يحسنان صحة الشرايين    5 عناصر غذائية ضرورية في فيتامينات الحمل    الألعاب السعودية .. العلا بطلاً لكرة قدم الصالات    وزارة الداخلية تختتم مشاركتها في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024    الألعاب السعودية .. "الغيث" يحصل على الذهب في التزلج اللوحي    وزير البيئة: «استمطار السحب» يخفض تكاليف تشغيل الطائرات    فيصل بن فرحان يبحث مع إسحاق دار وبوريل المستجدات الدولية    ميتروفيتش يصبح الهداف التاريخي لبطولة دوري الأمم الأوروبية    بقايا متسلق مُنذ 100 عام    المغرب يستعرض بخماسية في شباك أفريقيا الوسطى بتصفيات كأس الأمم 2025    ضمن تصفيات كأس العالم .. الأخضر يواصل استعداداته لمواجهة البحرين    عوامل مؤثرة تشتت الانتباه في العمل.. تجنبها    «رينج روفر».. تتسبب في حريق مطار لوتون وتدمير أكثر من 1,300 سيارة    أفراح الدامر والرشيد    باكستان وجهة رئيسة للمستثمرين السعوديين    الصين تستعيد شيجيان- 19    الذكاء الاصطناعي يستحل وظائف TikTok    آلية التقديم في سفراء المكتبات    المملكة تدين قرار سلطات الاحتلال مصادرة أرض "الأونروا" في القدس المحتلة    10 مناطق تغيبت عنها مرافق القلب والأورام    الذكاء العاطفي في البيئة التعليمية    «الداخلية» تختتم مشاركتها في معرض الصقور والصيد    القبيلة وتسديد المخالفات المرورية    البحرين أهم من اليابان    هل يتجنب العراق الحرب؟    تفضيل الأطعمة الحارة يكشف لغز الألم والمتعة    لون البول مؤشر للإفراط في السوائل    محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية تحتضن 290 نوعًا من الطيور    "ليدار للاستثمار " تعرض "دار السدن" و"ليدار بارك" في ريستاتكس جدة العقاري 2024    نائب أمير نجران يستقبل مدير الشرطة    الشيخ البدير: التواضع من الأخلاق العليّة والشمائل السُنيّة    أمير الجوف يدشّن ويضع حجر الأساس لمشروعات بلدية بأكثر من مليار ريال    14.1 مليون زائر للمدينة المنورة عام 2023    1616 امرأة في قوائم مخالفي الأنظمة    على حافة الهاوية    القبض على 9 إثيوبيين في جازان لتهريبهم 270 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    الصندوق الثقافي يوقع اتفاقيات تسهيلات ائتمانية مع 13 شركة ضمن «التمويل الثقافي»    هيئة التراث تطلق عدد من الفعاليات والأنشطة    إنجازات استثنائية في النهائي الوطني للأولمبياد العالمي للروبوت بالمملكة    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم مبادرات تطوعية وتنشر الوروود عرفانا وشكراً للمعلم النبيل    مدير عام الشؤون الإسلامية في جازان يلتقي بالمراقبين عبر التلجرام    شخصيات إسلامية من إندونيسيا تثمّن جهود المملكة في نشر منهج الوسطية والاعتدال    خطاك السوء يا فخر الأوطان «سلمان»    الذكرى العاشرة لبيعة والدنا «سلمان»    المذاهب الفقهية في السعودية.. الائتلاف الواعي والسياسة الحكيمة    المواطن في الإعلام الاجتماعي    محمية الوعول تنضمّ للقائمة الخضراء الدولية كأول محمية سعودية    قيادة حكيمة ورؤية طموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 28 - 08 - 2000

ذكّرني صديق زار جنوب فرنسا هذا الصيف، بالرئيس بيل كلينتون، مع انه لا يصبغ شعره مثل الرئيس الاميركي، ولا توجد مونيكا لوينسكي في مكتبه.
ما يجمع بينهما هو ان قص شعر كل منهما كلف 50 الف دولار، وفي حين تحمِّل دافع الضرائب الاميركي ثمن حلاقة كلينتون بعد ان اوقف الطائرة الرئاسية في المطار، فان الصديق دفع ثمن حلاقته من جيبه، فهو ذهب الى الحلاق ليقص شعره، وكان لصوص يراقبون البيت، فسطوا عليه واخذوا ما وجدوا من نقد ومجوهرات، وودعوا الخدم المستورد من الشرق الاقصى بتلويح اليد، وغادروا سالمين غانمين.
لا يوجد عربي لم يسرق في جنوب فرنسا هذا الصيف، وان لم تكن السرقة تقليدية، مثل ان يأخذ اللصوص حاجات الزوار العرب، قبل ان تضيع منهم، فالعربي سرق في المطاعم والمتاجر والفنادق، قياماً وقعوداً وعلى جنبيه.
طبعاً عندما يسرق انسان يقبل عليه الاصدقاء للمواساة، وايضاً طلباً للتفاصيل. وهكذا كان وجلسنا على مائدة غداء لنستمع من الزوجة كيف تسلق اللصوص الجدران، ودخلوا غرفة علوية هبطوا منها الى الطبقات الاخرى من الفيلا العامرة.
كان اطرف ما في الموضوع ان الزوجة سبقت زوجها الى الغداء، وعاد هو من عند الحلاق ليكتشف السرقة، فاتصل بزوجته على الهاتف النقال وسألها عن ساعتها، وهي ردت مستغربة ان هناك ساعات عدة في البيت، واحدة منها على معصمه، فلماذا يسألها عن الساعة. ورد الزوج انه لا يسأل عن الوقت، ولكن عن الساعة نفسها، بعد ان زارهم اللصوص.
الساعة طارت مع الفلوس وبعض المجوهرات، ووفرت لنا السرقة موضوعاً للحديث على الغداء. وكنت اجلس الى مائدة ضمت ثمانية اصدقاء روى كل منهم او منهن كيف تعرض لسرقة في جنوب فرنسا، ان لم يكن هذه السنة، ففي السنة الماضية او التي قبلها.
ولم اسمع بعد ان احداً من العرب من ضحايا اللصوص استرد ماله، ولكن اسجل استثناءً واحداً توخياً للدقة، فبعد ثلاث سنوات من تعرض صديق لبناني لسرقة كبيرة اتصل به البوليس الفرنسي، وبلغه ان اللصوص اعتقلوا. وهو ذهب الى باريس واسترد مجوهرات بملايين الفرنكات، وقال لي بعد ذلك انه رأى عند الشرطة عشر طاولات كبيرة امتلأت بالمسروقات التي صودرت بعد اعتقال العصابة، وشعر انه في مغارة علي بابا.
هذا الصديق هو الشذوذ الذي يثبت القاعدة، والقاعدة في جنوب فرنسا ان الذي ذهب، ذهباً كان او نقداً او تحفاً لا يعود، وان الشرطة تبدي اهتماماً قليلاً بتسجيل الحوادث.
قال صديق ذهب الى مخفر الشرطة بعد ان سطا لصوص على شقته في كان انه وجد نفسه في طابور من حوالى 30 ضحية اخرى للصوص. وقال ان الشاكين كانوا من جنسيات مختلفة، وهي نقطة مهمة، فالعربي يسمع عن سرقة اصدقائه من العرب، فيعتقد ان ثمة مؤامرة عليهم دافعها الحسد او العنصرية، الا انه في الواقع يسمع عن الناس الذين يعرف، وهم عرب مثله، في حين يسمع الالماني عن المان، والروسي عن روس، وهكذا.
وقلت معزّياً صديقة تعرضت لسرقة ان ننظر الى الامر على اعتبار انه تدوير اموال النفط. وهي ردت، انا عندي نفط؟ يا حسرة ليس عندي من النفط سوى الموجود في ولاعة السجاير.
وعكس هذا شكوى سيدة تعرضت فيلتها في جنوب فرنسا للسرقة في السنوات الثلاث الماضية، ثم سرق جيرانها هذه السنة، فاحتجت مهاذرة ان اوضاعها المالية لا تزال افضل من الجيران، ولا تفهم بالتالي كيف يفضل اللصوص الجيران عليها.
اللصوص يختارون زوار جنوب فرنسا من عرب وغيرهم لانهم ناس غريبو الاطوار يفضلون الكماليات في الحياة على الضروريات. وقد سمعت من قصص سرقات الصيف التالي الذي لا اقسم على صحته:
- سأل لص رجلاً هل يعرف اساليب الدفاع عن النفس مثل الكاراتيه. وقال الرجل انه لا يعرف، فقال اللص: حسناً، اعطني فلوسك.
- قال شرطي للص انه يعتقد انه بريء من التهمة، فسأله اللص: هل يعني هذا انني استطيع الاحتفاظ بالمجوهرات؟
- سرق لص السيدة نفسها للمرة الثالثة، وسألها الشرطي هل لاحظت شيئاً في اللص، فقالت انه اصبح يرتدي ثياباً اغلى واكثر ذوقاً.
- هل حدث شيء مما سبق؟ اشك في ذلك، ولكن سمعت من مصدر ثقة عن جارة فرنسية انها اعتادت اذا اخذت كلبها للمشي في الشوارع المجاورة ان تحمل حقيبة يد تبدو انيقة، بداخلها كيس من البلاستيك لوضع فضلات الكلب فيه. وهي فعلت يوماً، وجاء شابان على دراجة نارية موتوسيكل خطفا الحقيبة وانطلقا بسرعة الريح. ولا بد انهما فوجئا بمحتويات الحقيبة الى درجة التفكير في مهنة اخرى.
شخصياً لم اسرق في جنوب فرنسا على رغم انني اعود الى المنطقة كل صيف منذ ربع قرن. غير انني كنت مع اصدقاء امس في احد مطاعم سان تروبيه على الشاطئ، وسعدنا برؤية الممثل بروس ويليس، يتلهى بالعمل في البار كأنه ولد فيه. ثم جاءت الفاتورة، وادركت كيف تكون السرقة الحقيقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.