اكتشاف نفط المغرب في عمق أراضٍ مغربية غير متنازع عليها يلغي فرضية تصعيد الخلاف بين المغرب والجزائر. أقله تأكيد أن لا أطماع للجزائر في ثروات المغرب والعكس كذلك، بيد أن الإعلان عن الاكتشاف في مواقع قريبة من الحدود المشتركة بين البلدين في وقت تمرّ العلاقات المغربية - الجزائرية بصعوبات حقيقية قد يحرك المناهضين لتطبيع هذه العلاقات، من منطلق أن المنافسات التي كانت قائمة بين البلدين سياسياً قد تدخل منعطف المنافسات الاقتصادية، وهي أخطر في أي حال من الخلافات السياسية. حتى الآن حول المغاربة أفراحهم باكتشاف الذهب الأسود إلى قضية محلية. وفيما كانوا ينتظرون هطول الأمطار للتغلب على تداعيات الجفاف في بلد زراعي جاءتهم مفاجأة النفط لتأكيد قرب انضمامهم إلى النادي الاقتصادي الجديد. وأصبح من حقهم أن يحلموا بتدفق الثروات التي يمكن أن تغير حياتهم. لكن تحويل الحلم إلى حقيقة يحتاج إلى إبعاد المنطقة عن مخاطر التوتر. وما هو معروف عن منطقة الشمال الافريقي انها لم تنعم منذ أكثر من ربع قرن بمظاهر الانفراج والاستقرار، بسبب تداعيات نزاع الصحراء واستفحال الصراعات الاقليمية، من دون إلغاء تأثير تنامي التطرف وعدم توازن العلاقات مع الشركاء الأوروبيين. قبل الإعلان عن اكتشاف نفط المغرب بدا أن الأميركيين والأوروبيين جادون في منافساتهم على مناطق النفوذ في شمال غرب افريقيا. ولم يكن طرح خطة الشراكة الأميركية المقترحة على كل من المغرب والجزائر وتونس بعيداً عن خطة الشراكة الأوروبية المماثلة التي دخلت حيز التنفيذ ثنائياً في العلاقة مع المغرب وتونس، في انتظار انضاج الظروف مع الجزائر، وبمقدار ما يبدو اكتشاف نفط المغرب حافزاً قوياً للانتقال بالشراكة إلى مراحل متقدمة بمقدار ما يحمل المخاوف ازاء مسار تلك المنافسات. في جديد المعطيات الاقليمية التي تحتم قيام وفاق مغاربي يستند إلى انفراج العلاقات المغربية - الجزائرية، ان التكامل الاقتصادي بين الدول المغاربية يمكن أن يفيد من انضمام المغرب إلى نادي الانتاج النفطي، وتحديداً يمكن أن يعزز الاقتصاد الحدودي بين المغرب والجزائر، كونه المدخل لبناء علاقات الثقة. فالحاجة ملحة إلى استثمار الموارد البشرية والطبيعية لإقامة تكتل مغاربي يرعى المصالح المشتركة. ولنتذكر ان المغاربة والجزائريين على حد سواء أضاعوا فرص تعزيز الثقة منذ حرب الحدود العام 1963.