يبدو أنّ العرب نسوا أو تناسوا موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، بعدما غلّف الملل واليأس تفاصيل حياتهم، غير انّ طفلة صغيرة نفضت الغبار عنهم بعدما دخلت ضمن صفحات الموسوعة وعالمها الغرائبي كأصغر قاصة في العالم... إنّها سمر المزغني البالغة 12 عاماً، والتي حظيت أخيراً بتكريم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، على هامش الاحتفالات باليوم الوطني للثقافة. قد تكون سمر معجزة جديدة. منذ عامها السابع بدأت رغبة المطالعة والكتابة تحبو نحو عوالم سمر الصغيرة. وفعلاً دخلت هذا العالم من أوسع أبوابه لتتعرّف جلياً على طه حسين والعقاد والمنفلوطي ونجيب محفوظ. وتقول سمر في هذا الصدد: "قرأت تقريباً جميع مؤلفات المنفلوطي... وهو الأقرب إلى ذائقتي عربيا، إلى جانب محمود تيمور وطه حسين خصوصاً في "الأيام" و"دعاء الكروان"، واتجهت نحو الأدب العالمي لأكتشف نكهته المختلفة عن الأدب العربي. تعرّفت عن قرب على أفكار الكتّاب العالميين، وأخص بالذكر شكسبير الّذي قرأت معظم أعماله، وأعجبت بأفكاره الّتي يؤطّرها بعض الغموض، وتشارلز ديكنز وبعض أعمال أغاتا كريستي وغيرها من الروايات المترجمة". ولكن ما الّذي تكتبه على وجه الدقة؟ تقول سمر: "حين أكتب أشعر بأنني أعيش في عالم واسع غير محدود، ويمكنني أن أفرغ ما في داخلي، لذا اخترت الورقة والقلم كشخص مناسب يمكن أن يخبّئ أسراري بكل أمانة. وجدت في الكتابة الصديق الوفي، ولن أفرط به، بل سأعدّ نفسي مستقبلاً لأكون كاتبة. أكتب للأطفال لأني أعرف عالمهم جيّداً. فالكتابة للأطفال من الضروري أن تكون مبسّطة، لكنها خيالية أيضاً. وفي إمكان الطفل أن يصل إلى ذهن الطفل من دون حواجز، كون الطفل ينظر إلى الطفل الآخر بالعيون الحالمة نفسها ويتحدّث اللغة البريئة نفسها". تفضّل سمر قصص الخيال لأنّها، مثلما تقول، الأقرب إلى ذهن الطفل، لأنّها تكسبه التفكير وتطرح في داخله الأسئلة. وإلى جانب قصص الخيال، تكتب سمر عن الحيوانات باعتبارها الأقرب إلى عوالم الطفل. كما انّها تكتب أحلامها بل "كل ما أحلم به ليلاً أكتبه في الصباح". وإضافة إلى القراءة والكتابة ثمة هوايات أخرى تحرص سمر على ممارستها، إذ تلعب الشطرنج من حين لآخر. غير أنّ الخسارة هي نصيبها الأوفر في هذه اللعبة. وتمارس لعبة كرة السلة والعزف على البيانو مع محاولات في الرسم أحياناً. تعيش سمر حياتها كأي طفل وتحلم كأي طفل أيضاً، وتشارك أصدقاءها اللعب وتتابع دروسها طمعاً بمستقبل مضمون. ولكن ماذا تتمنّى أن تغدو مستقبلاً؟ تجيب سمر: "أبي محام، وتعجبني مهنته، وأتمنى أن أكون محامية ناجحة في المستقبل، ولذا كتبت قصة بعنوان "محاكمة ذئب"".