بعد مسلسل "المجهول" يخوض المخرج والممثل محمد شيخ نجيب تجربة ثانية مع الكاتب رياض عصمت في مسلسل بوليسي جديد يحمل أجواء العمل السابق نفسها، تشويقاً وإثارة. وإن كانت قصة "المجهول" مستوحاة من إحدى روايات الكاتبة أغاثا كريستي فإن العمل في "قصص الغموض" يختلف إذ إن كل حلقة تعالج قصة مختلفة ومستقلة. ثم ان نسبة كبيرة من هذه القصص من تأليف المؤلف، والباقي اقتباس من الأدب العالم. إذ يحاول الكاتب من خلال هذه النصوص، الاستعانة بكتّاب مشهورين ومغمورين فيلجأ الى اقتباس الفكرة فقط، أما المعالجة والتفاصيل فقد حاول أن يجعلها ضمن إطار محلي. والحدث، وان مقتبساً عن رواية قديمة طوِّر بما يتناسب ومعطيات العصر. ويرى كاتب النص أن "أمتن أنواع الدراما في القرن العشرين جاءت مع الأفلام السينمائية، من مثل الوسترن، أي الطراز البوليسي المشوق، وأقصد هنا النوع الراقي من هذه الأعمال التي تنأى عن الثرثرة والإطالة وتتطلب اقتصاداً في اللغة. وفي "قصص الغموض" هذه كل قصة ستروى بكل تفاصيلها خلال خمسين دقيقة، والهدف في النهاية أخلاقي تربوي، لأن العبرة الأساسية أن الجريمة لا تفيد، وليس هناك ما يسمى جريمة كاملة، إذ لا بد للمجرم من أن يقع تحت طائلة العقاب والقانون. وأعتقد أن الفكرة الأساسية في الدراما الجادة حتى لو كانت بوليسية، هي ألا يكون الاعتماد على القوة والمطاردة وإطلاق النار، وإنما على العقل والذكاء والقدرة على الملاحظة والتحليل لاستخلاص النتائج. لذلك اعتمد علم النفس التحليلي لأنه يكشف الطبائع البشرية ويجعل المسلسل أكثر درامية". تشارك في المسلسل مجموعة من الفنانين السوريين ومنهم نورمان أسعد وغسان مسعود وسمير حسن وحسان يونس وغزوان الصفدي وغسان سلمان، والى جانبهم ضيوف متنوعون يحلون على كل حلقة ومنهم هاني الروماني ورفيق سبيعي وصباح بركات وصباح الجزائري وجهاد سعد... تتفاوت القصص في درجة معالجتها حياة الناس الاجتماعية، لأن الطرح يختلف بين حلقة وأخرى، سواء على الصعيد الاخراجي أو على صعيد كتابة السيناريو وكذلك حال الأدوار وطبيعة تعامل كل ممثل مع دوره. وبين الأدوار الرئيسية والدائمة في العمل تشارك الفنانة نورمان أسعد في دور ضابطة، وعن مشاركتها تقول: "أمثل في "قصص الغموض" شخصية ضابطة في عالم الجريمة، تتولى البحث مع فريق التحقيق عن أغلب الجرائم التي تحدث، في الحلقات الخمس عشرة. وهذا الدور جديد عليّ وغريب عن نمط مشاركاتي الفنية السابقة. وهو جديد على صعيد النص والتمثيل والإخراج. لدي إحساس بأنه سيكون دراما جيدة، وسيحظى بإعجاب الجمهور، لأن شاشاتنا العربية بمقدار ما تحتاج الى مسحة من الرومانسية، تحتاج الى الطابع البوليسي التشويقي. والدراما السورية قدمت الكثير من الخيارات، لكن هذا المجال بالتحديد لم ينل حقه بالمقدار الكافي". من الشخصيات الرئيسية كذلك شخصية ماهر التي يجسدها الفنان غزوان الصفدي. وعن مشاركته يقول: "أمثل دور ماهر الذي يعمل في مكتب بوليسي خاص ومختص في مجال الكومبيوتر والانترنت. فهو يجمع المعلومات التي تفيد في الكشف عن ملابسات الجريمة. وللشخصية خط إنساني يعيشه ماهر مع زميلته "ريما" ويمكن القول عنه انه جديد في الأعمال الدرامية. فعلاقة الحب التي بينهما تطرح في شكل جديد ومغاير عن العلاقة السائدة وعما تقدمه عادة الدراما". أما مخرج العمل محمد الشيخ نجيب، فيقول: "ليست المسألة بالنسبة إلي هنا التوجه نحو الاعمال البوليسية، فقد قدمت أخيراً عملاً كوميدياً "لوين" ومسلسلاً للأطفال "فكر فكر" وقبل ذلك عملاً بوليسياً تحت عنوان "المجهول"، وبعدها اقترح علي أحد الزملاء أن يكون توجهي المستقبلي نحو هذا النمط من الأعمال، لكنني أقول ان ليس في تقاليدنا الفنية ما هو من اختصاص مخرج ضمن نمط معين من الأعمال كوميدي، تاريخي، اجتماعي. وحتى اذا أردت التخصص في الأعمال البوليسية، ليس لدينا كتاب دراما بوليسية". ويضيف: "مُذ خرجت الدراما السورية ونحن في مختبر تجارب لأعمالنا. فكل المخرجين يجربون، لكن ويا للأسف لا أحد يعترف بهذه الحقيقة، والتجريب يعطي نتائح ايجابية كثيرة. أنا لا أخاف أن توجه انتقادات الى أعمالي، لأن النقد البنّاء يقدم الفائدة والمتعة، ويجعلنا نتجاوز أخطاءنا التي ارتكبناها".