لقن الاسماعيلي ضيفه الأهلي بطل الدوري درساً في فنون كرة القدم الحديثة في الاسماعيلية، وهزمه عن جدارة 4- 2 في نصف نهائي كأس مصر، في واحدة من أجمل المباريات التي شهدتها الملاعب المصرية على مدار تاريخها الطويل. الاسماعيلي ضرب عصافير عدة بهذا الفوز التاريخي الذي حول المدينة الهادئة الى ساحة صاخبة للأفراح والمظاهرات ولم تنم على مدار 24 ساعة متواصلة. وبذلك تأهل الاسماعيلي الى المباراة النهائية للمسابقة للمرة الخامسة في تاريخه، ويلتقي مساء الأحد المقبل في ملعب القاهرة المقاولون في أول النهائي يجمع الناديين، والطريف أن المهندس اسماعيل عثمان رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب هو رئيس مجلس ادارة النادي الاسماعيلي أيضاً. وسجل الاسماعيلي أيضاً رقماً قياسياً في أكبر عدد من الانتصارات لأي فريق في تاريخ الكرة المصرية خلال 14 مباراة متتالية، ولم يخسر أي مباراة على مدار الأشهر الأربعة الأخيرة. ومنذ فوزه في ملعبه على مزارع دينا 4- 1 في المرحلة ال16 للدوري في أول آيار مايو لم يخسر الفريق مطلقاً، والعجيب أن التعادل الوحيد للاسماعيلي عبر 14 مباراة، كان في بورسعيد مع المصري 1- 1 في أطار الدوري، ورأى الجميع أن لاعبي الاسماعيلي تنازلوا طواعية عن الفوز ورفض مدربهم محسن صالح - ابن بورسعيد - مرافقة الفريق خلال المباراة، ولو لعبها الاسماعيلي بجدية لفاز بسهولة وسجل رقماً "اسطورياً" في مرات الفوز المتتالية. وليس الرقم القياسي والصعود لنهائي كأس مصر المكسبين الوحيدين للاسماعيلي، ولكن عودة نجمه الأول ومعشوق الجماهير محمد صلاح أبو جريشة الى الملاعب بعد غياب طويل كان مصدر سعادة هائلة للجميع، وقلب أبو جريشة مباراة الأهلي رأساً على عقب، حيث دخل الميدان في الشوط الثاني وفريقه متأخراً 1- 2، وحول النتيجة الى فوز ساحق 4- 2. وزادت انتصارات وأفراح الاسماعيلي بتحقيق الفوز على الأهلي للمرة الثانية خلال 40 يوماً وبالعدد ذاته من الأهداف، وكان الاسماعيلي هزم الأهلي 4- 3 في الدوري في الاسماعيلية يوم 2 حزيران يونيو الماضي، واكد الاسماعيلي من خلال الفوز مرتين متتاليتين على بطل الدوري أنه أحسن فريق في مصر. وكان طبيعياً أن تنهال المكافآت على اللاعبين بعد المباراة فمنح محافظ المدينة اللواء فؤاد سعد الدين، خمسة آلاف جنيه لكل لاعب، ووعدهم بالمزيد عند إحراز كأس مصر الأحد المقبل. المباراة بدأ الاهلي المباراة بالتشكيلة ذاتها التي هزمت لوبي ستارز النيجيري 3- 1 وبقي وليد صلاح الدين على مقاعد الاحتياطي، وأجرى محسن صالح مدرب الاسماعيلي تغييراً اضطرارياً باستبعاد المحترف الغيني مامادو باكيتا وإشراك سيد معوض بدلاً منه، وتنص لائحة الاتحاد المصري على مشاركة لاعبين أجنبيين كحد أقصى في أي مباراة محلية، واختار صالح اشراك النيجيري جون اوتاكا هداف الدوري والمغربي عبدالقادر البرازي حارس المرمى، واخطأ صالح بإشراك ستة لاعبين في خط الوسط مع مهاجم واحد، الأمر الذي أفقد الفريق فاعليته وخطورته في الشوط الأول على رغم سيطرته على الكرة. وكانت البداية سريعة ومتكافئة من الجانبين مع تفوق ملموس من لاعبي الاسماعيلي في التحرك السريع والانتشار السليم والتمرير الدقيق، ولاحت للمضيف سلسلة فرص متتالية لأوتاكا المنفرد وتسديدة محمد بركات التي ردها الحارس عصام الحضري، وانتظر الجميع هدفاً لحمام ابراهيم الذي مر من مدافعي الأهلي كما يمر "السكين في الزبد"، ولكن الخروج الرائع في توقيت متقن للحضري أبقى فريقه في المباراة الى حين، وسدد محمد حمص خارج المرمى وهو على مسافة 3 أمتار فقط من الشباك، غير أن الهجوم المتواصل كان ايذاناً بإحراز هدف، وهو ما حدث في الدقيقة 19، حين تسلم محمد بركات الكرة في منتصف ملعبه تماماً وانطلق بلا رقابة حتى منطقة جزاء الأهلي وتبادل الكرة مع اوتاكا وتسلمها داخل المنطقة، وحولها بركات بلمسة ساحرة داخل شباك الحضري مفتتحاً أهداف المباراة الممتعة. لم يهنأ جمهور الاسماعيلي بالهدف إلا لدقيقة واحدة، حيث تمكن الأهلي أن يعادل من الهجمة المنظمة الأولى له في المباراة عندما تبادل علاء ابراهيم ومحمد جودة الكرة خارج منطقة الجزاء، واطلق جودة كرة قوية من 20 متراً في شباك البرازي معلنة عن الهدف الأول للأهلي. وارتفعت معنويات لاعبيه، لكن فارق السرعة بقي في مصلحة الاسماعيلي. وشهدت الدقيقة 28 حادثة غريبة عندما اعتدى هشام حنفي لاعب الاهلي على زميله المدافع شادي محمد باللكم على مرأى ومسمع من الجميع بسبب فشل الأخير في ابعاد الكرة، وجاء رد فعل حكم المباراة البرتغالي الشهير ميلو بيريرا سلبياً جداً بتحذير اللاعبين بدلاً من طرد هشام وفقاً للقانون. وعلى عكس سير اللعب فاجأ الاهلي الجميع بهدف ثان من هجمة مرتدة نموذجية في الدقيقة 32، وتفوق لاعبو الأهلي عددياً على مدافعي الاسماعيلي للمرة الأولى والأخيرة في المباراة، وانفرد سيد عبدالحفيظ بالمرمى وسجل باقتدار في شباك البرازي. الانقلاب الشوط الثاني شهد انقلاباً كاملاً في المباراة بعد نزول الفنان محمد صلاح أبو جريشة كابتن الاسماعيلي وهدافه الكبير بدلاً من المدافع حمام ابراهيم، واهتز الأهلي بعنف بخروج هشام حنفي لخلاف حاد مع مدربه بين الشوطين، واشترك حسين شكري بدلاً منه ولعب ظهيراً وانضم يوسف يعقوب الى قلب الوسط. تحكم الاسماعيلي الكرة وصنع بها كل شيء ولم يتأخر هدف التعادل كثيراً، وسجله اوتاكا في الدقيقة 57 بعدما سانده الحظ واصطدمت كرته بقدم حسين شكري مدافع الاهلي وغيّرت اتجاهها وخدعت الحارس الذي اتجه إلى المكان الصحيح. ووسط هجوم الاسماعيلي المتدفق انفرد علاء ابراهيم بالمرمى وبدلاً من التمرير لزميله المنفرد النيجيري اسحق أول لإحراز هدف سهل قرر التسديد واهدر الفرصة الوحيدة للأهلي. واسفر هجوم الاسماعيلي المتتالي عن هدف ثالث من خطأ فادح للحضري في الدقيقة 75 عندما فشل في السيطرة على تسديدة محمد حمص، وارتدت الكرة من يديه سهلة لأوتاكا أمام المرمى الخالي فلم يجد الأخير صعوبة في التسجيل. فانتعش الاسماعيلي. وحاول تسوبيل تعديل الخطة المعتمدة لكن الامور لم تسر على هواه، وتعرض سعيد عبدالعزيز للطرد في الدقيقة 77 ولعب الاهلي ناقصاً، واعترض بعدها تسوبيل على قرار الحكم وخرج مطروداً أيضاً، وهو الطرد الثاني له خلال اسبوعين. واصبحت المباراة نزهة للاعبي الاسماعيلي، وتوجها محمد بركات احسن لاعب في مصر حالياًَ بهدف رابع من تسديدة هائلة من خارج منطقة الجزاء. وهو الهدف الرابع له في مرمى الأهلي في 40 يوماً. وفور انطلاق صفارة النهاية للحكم بيريرا خرجت الجماهير من المنازل الى الشوارع. وارتفعت الأغاني للدراويش.. برازيل الكرة المصرية.