أكد الرئيس اللبناني السابق أمين الجميّل ل"الحياة" ان لا علاقة اطلاقاً لعودته الى لبنان بالانتخابات النيابية والتحالفات فيها، موضحاً ان عودته لن تؤثر في الأرض. ودعا الدولة الى ان تكون جاهزة لبلورة مشروع توافقي، من دون ان يوفر حزب الكتائب الذي اعتبره "مهمشاً واخرج نفسه من المعادلة". وكان الجميّل يتحدث أمام عدد من الصحافيين وزواره، بعد ظهر أمس في منزله في بكفيا، اثر تدشينه نشاطه في اليوم الثاني لعودته بزيارة للبطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير، على ان يزور قبل ظهر اليوم رئيس الجمهورية اميل لحود، ثم يلتقي سائر المسؤولين وبعض الفاعليات السياسية، معلناً أن قلبه مفتوح للحوار. وحرص الجميل على ان يشرح لزواره وللصحافيين انه كان ينوي المجيء بعد الانتخابات النيابية، لا قبلها، لكن ملابسات عدم مجيئه بعد الدعوة التي وجّهت اليه لحضور الذكرى الأربعين لوفاة الرئيس الراحل حافظ الأسد، وما تبعها من مواقف وتصريحات معلنة للرئيس لحود والرئيسين نبيه بري والدكتور سليم الحص والنواب، أن لا مانع أمام عودتي، "كانت ستظهر كأنني انا لا أريد المجيء. وهذا ما أدى الى التعجيل في العودة". وأضاف الجميل رداً على سؤال ل"الحياة": "فلنكن قاطعين في هذا الأمر. لم يحصل اي تفاوض أو مساومة أو كلام على تحالفات في الانتخابات في شأن عودتي، لا مع المسؤولين هنا ولا مع المسؤولين في سورية حتى بالنسبة الى الدعوة التي تلقيتها للذهاب الى القرداحة. فأنا لا أريد ان انغمس في الانتخابات وسياسة المختار والناطور وأي معركة جانبية، لأن اهتمامي الأساسي هو بالقضية الوطنية. ثم ان موقعي الطبيعي هنا في بلدي. هناك ظروف سابقة حالت دون عودتي آمل ان تزول. وأتمنى ان يحصل هذا لكل اللبنانيين. فالمخيف اليوم والذي يشغل بالي هجرة الأدمغة، والكثيرون باتوا يعتبرون أنفسهم غرباء في بلدهم. البلد يهرب من اللبناني، لا العكس وهذا خطير. وكما يقول المثل الفرنسي، هناك التصويت بالرحيل. والاحصاءات التي نقرأها من الأمن العام أو غيره تفيد ان 80 في المئة من المهاجرين هم تحت سن الثلاثين. ونحن نفتخر بالأدمغة في الخارج، لكن المهاجرين باتوا يعودون ليبيعوا املاكاً في لبنان بدلاً من أن يأتوا ليشتروا فيه كما كان يحصل. ان قوة اسرائيل هي في ان كل يهودي في الخارج يكون قلبه معها ويساعدها. بينما عندنا يذهبون بقرف من البلد وهذا مخيف. وجو القلق عند اللبنانيين الذين التقيتهم منذ عودتي كبير. وحين يهنئني الناس بالعودة اشعر كأن عودتي تبث أمل العودة لدى الآخرين... لأن اللبناني الذي في الخارج بات لا يحوّل أموالاً الى لبنان بل يرسل وراء أهله. هذا اقتلاع. الذين ولدوا في الاغتراب لا يتكلمون العربية..." وحين قال له أحد الحضور ان أبنه مرشح، ولا بد من ان تؤثر العودة في ذلك، أوضح أن "ابني مرشح وسأدعمه واذا طلب مني المساعدة فسأساعده. ولا علاقة لهذا الأمر بحسابات عودتي. بيار ابنه يدرس اين هي مصلحته وسيستشيرني. لكن اعتقد أنه أظهر كفاية وحكمة وقدرة كافية كي يأخذ قراره، وأنا معه". وقال ان عودته "لن تغير شيئاً على الأرض. وكما اسمع مما يقوله البطريرك صفير ورئيس الحكومة السابق عمر أفندي كرامي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وغيرهم فإن الأمور مبتوتة مسبقاً والمقاعد موزعة..." وعن تصوره للمرحلة المقبلة احال الجميل سائليه الى ما يعتبره ورقة عمل في كتاب صدر عن جامعة هارفارد، بعد ندوة عقدت فيها عن الوضع اللبناني شارك هو فيها، تتناول افكاره بعنوان "اعادة بناء لبنان"، ويشمل الاصلاحات الدستورية والقضاء والتربية "حيث لا يكون الولاء للطائفة والمذهب قبل ان يكون للوطن". وقال: "إن همه ان يسهم، بعد الانتخابات النيابية في الوفاق والحوار". وتمنى ألا ينظر اليه "كرجل سياسي ضمن السياسة الضيقة بل من خلال طموحي الى مشروع وطني"، قائلاً: "تذكروا اني اسست "بيت المستقبل" وكان من أهم مراكز الفكر والحوار وأمنيتي احياء روحية "بيت المستقبل". وهل يشمل هذا حزب الكتائب؟ قال: "اتمنى ذلك لكن الجميع يعرف حال الحزب. زارني أمس وفد من المكتب السياسي واتصل بي الدكتور ايلي كرامة المعارضة الكتائبية وقلبي على الحزب. هناك تقصير في قراءة دور الكتائب كما اراده بيار الجميل الأب وربما الحزب وأنا مسؤولان. ويجب ان يقوم الحزب بنقد ذاتي ووقفة تأمل. وبيار الجميل سجن مرتين في معركة الاستقلال وكان رجل حوار مع جمال عبدالناصر ومع ابو عمار، والرئيس الراحل حافظ الأسد. ومنذ تعطل دور الحزب تعطلت لغة الحوار وفقد توازنه السياسي ولم يملأ احد الفراغ بعد تهميش الحزب واخراجه من المعادلة، وبيار الجميل تحرك ضمن الثوابت حيث لم يدفع شعبه إلى الانتحار أو الاستسلام بانفتاحه". وأوضح ان لا عقدة عنده بأن يزور احداً أو يستقبل أحداً و"بيت الكتائب بيتنا وكذلك القصر الجمهوري ويدنا ممدودة للجميع". وكان الجميل زار الديمان المقر الصيفي للبطريركية المارونية. ووصل اليها بسيارته الخاصة ترافقه سيارة أمنه الخاص. وعانق البطريرك صفير قبل عقد اجتماع موسع ثم خلوة دامت نصف ساعة. وقال الجميل بعد الخلوة انه اطلع صفير "على أجوائه واطلع منه على اخر التطورات ونحن والبطريرك في الخط نفسه، خط الدفاع عن الثوابت الوطنية نفسها آملاً ان يحقق الشعب اللبناني الذي يتألم في جو من اليأس والقلق العميق ما يصبو اليه الجميع". وأمل في "ان يتعاون الجميع مع صفير بقلب مفتوح ويد ممدودة من اجل تحقيق هذه الآمال". ورحبت المعارضة الكتائبية بعودة الجميل واعتبرتها "خطوةً أولى في سبيل تحقيق المصالحة الوطنية، مرحبة بموقف الدولة اللبنانية في هذا الإطار، وطالبت "باستكمال هذه الخطوة لتشمل جميع القيادات اللبنانية وخصوصاً عودة العماد ميشال عون واطلاق الدكتور سمير جعجع للوصول الى تحقيق وحدة وطنية صحيحة". واعتبر تجمع اللجان والروابط الشعبية عودة الجميل خطوة انفراجية مهمة، وأمل "ان تكون فاتحة لعودة كل السياسيين خارج لبنان والذين ينتمون الى أكثر من تيار سياسي".