بدأت الحكومة الكويتية اتخاذ خطوات جدية نحو تقليص التقديمات الحكومية المجانية. وباشرت الحكومة أولى خطواتها بالقطاع الصحي وتنفيذ قانون التأمين الصحي على الأجانب بشكل إجباري، وذلك من خلال ربط إقامة الأجنبي بمدة التأمين الصحي كشرط أساسي. وحدد رسم قيمته 50 ديناراً قيمة وثيقة التأمين عن رب الأسرة و40 ديناراً للزوجة و30 ديناراً للأبناء الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً. وفي حال التأخر أو التهرب، يتم دفع غرامة تقدر ب25 ديناراً. وتتوقع وزارة الصحة ضمن موازنتها للسنة المالية 2000/2001 التي تقدر مصروفاتها ب314 مليون دينار، أن يتم تحصيل مبلغ 30 مليوناً كإيرادات للتأمين الصحي على الأجانب، علماً بأن عدد الأجانب يبلغ 47.1 مليون طبقاً لآخر احصائية لعام 1998. وانتقدت مصادر مسؤولة في حديثها إلى "الحياة" خطوات الحكومة تجاه تطبيق نظام التأمين الصحي بالصورة الحالية، نظراً إلى عدم وجود برنامج عمل واضح لنظام صحي متكامل وغياب عنصر الجودة والمعالجة الطبية الناجحة والامكانات الفنية والنظام المعلوماتي والتوثيقي للمرضى ومعايير محددة لآلية تلقي العلاج، إضافة إلى عدم وجود هيكل تشريعي قانوني ينظم عمل شركات التأمين الكويتية بنظام التأمين الصحي. وعزت أسباب ضعف القطاع الصحي إلى آثار الغزو العراقي وتعاقب وزراء عدة على الوزارة في فترات زمنية متلاحقة وقريبة. وانتقدت شركات ومؤسسات القطاع الخاص تطبيق النظام عليها وإلزامها دفع الرسوم نيابة عن العاملين فيها. وتقدم بعض الشركات بطلبات لإعفائه من الالتزامات المالية الخاصة بالتأمين الصحي واحتساب قيمة هذا الالتزام في السعر المقدم في المناقصات الخاصة بالعقود التي أرسيت عليه. وعلى رغم ذلك، تشدد وزير الصحة في تطبيق القانون، مشيراً إلى أن القانون يسري على العقود المبرمة قبل إقراره وبعده، موضحاً أن هناك فترة سنة كاملة قبل تنفيذ القانون، إلا أن بعض الشركات المرتبطة بعقود لدى الجهات الحكومية تجاهلت التزامها بدفع التأمين، مما ساعدها بالفوز بالمناقصات باعتبار ان سعر عطائها أقل من سعر عطاء الشركات التي أضافت قيمة التأمين. ويواجه تطبيق النظام الصحي صعوبات، إذ اشتكت غالبية مسؤولي شركات التأمين المحلية من أن تطبيق هذا النوع من التأمين جديد عليها، وليست لديها خبرة فيه، إضافة إلى أنه مشروع خاسر مالياً وإدارياً. ومن هذا المنطلق جاءت فكرة المشاركة في الكلفة المالية بين وزارة الصحة وشركات التأمين في مراحله الأولى، على أن تختفي في مراحله النهائية. وطبقاً للدراسة المعدة، فإن الوزارة ستتحمل مبلغ 152 مليون دينار كتكاليف سنوية بحيث تسترجع في السنة الأولى 32 مليون دينار و60 مليوناً في السنة الثانية و77 مليوناً في السنة الثالثة و98 مليوناً في السنة الرابعة و123 مليوناً في السنة الخامسة. وازاء الصعوبات التي تواجه وزارة الصحة مع شركات التأمين المحلية، فتح الباب أمام جميع شركات التأمين الأجنبية، بالإضافة إلى الكويتية، للدخول في هذا المجال الحيوي لإطلاق المنافسة التي يستفيد منها المقيم والمواطن على حد سواء. وضمن إطار توجه الدولة مستقبلاً بفرض رسوم على علاج الكويتيين، بادرت أخيراً بتأسيس "الشركة الكويتية للتأمين الصحي" برأس مال حكومي من مؤسسة التأمينات الاجتماعية يقدر بخمسة ملايين دينار، ويفترض ان تقوم الشركة بأعمال التأمين الصحي كافة وتقديم الخدمات الطبية الشاملة، وكذلك التأمين على الحياة.