اكدت موسكو، رداً على انتقادات اميركية الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستقباله نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز، تصميمها على مواصلة "الاتصالات الثنائية مع العراق". وعلمت "الحياة" ان الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف ناقش مع الضيف العراقي احتمال تنظيم "محكمة دولية مضادة" لإدانة المسؤولين عن استمرار الحصار على العراق. وكان السكرتير الصحافي لوزارة الخارجية الاميركية فيليب ريكر اعرب عن "استياء" واشنطن، واشار الى ان روسيا بوصفها عضواً دائماً في مجلس الامن لا ينبغي ان تستقبل مسؤولين عراقيين. ونقلت وكالة "انترفاكس" عن مسؤول في وزارة الخارجية الروسية قوله ان المطالبة بعدم استقبال مسؤولين عراقيين "تعكس موقف واشنطن" في حين ان موسكو ترى ان عليها العمل عبر "مجلس الامن ومن خلال الاتصالات الثنائية مع العراق" لإيجاد تسوية سريعة للوضع. وتساءل المسؤول عن السبب الذي جعل واشنطن تصدر تصريحها الآن وتمتنع عن اصداره في تشرين الثاني نوفمبر عام 1999 حينما قام طارق عزيز نفسه بزيارة موسكو. ومعروف ان الرئاسة الروسية آنذاك كانت ب"صديق" واشنطن بوريس يلتسن، في حين يريد الاميركيون حالياً ابداء استيائهم من خلفه فلاديمير بوتين الذي يتبع سياسة مستقلة، وبدأ في الآونة الاخيرة حملة لإقامة جسور مع بلدان تعتبرها واشنطن "منبوذة". ولفتت صحف روسية الانتباه الى تزامن زيارة طارق عزيز لموسكو مع الدعوة الى محاكمة عدد من المسؤولين العراقيين امام "محكمة دولية". وقال ل "الحياة" مصدر قريب من الحزب الشيوعي ان زيوغانوف اطلع طارق عزيز امس على جهود تقوم بها احزاب وحركات سياسية روسية لتنظيم "محكمة مضادة" في ايطاليا لإدانة الرئيس بيل كلينتون ووزيرة الخارجية مادلين اولبرايت وغيرهما من المسؤولين الاميركيين بتهمة "تجويع وقتل" العراقيين. وذكر زيوغانوف بعد اللقاء ان استمرار الحصار "عار" ودعا الى رفعه. واعرب عن تأييده سياسة القيادة الروسية الداعمة للموقف العراقي. وكان الرئيس بوتين دعا لدى استقباله طارق عزيز الى تخفيف العقوبات والغائها، واعترض على الغارات الجوية الاميركية والبريطانية، وتمنى في الوقت ذاته على بغداد الموافقة على "استئناف الرقابة" على برامج التسلّح. واشار عزيز الى ان الحصار "ألحق ضرراً بمصالح روسياوالعراق"، وقال ان "من حق العراقيين اتخاذ مواقف ملموسة" حيال هذا الموضوع. ولم يوضح المسؤول العراقي ما يقصده، الا ان خبيراً في شؤون المنطقة قال ل"الحياة" ان استئناف الرحلات الجوية الى بغداد "لا يشكل انتهاكاً للقرارات الدولية التي لم تتضمن نصاً يمنع الطيران المدني"، واضاف ان موسكو قد تنظر في "ايصال" معدات للمحطة الكهربائية في اليوسفية، الواقعة الى الجنوب من بغداد. وذكر ان لجنة العقوبات "تماطل من دون مبررات" في السماح بوصول هذه وغيرها من المعدات المدنية. الى ذلك، يطمح العراقيون ان تبدأ شركة "لوك اويل" والشركات المتعاونة معها اعمالاً اولية بموجب العقد المبرم مع العراق لاستثمار 3.8 بليون دولار في حقول "غرب القرنة 2": وكان العقد وُقّع في آذار مارس عام 1997 على ان يبدأ تنفيذه بعد رفع العقوبات. ويحصل الجانب الروسي على عائدات بموجب اتفاق "تقسيم الانتاج" لمدة 23 سنة. ومعلوم ان الشركات الروسية تلكأت في تنفيذ العقود خوفاً من توظيف اموال يصعب استردادها، ويبدو انها غيّرت موقفها اخيراً بضغط من الجانب العراقي وبسبب تغيّر موقف القيادة الروسية التي اصبحت على حدّ تعبير أحد الخبراء "اكثر ليبرالية" حيال بغداد. ويذكر ان حجم التبادل التجاري الرسمي مع روسيا عام 1999 بلغ 75.5 مليون دولار، في حين انه كان في حدود بليوني دولار عام 1989 حينما كان العراق اكبر شريك تجاري لموسكو في الشرق الاوسط. وشدد طارق عزيز اثر لقائه رئيس الوزراء الروسي ميخائيل كاسيانوف على ان بغداد تطمح الى اعادة العلاقات الاقتصادية الى الحجم الذي كانت عليه قبل الحصار.