حققت صحيفتان بريطانيتان نصراً بارزاً على أجهزة الأمن والإستخبارات، إذ حكمت محكمة الإستئناف بحقهما في رفض تسليم المحققين وثائق تتعلق بمزاعم في شأن تورط الحكومة البريطانية في مؤامرة لاغتيال الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي سنة 1996. وفور صدور الحكم، أعلن العميل البريطاني السابق ديفيد شايلر الذي كشف المؤامرة لقتل الزعيم الليبي، انه سيعود الى لندن قبل نهاية آب اغسطس المقبل. وأفادت صحيفة "الغارديان" ان شايلر الذي يعيش في المنفى في فرنسا، بعث أول من أمس برسائل الى جميع النواب البريطانيين يبلغهم فيها انه قرر العودة الى بلاده حيث يواجه حكماً بالسجن بتهمة خرق قانون الأسرار الرسمية، لأنه "وطني ليس خائناً". وشايلر عضو سابق في جهاز الإستخبارات البريطاني أم. آي. 5، وكان مسؤولاً في المكتب المكلّف متابعة الملف الليبي. وهو كشف في 1997، بعد خروجه من الجهاز، ان الإستخبارات البريطانية تورّطت في 1996 في تمويل محاولة فاشلة لقتل القذافي نفّذها إسلاميون ليبيون وقُتل فيها مواطنون أبرياء. ونفت الحكومة البريطانية مزاعمه، وحاولت محاكمته بتهمة خرق قانون الأسرار الرسمية. ففر الى فرنسا التي اعتقلته بناء على طلب بلاده التي طالبت باسترداده. لكن محكمة فرنسية رفضت الطلب البريطاني، معتبرة ان ما فعله شايلر يدخل ضمن حرّية الرأي. وشن شايلر من منفاه الفرنسي حملة مضادة على أجهزة الأمن البريطانية، مؤكداً تورطها في "مؤامرة القذافي". وهو أدلى بمعلومات في هذا الإطار لبعض الصحف، كان أكثرها أهمية كشفه إسمي ضابطين في الإستخبارات الخارجية أم. أي. 6 يُزعم أنهما تورطا في تمويل عملية الإغتيال المزعومة. وعلى هذه الخلفية، تحرّكت الشرطة البريطانية الفرع الخاص في اسكتلنديارد وحصلت على قرار من محكمة يأمر صحيفتي "الغارديان" وشقيقتها الأسبوعية "الأوبزرفر" بتسليم المحققين كل المعلومات التي حصلتا عليها من شايلر، بما في ذلك رسائل بالبريد الألكتروني بعث بها العميل السابق. ورفضت الصحيفتان القرار، لكن محكمة أعلى وافقت على طلب الشرطة التي جادل محاموها بأن معلومات شايلر "ملك الدولة" لأنه حصل عليها من خلال عمله في الإستخبارت وأمرت المطبوعتين بتسليم الوثائق والإتصالات التي تمت بينها وبينه في باريس. ورفضت الصحيفتان أيضاً التزام القرار، وأخذتا القضية الى محكمة الإستئناف، وجادل محاموها بأن كشف مصدر معلوماتها يضر بمهنة الصحافة وحرّية الإعلام. ووافق قاضي محكمة الإستئناف على موقف الصحيفتين وأيد حقها في رفض كشف مصادر معلوماتها. وأفادت "الغارديان" أمس ان شايلر قال في رسالة بعث بها للنواب البريطانيين: "إنني اؤمن ببلادي وبتقاليدها العريقة في مجال الديموقراطية البرلمانية واحترام القانون. ومن هذا المنطلق، سأقدّم أدلتي على المؤامرة الممولة من أم. آي. 5 الإستخبارات الخارجية لاغتيال العقيد الليبي القذافي الى لجنة الإستخبارات والأمن في مجلس العموم، شخصياً على ما آمل، حتى يمكن ان أُستجوب في شأنها. ليس لدي ما أخفيه". وذكرت "الغارديان" ان عميلاً سابقاً آخر في "أم. آي. 5" هو جستن ثيركل-وايت أبلغها في مقابلة انه يؤيد العديد من المزاعم التي أدلى بها زميله السابق شايلر في خصوص الفساد داخل أجهزة الإستخبارات البريطانية. وقال ثيركل-وايت، وهو موظف مصرفي حالياً، انه يستغرب عدم حصول "تحقيق جدي" في مزاعم شايلر، وانه "لا يقبل" قول وزير الداخلية جاك سترو ان المعلومات التي أدلى بها شايلر تُهدد "الأمن القومي". وقالت "الغارديان" ان جستن ثيركل-وايت كان يعمل في "الفرع تي" مكافحة الإرهاب في "أم. آي. 5" وان مهمته تمثّلت في محاولة منع وصول أسلحة وأموال الى "الجيش الجمهوري الإيرلندي" من أوروبا الشرقية والولايات المتحدة.