في اشارة اولى الى ان مفاوضات كامب ديفيد تسير كما خطط لها الجانب الاميركي، بدأت في اليوم السادس امس محادثات مكثّفة على مستوى الخبراء في اميتسبرغ مركّزة على القضايا "غير الاساسية". وكان الوفد الاميركي عقد اجتماعات ثنائية صباح امس مع كل طرف، ثم جلسة ثلاثية توزع بعض المفاوضين على مجموعات صغيرة وفق اختصاصاتها. وعكست اجواء المفاوضات نفسها على الاراضي الفلسطينية التي شهدت توتراً كبيراً نجم عن الحملة التي اطلقها اليمين الاسرائيلي والمستوطنون لتعبئة الرأي العام ضد اي "تنازلات" محتملة في القمة. التفاصيل ص3 ومع اقتراب موعد سفر الرئيس الاميركي بيل كلينتون الى اليابان تزايد الضغط على الوفدين لتحقيق تقدم "ولو غير معلن". واوضح الناطق باسم البيت الابيض جو لوكهارت "ان الاطراف تعرف جدول اعمال الرئيس وهذا يستدعي تكثيف المحادثات"، واكد ان كلينتون لا يزال على التزامه التوجه للمشاركة في اعمال قمة الدول الصناعية الثماني. وعلى رغم ان الاتصالات في كامب ديفيد ظلت بين القادة الثلاثة حصراً الا ان الوفدين الفلسطيني والاسرائيلي عقدا اجتماعات عمل موسّعة، ومنذ مساء السبت حتى ظهر امس الاحد التقى كلينتون مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك اكثر من مرة. والتقى عرفات وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت في محادثات "غير رسمية". واكدت مصادر اميركية انه جرى تخطي الاسباب التي أثارت غضب الرئيس الفلسطيني. وسألت "الحياة" الناطق باسم مجلس الامن القومي بي جي كراولي اذا كان دنيس روس التقى عرفات بعد الحادث فلم يؤكد ولم ينف. ومارس الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي لعبة تسريبات جديدة، ففيما نقل عن الوفد الفلسطيني انه "متفائل" تناقلت وكالات الانباء تصريحات لوزير الخارجية الاسرائيلي ديفيد ليفي يبدي فيه "تشاؤماً" وقلقاً من سير المفاوضات "لأن تقدماً لم يحصل بعد". ورفض الناطق لوكهارت التعليق على هذه الاجواء المتناقضة، وقال "لا أعلق على تصريحات اولئك غير الموجودين هنا". ووصف القائلين بأن المفاوضات تتأرجح بين تقدم وتعثّر ب"انهم لا يعرفون عما يتكلمون"، وقال: "القضايا صعبة وكلما جرى التعمّق فيها يتوتر الجو احياناً". اتصالات مع الكونغرس في موازاة المفاوضات بدأت الادارة الاميركية واسرائيل محادثات بعيدة عن الاضواء مع اعضاء الكونغرس الاميركي تهدف الى حشد تأييد لمساعدات اقتصادية وعسكرية اضافية لاسرائيل ومساهمة في التعويضات المادية المقرر توفيرها للاجئين الفلسطينيين في حال تم التوصل الى اتفاق نهائي. وحتى الآن تكتّمت الادارة بشأن حجم المساعدات التي يمكن ان تلتزمها حتى لا يؤدي ذلك الى اثارة الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون. ولكن تقارير قدّرت حجم المساعدات بعشرات البلايين دفعت بعض اعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ الى التلويح بأن الادارة الاميركية الديموقراطية تحاول شراء اتفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين لاستخدامه في الانتخابات الرئاسية. وفي مقابلة صحافية نُشرت امس اعلن رئيس اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية السناتور ميتش ماكونيل "انه يأمل بأن لا تسعى الادارة هناك في كامب ديفيد الى شراء اتفاق لأنها سنة انتخابات". اما النائبة الديموقراطية نانسي بيلوسي، وهي عضوة اللجنة الفرعية في الكونغرس فقالت "ان موضوع السلام يستحق المساعدات على رغم من ضخامتها". وتوقعت مصادر اميركية ان يثر الرئيس كلينتون موضوع المساعدات وطلب المساهمة مع رؤساء دول قمة الثماني هذا الاسبوع في اوكيناوا. وقالت مصادر اسرائيلية ان سفير اسرائيل في واشنطن ديفيد ايفري يجري لقاءات مكثّفة مع اعضاء الكونغرس لاطلاعهم على حاجات اسرائيل الامنية في حال تم التوصل الى اتفاق مع الاسرائيليين. وبسبب قرب الانتخابات يدخل موضوع زيادة المساعدات في السجال الديموقراطي - الجمهوري لذلك يحاول اللوبي الاسرائيلي تهيئة الاجواء بعيداً عن الاضواء خصوصاً ان تأييد اسرائيل في الكونغرس بقي حتى الآن بعيداً عن التجاذبات الحزبية. وتوقعت مصادر اسرائيلية ان يقوم الكونغرس الجديد بإقرار المساعدات بعد انتخابات الخريف. وتزامن الاعلان عن تكثيف الاتصالات مع الكونغرس مع بدء الحديث عن تقدم حاصل في محادثات كامب ديفيد. وخرجت الاتصالات الى العلن اثر اتصال باراك بالمرشحين للرئاسة آل غور وجورج بوش. كما اعلن الناطق لوكهارت ان الادارة الاميركية مستعدة للعب دور ايجابي في تأمين "المساعدات" و"المساهمة"، وان الرئيس كلينتون على اتصال مباشر مع زعماء الكونغرس. توتر بعيداً عن كامب ديفيد وكانت المعارضة الاسرائيلية شحذت قواها امس لجمع اكبر عدد ممكن من انصارها للمشاركة في التظاهرة المقررة مساء امس في ساحة اسحق رابين في تل ابيب، حتى انها ارسلت باصات لجلب انصارها من الاراضي الفلسطينية. وكانت النتيجة توتر قرب مدينة بيت لحم حيث احتل مستوطنون صباح امس تلة قرب قرية الخضر واقاموا عليها مستوطنة عشوائية جديدة قبل ان يتدخل الجيش لاجلائهم بالقوة. كذلك خيم توتر مشابه على مدينة الخليل حيث تواصلت الاشتباكات بين الفلسطينيين والمستوطنين لليوم الثاني على التوالي. لكن الوضع الاسوأ كان في مخيم قلنديا قرب رام الله حيث هاجم شبان فلسطينيون اربعة باصات اسرائيلية كانت متجهة الى مستوطنات في الضفة من اجل نقل المستوطنين الى تل ابيب للمشاركة في التظاهرة، لكنها ضلّت الطريق وبدلا من المرور عبر الطريق الالتفافي دخلت الى المخيم حيث رشقها الشبان بالحجارة قبل ان يفر سائقوها الى معسكر قريب للجيش الاسرائيلي في منطقة ساميراميس. وقال شهود ان ثلاثة باصات أُحرقت في حين حطم الباص الرابع قبل ان تصل اعداد كبيرة من الجنود الاسرائيليين الذين حاصروا المخيم تمهيدا لاقتحامه. وعلى صعيد المفاوضات في كامب ديفيد، نفت اسرائيل بشدة ما اشارت اليه مصادر فلسطينية من احراز تقدم في قمة كامب ديفيد، واكد وزير خارجيتها ديفيد ليفي ان "الاشاعات عن تقدم انطلاقاً من تنازلات اسرائيلية لا اساس لها من الصحة"، مضيفاً ان "الفلسطينيين لن يرضوا بما يقدم لهم من عروض". واستبعد الوزير لدى رئاسة الوزراء حاييم رامون التوصل الى اتفاق بسبب قضية القدس، في حين قال زعيم حزب شينوي يوسف ليبيد ان رئيس الوزراء ايهود باراك اطلعه خلال اتصال هاتفي صباح امس على ملخص للمحادثات و"لم يبد كأكثر رجال العالم تفاؤلا". وكانت المصادر الفلسطينية قالت: "اننا ننتظر مقترحات في شأن القدس واللاجئين ولا نزال نبحث في مسألة الحدود". كذلك اشار مصدر فلسطيني آخر الى ان المفاوضات "جدية". وعلى الجانب الاميركي، اعلن الناطق باسم البيت الابيض بي جي كراولي ان الرئيس بيل كلينتون باشر يومه السادس بحضور قداس الاحد قبل لقاء مستشاريه. واوضح ان "الرئيس سيصلي في كنيسة كامب ديفيد قبل ان يجتمع مع مستشاريه". وكان كراولي اعلن مساء اول من امس او الولاياتالمتحدة تعتزم تكثيف وتيرة مفاوضات كامب ديفيد في محاولة للتوصل الى اتفاق على الملفات الشائكة قبل مغادرة كلينتون الى قمة مجموعة الثماني في اليابان بعد غد. كما قررت اسرائيل خفض عدد اعضاء وفدها المفاوض على الوضع الانتقالي للاراضي الفلسطينية.