في الوقت الذي باشرت فيه اجهزة الامن المصرية جهوداً لتنفيذ قرار النيابة توقيف 8 من المتعاملين مع "مركز ابن خلدون" باعتبارهم متهمين في القضية التي يتصدرالدكتور سعد الدين ابراهيم لائحة الاتهام فيها وتضم نحو عشرة اخرين صدرت قرارات من قبل بحبسهم احتياطياً، كان ابراهيم يخضع لتحقيقات مكثفة من جانب محققي نيابة امن الدولة في حضور محاميه السيد فريد الديب. وكانت السلطات قبضت على ابراهيم بداية الشهر الجاري، واحالته على النيابة التي قررت حبسه لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات بعد ما اتهمته ب"تلقي اموال من جهات اجنبية مقابل امدادها بمعلومات مغلوطة عن الاوضاع في البلاد بما يؤثر على الموقف السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمصر في الخارج ويضر بالامن القومي للبلاد". وواجهت النيابة امس ابراهيم بأقوال بقية المتهمين في القضية وعلى رأسهم سكرتيرته السودانية الجنسية نادية عبدالنور ورئيس قسم المشاركة السياسية في المركز الباحث خالد فياض الذي كان ادلى بمعلومات تفصيلية عن انشطة المركز والجهات المانحة للاموال والاشخاص الذين التقاهم ابراهيم خلال الفترة الماضية، وطبيعة الابحاث التي اجراها المركز وتتعلق بالاوضاع الداخلية في مصر. كما عرضت النيابة على ابراهيم تقريراً عن البنك المركزي تضمن حركة ايداع وسحب الاموال من حساباته في المصارف المصرية، وآخر يتعلق بالجهات المانحة وحجم الاموال التي قدمت الى "المركز" وهيئة "هدى" ونصوص الاتفاقات بين ابراهيم وتلك الجهات، ومنها الاتحاد الاوروبي ومركز الابحاث التابع لحلف شمال الاطلسي الناتو ومؤسسات اميركية. وطلب المحققون تفسيرات عن بطاقات انتخابية مزورة ضبطت داخل المركز، جاء في مذكرة التحريات واقوال المتهمين انها تخص مشروع المشاركة الانتخابية الذي يموله الاتحاد الاوروبي. وحظيت العلاقتان بين "مركز ابن خلدون" و"مركز ابحاث الناتو" جانباً كبيراً من التحقيقات. وكان فريق من المحققين عثر اول من امس على وثيقة تتعلق بهذه المسألة اثناء تفتيش مقر المركز للمرة الثانية. ونفى ابراهيم كل التهم التي وجهت له واستغرب الحملة عليه بعد اكثر من 12 سنة مارس فيها المركز نشاطاً علنياً امام كل اجهزة الدولة، وذكر ان "مجلس الامناء" في المركز يضم شخصيات عامة بعضها من المسؤولين. ولفت الى ان الجهات المانحة للمركز هي نفسها تقوم بتقديم اعانات ومنح الى وزارات واجهزة رسمية في الدولة في شأن مشاريع تنموية واجتماعية، واستغرب الاتهامات عن تجاوزات مالية. وذكر ان المركز سدد ضرائب عن نشاطه في السنوات السابقة من دون ملاحظات من جانب اي جهة حكومية. ونفى صلته بالبطاقات الانتخابية المزورة، وقال ان مشروع المشاركة السياسية هدف من نشاطه حول الانتخابات الى تشجيع المواطنين على المشاركة فيها، واعتبر ان تلك المهمة يجب ان تقوم بها اجهزة مسؤولة في الدولة. وكان واضحاً قبل بداية التحقيق مع ابراهيم ان مسألة اطلاقه بعيدة المنال، إذ كانت النيابة باشرت مساء الثلثاء تحقيقات مع متهم جديد في القضية استمرت حتى الصباح هو المحامي ايمن ابو جبل الذي تولى مسؤولية الشؤون القانونية في المركز وانتهت الى حبسه ايضا لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق، مما رجح ان يتخذ القرار نفسه بالنسبة الى رئيس المركز وهو المتهم الاول في القضية. ووجهت النيابة الى ابو جبل ثلاث تهم هي: "الاشتراك مع سعد الدين ابراهيم وآخرين في الاستيلاء على مبالغ مالية من جهة اجنبية باستخدام اساليب احتيالية عن طريق التوقيع على شيكات وهمية وإعداد كشوف وبطاقات انتخابية مزورة، والاشتراك في تزوير البطاقات الانتخابية وتلقي اموال من جهات اجنبية بقصد الإضرار بمصلحة قومية للبلاد". ونفى ابو جبل التهم، وقال ان عمله كان يقتصر على تحرير العقود المبرمة بين المركز مع الجهات الاخرى والاشراف على مشروع "قروض الفقراء" الذي كان المركز ينفذه في المحافظات المختلفة ورفع قضايا ضد المتأخرين عن السداد في المواعيد. وكشف ان المتهمة نادية عبدالنور كانت طلبت منه التوقيع على شيكات مسحوبة على بنك مصر الدولي فرع المعادي فرفض، لكن الدكتور إبراهيم تدخل في الامر وابلغه "انها السبيل الوحيد لصرف رواتب العاملين في المركز"، وذكر المتهم ان عبدالنور طلبت منه تفريغ كشوفاً انتخابية لدوائر تقع في محافظة الدقهلية في مقابل منحه 120 جنيهاً فشرع في التنفيذ على اساس انها مسألة ادارية لكنه توقف بعدما طلبت منه تحرير شيكين خاصين بتلك العملية. ونفى المتهم صلته ب"هيئة دعم الناخبات" وقال انه تردد على مقر الهيئة لتغيير المسمى القانوني للهيئة من مؤسسة مدنية الى جمعية اهلية خاضعة لقانون الجمعيات الاهلية الا ان صدور الحكم الاخير للمحكمة الدستورية بعدم دستورية القانون المذكور تسبب في وقف السير في تلك الاجراءات، وطلب المحامي عبدالمنعم عبدالمقصود الذي حضر التحقيق اطلاق موكله على اساس انتفاء صلته بالتجاوزات التي رصدت في اعمال المركز، وان عمله اقتصر على الامور القانونية، وسلم المحامي النيابة مستندات عن نشاط المتهم وطلب مقارنة خطه بالخط الذي وجد على بعض البطاقات الانتخابية. واصدرت النيابة قراراً باستدعاء الكاتب علي سالم والمخرج سامح بهلول لسماع اقوالهما كشاهدين حول فيلم "ادخل شريك.. شارك" الذي كتبه الاول واخرجه الثاني، واعتبر دليل اتهام ضد ابراهيم والعاملين في المركز. كما باشرت اجهزة الامن جهوداً لتوقيف 8 متهمين اخرين صدر قرار من النيابة بمثولهم للتحقيق كمتهمين في القضية بعد ما تبينت مشاركتهم في الابحاث التي اجراها المركز في بعض المحافظات المصرية.