بدا ان النيابة المصرية تسعى الى تجهيز ادلة اتهام جديدة ضد رئيس "مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية" الدكتور سعد الدين ابراهيم، بعدما انتشرت اشاعات في الاوساط المصرية امس عن قرب اطلاقه. وزادت دائرة المتهمين في القضية بعد ما حققت النيابة امس مع اخرين وردت اسماؤهم في التحقيقات. واصلت نيابة أمن الدولة العليا في مصر امس التحقيقات مع عدد من العاملين والمتعاملين مع "مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية" ورئيسه الدكتور سعد الدين ابراهيم في حين انتهى فريق من المحققين من درس حركة الاموال التي اودعت في حسابات المركز والعاملين فيه في المصارف المصرية او التي تم وضعها في مصارف في الخارج. وسرت اشاعات عن قرب اطلاق ابراهيم على أساس أن فترة الحبس الاحتياطي التي قضاها منذ تم القبض عليه بداية الشهر مكنت السلطات من السيطرة على "مركز ابن خلدون" و"هيئة دعم الناخبات" المعروفة باسم "هدى" ومصادرة كل الاوراق والمستندات وديسكات الكومبيوتر والابحاث التي اعدها المركز والهيئة والشيكات التي صدرت من جهات اجنبية لصالحهما، مما يعني ان وجوده طليقاً لن يؤثر على التحقيقات مستقبلاً. لكن مصادر مطلعة اكدت ان مصير ابراهيم سيحدد بحسب ردوده على المعلومات التي ستواجهه بها النيابة والتي اتت عن طريق المضبوطات واقوال بقية المتهمين في القضية،خصوصاً المسؤول عن النشاط السياسي في المركز الباحث خالد فياض الذي تبين انه كان يتعاون مع اجهزة الامن منذ فترة، وانه امدها بمعلومات تفصيلية عن نشاط المركز وابراهيم. وبدا ان النيابة تسعى الى تجهيز اكبر قدر من الادلة الثبوتية ضد ابراهيم وسكرتيرته السودانية الجنسية نادية عبدالنور خليل التي قبض عليها في اليوم نفسه الذي تم فيه توقيف رئيس "مركز ابن خلدون"، حتى يكون مبرر تمديد فترة حبس الاثنين احتياطياً مرة اخرى مبررا. واستأنف المحققون امس الاستماع الى اقوال المتهم ايمن ابو جبل المسؤول عن الشؤون القانونية في المركز، والذي نفى صلته بأي انحرافات مالية او تجاوزات ارتكبها العاملون في المركز وهيئة "هدى". وقال انه يعمل في المركز بموجب عقد عمل وان مهمته تقتصر على الدفاع عن المركز في القضايا التي ترفع ضده وكذلك اقامة دعوى قضائية عند الضرورة. ونفى السيد عبدالمنعم عبدالمقصود ان تكون التحقيقات مع موكله ابو جبل تناولت علاقته بجماعة "الاخوان المسلمين"، مؤكداً ان موكله لا صلة له بالجماعة. وكانت النيابة امرت بضبط ابو جبل باعتباره متهماً في القضية واخضعت النيابة امس اثنين آخرين من المتعاملين مع المركز لتحقيقات جديدة، وهما وردة باهي ومحمد سامي حول الامور المالية في "مركز ابن خلدون" وهيئة "هدى". وواجهتهما بشيكات وقعا عليها بدل رئيس المركز. ومن جهته توقع المحامي الديب إطلاق موكله في غضون ساعات مؤكداً أن التهم التي وجهت إليه "لا تستند إلى أدلة"، وأشار إلى أنه سيفندها أمام النيابة أثناء جلسة التحقيق مع ابراهيم المتوقع أن تجري بعد غد الأربعاء. واستغرب الحديث عن توجيه تهمة "تلقي رشوة دولية" إلى إبراهيم. وقال: "تلك التهمة في قانون العقوبات تعني التعامل مع دولة أو جهة أجنبية وتلقي أموال منها مقابل الإضرار بمصالح مصر القومية وهذا ما لا ينطبق على حال موكلي الذي تعامل وفقاً لعقود واتفاقات مكتوبة مع مؤسسات معترف بها ولها فروع في مصر وتتعامل مع أجهزة في الدولة في مجالات التنمية كما تعاملت مع مركز ابن خلدون وقدمت له منحاً مقابل إعداد أبحاث علمية في مجالات مختلفة". وعن مخالفة "مركز ابن خلدون" الأمر العسكري الصادر في تشرين الأول اكتوبر 1992 بحظر تلقي أي جهات غير رسمية في الدولة إعانات من الخارج، أوضح الديب أن الحظر "صدر بعد أيام من وقوع الزلزال وانتشار ظاهرة توجيه نداءات من جهات عدة لقبول التبرعات لتوزيعها على المتضررين وهذا لا ينطبق على "مركز ابن خلدون" الذي قام بعمل أبحاث علمية انتهى بعضها إلى نتائج لا تتفق مع وجهة النظر الحكومية، فهل في ذلك جريمة؟". واعتبر أن الحديث عن تزوير الانتخابات "ليس تهمة"، لافتاً إلى أن صحف المعارضة "تكتب كل يوم عن مسألة التزوير، كما أن محكمة النقض قضت بعدم صحة عضوية أكثر من مئة من أعضاء مجلس الشعب البرلمان". وأكد الديب أن فيلم "ادخل شريك.. شارك" الذي اعتبرته النيابة دليل اتهام ضد ابراهيم "كان سيهدى إلى التلفزيون المصري ليبثه ضمن برامج التوعية"، ووصفه بأنه "لا يختلف كثيراً عن الأفلام التسجيلية التي تنتج للترويج لفكرة تنظيم الأسرة وتحديد النسل". ورأى أن الحملة على ابراهيم "تصب لمصلحة الجماعات الإسلامية المتطرفة التي ناصبت مركز ابن خلدون منذ تأسيسه العداء"، وتناول الاتهام الموجه إلى موكله في شأن أبحاث تتعلق بالأقليات في الوطن العربي، وتساءل "من منا لا يعلم أن كل الحروب التي خاضتها الدول العربية اسفرت عن استشهاد 150 ألف شخص في حين أن النزاعات العرقية حصدت 500 ألف قتيل، ومن ينكر وجود مشاكل عرقية في السودان والعراق ولبنان"، وفي شأن قضية الاقباط اعتبر المحامي أن صدور قرار رسمي بإلغاء قانون الخط الهمايوني الذي يتعلق ببناء وترميم دور العبادة "دليل على أن نشاط مركز ابن خلدون في ذلك المجال لا يمثل خرقاً للقانون"، مشيراً الى أن الوصايا التي نادى بها موكله "هي نفسها التي كانت وضعتها لجنة برلمانية برئاسة الدكتور جميل العطيف العام 1972 ولم يتحقق منها شيء". وتناول المحامي تهمة "الاحتيال على جهات اجنبية"، وتساءل: "هل هناك اي جهة من تلك الجهات قدمت بلاغاً ضد ابراهيم؟"، واعتبر ان الامر على ذلك النحو "يعني خلقاً لجريمة غير موجودة من الاساس"، موضحاً ان كل جريمة "يجب ان يكون فيها جان ومجني عليه".