} بات حزب العمل المصري المعارض يواجه حالا من الخلاف الشديد بين تيار بقيادة رئيسه ابراهيم شكري وتيار آخر بقيادة امينه العام عادل حسين الذي عمد الى استصدار بيان وقعه 25من اعضاء المكتب السياسي يعتبر خطوة شكري التصالح مع منشقين ليبراليين والغاء التحالف مع جماعة "الاخوان المسلمين" خطوة لاغية ولا قيمة لها. تفجر الخلاف بين رئيس حزب العمل المصري المعارض المهندس ابراهيم شكري، والأمين العام السيد عادل حسين إثر اصدار المكتب السياسي برئاسة الأخير بياناً اعتبر فيه أن اتفاق شكري وحمدي أحمد "جزء من المؤامرة" ضد الحزب. وينص الاتفاق الذي وقعه شكري مع أحمد على "رفض التحالف مع أي قوى تتعارض مع الشرعية، وتشكيل لجنة لإدارة الحزب تحت رئاسة شكري، تضم في عضويتها 21 من أنصار الأطراف المتصارعة"، وهي إشارة الى إلغاء التحالف السياسي مع جماعة "الإخوان المسلمين". وكان مقرراً إعلان الاتفاق أمس في مؤتمر صحافي يعقده شكري وأحمد، غير أنه اتفق على ارجائه حتى اجتماع اللجنة التنفيذية التي ستنعقد بدعوة من رئيس الحزب لإطلاعها على هذه التطورات قبل إعلانها رسمياً. ودخل الحزب بهذه التطورات مرحلة دقيقة ستحدد مصيره، في ضوء نتائج اجتماع اليوم، إذ يمثل ملف التحالف مع "الإخوان"، والإصرار على بقاء التشكيلات القيادية القائمة جوهر الخلاف الذي ربما يسفر عن انقلاب داخل الحزب، في اتجاه اطاحة رئاسة شكري أو استبعاد أنصار "التحالف". ويقود عادل حسين الاتجاه المؤيد لاستمرار التحالف كونه أعاد صوغ سياسات الحزب في العام 1987، واعطائه الطابع الإسلامي واستبعاد المفاهيم الاشتراكية. ونجح في اقصاء مخالفيه، وتشكيل هيئات قيادية مؤيدة له. غير أن حمدي أحمد شدد على أن "الاتفاق لا يهدف الى التخلي عن المفاهيم الإسلامية"، وقال ل"الحياة" إن "كل الأطراف تسعى الى استبعاد عناصر التشدد والأفكار المتطرفة، وتبني المبادئ الحقيقية للإسلام، الداعية الى العدل الاجتماعي والمساواة والتسامح، وفي مواجهة العولمة الشرسة، والتصدي للغزو الثقافي الاميركي - الصهيوني، وحركة التغريب التي تتغلغل في عقول الشباب العربي". وعقد المكتب السياسي للحزب اجتماعاً مساء أول من امس برئاسة حسين، ولم يشارك فيه شكري، وعُلم أن المجتمعين انتقدوا بشدة اتفاق رئيس الحزب مع منافسه أحمد، واقترح بعضهم دعوة اللجنة العليا الى اقالت "بتهمة خروجه عن خط الحزب وقرارات مستوياته القيادية". واصدر المكتب السياسي بياناً يشير الى انقسام في الكتلة "الاسلامية"، إذ اعتبر أن "الاتفاق المفاجئ والذي أدخل تعديلاً على التشكيلات القيادة للحزب وصحيفته، يمثل ذروة المؤامرة التي تحيط بحزب العمل، بهدف إسكات صوته، وصرفه عن رسالته الاسلامية والوطنية". ولفت البيان إلى أن "أي اتفاق مع حمدي أحمد منعدم أو لاغي، ورغم أن المهندس ابراهيم شكري هو الرئيس الشرعي المنتخب، لكن صلاحياته مقيدة، ولا يملك بأي حال إقرار تعديلات على هياكل الحزب، إلا وفقاً للوائحه الداخلية. واللجنة التنفيذية اصدرت قرارات ملزمة، لا يجوز لرئيس الحزب الخروج عنها بمفرده". وشدد المكتب السياسي على أنه "لا يجوز أن يقرر رئيس الحزب أي موافقات، ولا حتى اقتراحات، بإدخال أي تغييرات في بناء الحزب، ولا بإضافة أعضاء جدد من خارجه، ولا بالاستغناء عن بعض المرتبطين بهم". وانتهى البيان الى أن "مشروع الاتفاق فاقد لأي شرعية، ولا يلزم إلا الموقعين عليه، والحزب باقٍ بمؤسساته المنتخبة الشرعية". ووجه المكتب السياسي وفداً برئاسة عادل حسين إلى شكري في منزله عقب الاجتماع لإبلاغه القرارات الأخيرة، ودعوته الى اجتماع اللجنة التنفيذية، كان مقرراً عقده أمس، غير أنه رفض الحضور، واقترح تعديل موعده الى اليوم، لإتاحة الفرصة لمزيد من المشاورات مع بقية قادة الحزب. وقال شكري ل"الحياة" إن "بيان المكتب السياسي متسرع، ولا يراعي الظروف المحيطة بالحزب وصحيفته أو يتفهمها"، ولفت إلى أن "الانتخابات البرلمانية على الأبواب، وعلينا الحفاظ على كيان الحزب وإعادة إصدار الصحيفة، وهناك متنازعون على الرئاسة، والسيد حمدي أحمد عقد مؤتمراً، توافرت له بعض الجوانب القانونية، ويجب الاتفاق معه، حسب قرار لجنة الأحزاب". ورداًَ على سؤال في شأن استبعاد حسين وأنصاره، وتغيير الهياكل القيادية، قال شكري: "نحن لا نستبعد أحداً، ولكننا نحافظ على كيان الحزب، ودوره المطلوب في المرحلة المقبلة"، وزاد "رفضت دائماً فصل أي عضو من الحزب، واسعى الآن الى استعادة القيادات المؤسسة، والتي تم استبعادها من صفوفنا". وكان حسين نجح في استصدار قرار عقب المؤتمر العام السابق في نيسان ابريل الماضي، بفصل حمدي أحمد من عضوية الحزب، وتجميد أعضاء قياديين آخرين، شككوا في نتائج الانتخابات الداخلية، واتهموا الأمين العام وأعوانه بتزويرها لإبعاد معارضي التحالف مع "الإخوان" عن مناصبهم، والانفراد بقيادة الحزب. وفي إشارة واضحة إلى التباين مع حسين، قال شكري "توجهت إلى المدعي الاشتراكي، وفوجئت بعدم إخطار الجهات الرسمية تعديل اللائحة الداخلية للحزب، أو تغيير اسمه، وأشياء أخرى، كان يجب عليهم الأمين العام القيام بها، وكنت هناك في التحقيقات بمفردي، كوني الممثل القانوني للحزب أمام السلطات". والمعروف أن تقرير لجنة الأحزاب المحال على المدعي الاشتراكي للتحقيق، وردت فيه إشارة الى تبني قيادة الحزب إجراءات وتدابير من دون إخطار السلطات المعنية، ودخول عناصر غير شرعية الإخوان المسلمين الى الصفوف القيادية للحزب، وكتابة مقالات في صحيفتها بالمخالفة للقانون. ويشار الى أن اتفاق شكري مع أحمد يعني ضمنياً إلغاء التشكيلات الحالية للحزب، وينص على تعيين رئيس تحرير جديد لصحيفة "الشعب"، له كل الصلاحيات، إلى جانب الرئيس الحالي مجدي أحمد حسين الذي يقضي حالياً عقوبة السجن بعد إدانته بقدح وذم نائب رئيس الحكومة وزير الزراعة الدكتور يوسف والي. وعُلم أن القائمة المقترحة من شكري للجنة إدارة الحزب، تتكون من 11 عضواً من بينهم ابراهيم جميل أبو علي وصلاح القفص واسمهان شكري وعماد محجوب وحامد زيدان، غير أن الأخير قام بالتوقيع على بيان المكتب السياسي المناهض للاتفاق، فيما قرر شكري بصفته رئيساً للحزب ضم ستة من أنصار حمدي أحمد وهم عبدالله أبو الحسن وابراهيم الشريف وعزت عابدين وأحمد حسين وهانم طوبار ونجاح العشري. وتوقعت مصادر أنصار حسين أن يواجه شكري موقفاً صعباً في اجتماع اليوم على خلفية مشاركة 25 عضواً في اجتماع المكتب السياسي، قاموا جميعاً بالتوقيع على البيان، وهم يمثلون حوالي نصف اعضاء اللجنة التنفيذية، وبدأوا تحركات داخل الحزب لحشد أنصارهم في مواجهة التطورات الأخيرة. غير أن أنصار شكري أشاروا الى أن قرار لجنة الاحزاب منح حق حل أزمة الحزب، وإلى المتنازعين على رئاسته مما يعني أن اتفاقهم سيعد إجراءً نهائياً، لا يتطلب موافقة جهات أخرى داخل الحزب، قبل عرضه على اللجنة للتأكد من مطابقته لمبدأ "الاتفاق بالتراضي أو بالقضاء"