يعتبر "ملتقى الشرقية الثقافي"، أحد أهم الصالونات الثقافية النسائية في المملكة، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى مكان انعقاده في مدينة الدمام، إحدى مدن المنطقة الشرقية السعودية. ويعقد ملتقى الشرقية في صالون سارة الخثلان، المضيفة الدائمة لفاعلياته التي تقام أول أربعاء من كل شهر هجري، منذ أربعة أعوام. ومعلوم ان سارة الخثلان هي احدى الشاعرات السعوديات المعاصرات، ويعد صالونها الثقافي النسائي الاقدم من نوعه بين مثيلاته التي انتشرت في المدن السعودية الكبرى اخيراً، وبينها صالون سلطانة السديري حيث ملتقى الأحد الشهري في الرياض وملتقى جدة الثقافي. ولملتقى الشرقية أهميته وقيمته الثقافية وتنوعه وثراؤه كونه يختلف عن الملتقيات الثقافية الأخرى بتعدد فاعلياته في الجلسة الواحدة، فيما تقتصر الملتقيات الأخرى على برنامج واحد وتكون جلساتها محدودة، ما يجعل الحضور أحياناً، مرتبطاً بطابع الجلسة، فتغيب حاضرات وتأتي أخريات حسب اهتماماتهن. وملتقى الشرقية تحضره سيدات من أجيال نسائية مختلفة بين شابات ومتوسطات ومتقدمات في العمر، ومثقفات عربيات أيضاً. وفي بداية الجلسة، توزع الخثلان وابنتاها الصغيرتان ديمة ورزان وبعض الحاضرات، أوراقاً مطبوعة بالكمبيوتر، بديعة الشكل والتصميم، هي عبارة عن جدول الأعمال الذي يكون مقسماً إلى عدد من الفروع، لكل فرع زمنه المحدد من الجلسة، فهناك الفرع التربوي ويتناول دراسة في مجال التربية والتعليم وما شابه ذلك. ومما تناوله الملتقى في جلساته السابقة في هذا المجال: صعوبات التعلم، مفاتيح النجاح، وموضوعات أخرى. وأما فرع الشعر الذي يتوسط الجلسة فلا يستضيف فيه الملتقى أكثر من ثلاث شاعرات في كل جلسة تخصص لكل منهن عشر دقائق لقراءة الجديد من نصوصهن. وأما فقرة "قراءة كتاب الشهر" فتقدم من خلالها احدى الحاضرات دراسة عن كتاب قرأته في أي مجال فكري أو أدبي وله من وقت الملتقى عشرون دقيقة، ويليه فرع الفن التشكيلي، ويستضيف فنانة تشكيلية أساسية وأخرى احتياطية، وتقدم الفنانة في عشر دقائق بعض أعمالها مع عرض فني مميز تحاور فيه الحاضرات في أعمالها التي تعلق كل لوحة منها بالتتابع على جدار خصص للوحات مع جهاز العرض الضوئي. وأما آخر الفروع فخصصته سارة الخثلان للمواهب الشابة في شتى مجالات الابداع وتُقدم خلاله موهبتان كل شهر. وللموهبات، خصصت الخثلان نصف ساعة تشجيعاً لهن وإنماء لبذرة العطاء الإبداعي في نفوسهن. واستضافت سارة الخثلان في صالونها الشهر الجاري، شخصية تربوية مهمة هي لينا الأبيض مديرة مركز الطفولة المبكرة وهي معدّة برامج ومدربة معلمات مرحلة الطفولة المبكرة في جمعية فتاة الخليج في الخبر منذ عام 1987. وقدمت الأبيض ورقة قيّمة عنوانها: "استراتيجيات تعليم فاعلة: النظرية والتطبيق"، استعرضت من خلالها حقيبة "هنا نقرأ" نموذجاً لاستراتيجية تعليم فاعلة. وتقدم الحقيبة مبادئ القراءة للمبتدئين في مرحلة الطفولة المبكرة. وهي حصيلة تجارب وخبرات وتساؤلات تدور في الأذهان حول موضوع القراءة. وفي الملتقى الأخير أيضاً، استضافت الخثلان شاعرات منهن: ريم الكيال، وقرأت شاعرتان تكتبان القصيدة العامية هما: هيفاء خالد وسلام عبدالعزيز، بعض قصائدهما. وأما كتاب الشهر فكان دراسة لرواية "البحر البحر" للروائية الانكليزية ايريس مردوخ قدمتها شمس المؤيد وهي مثقفة مهتمة بالبحث في الرواية. وخلالها، عرفت المؤيد بالرواية وبالأسلوب الروائي فيها، ثم طرحت سؤالاً هو خاتمة دراستها: "ما الذي أرادت أن تقوله الرواية؟" وكانت اجابتها طرحاً لعدد من الأسئلة عن الرواية وتفاصيلها. وأوضحت شمس المؤيد سبب اختيارها الرواية عرفت بالكاتبة ودورها كواحدة من رواد الرواية الجديدة ما بعد منتصف القرن العشرين. وفي فرع الفن التشكيلي، قدمت الفنانتان عصمت المهندس وبدرية الناصر عملين من أعمالهما عبرا كثيراً عن بيئة المكان والألعاب الشعبية المشهورة التي كانت تلعبها البنات في المنطقة الشرقية. ويذكر أن ملتقى الشرقية الثقافي دشن الشهر الجاري موقعاً له على الانترنت تحت اسم ديمراز سارة الخثلان: ديمة ورزان، وعنوانه هو SALOON @ HOTMAILI.COM 444. ومن خلاله يتم نقل فاعليات الملتقى ونتاج المبدعات المشاركات فيه. وفيما يحتفل بعامه الرابع، أعلن الصالون عن جائزة تقديرية يقدمها هذا العام في فروع الابداع ومنها القصة والرواية والشعر والنقد الأدبي والفني والفن التشكيلي. وطرحت للمسابقة شروط منها: ان المسابقة تقتصر على النساء كون الصالون نسائياً، ولا تشترط سناً محددة لكن تشترط المشاركة بعمل جديد. ولم يعد الملتقى مجالاً للثقافة والابداع فحسب بل مساحة للتخطيط والتنمية الاجتماعية، واستشراف مستقبل المرأة السعودية انطلاقاً من حاضرها الذي يبدأ من طفولة مقبلة ينبثق معها جيل أكثر تمكناً وانفتاحاً وتحفزاً للمساهمة في التنمية الاجتماعية محلياً وعالمياً.