اعتبر وزير الثقافة والإعلام الفلسطيني ياسر عبدربه ان المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تسفر عن أي نتيجة، مستبعداً القمة الثلاثية بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود باراك والرئيس الأميركي بيل كلينتون، نظراً للهوة الواسعة بين المواقف الفلسطينية والإسرائيلية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال ندوة عقدت في باريس، نظمها وزير الخارجية السابق هيرفي دوشاريت الذي يترأس المعهد الأوروبي المتوسطي، بالاشتراك مع صحيفة "لوموند دبلوماتيك" التي يرأس تحريرها آلان غريتس. وأشار إلى أنه سبق لعرفات أن صرح بأنه لن يتوجه إلى واشنطن للتفاوض، وإنما لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، في حين ان الإسرائيليين يدعون "اننا إذا ذهبنا إلى واشنطن فإن القضايا ستجد طريقها إلى الحل". وأضاف: "نحن في المرحلة الحالية لا نؤمن بالمعجزات، خصوصاً وأن خبرتنا على مدى السنوات السبع الماضية مع الإسرائيليين، والأخيرة منها مع باراك، تؤكد أنهم لم ينفذوا ما التزموا به". وذكر عبدربه ان باراك تعهد في شرم الشيخ بتنفيذ ما كان بنيامين نتانياهو وافق عليه، لكنه لم ينفذ أي شيء. وقال إن الإسرائيليين يفكرون بوضع إعلان مبادئ يتناول القضايا المختلفة، أي قضايا القدس واللاجئين والحدود والوضع النهائي، باعتباره إطاراً للاتفاق، لكنه أشار إلى ضرورة اعطاء هذا الاتفاق تطبيقاً على الأرض. وتابع ان الجانب الفلسطيني يريد تفصيلاً لجميع المواضيع المطروحة على جدول أعمال المفاوضات ووضع آلية لها وآلية لمراقبة وضمان تنفيذها، مطالباً الجانب الأميركي بالقيام بدور الضامن لتنفيذ الاتفاقات. ومضى يقول إن الإدارة الأميركية أكدت أنها تنوي انجاز الاتفاق قبل انتهاء ولاية كلينتون، وأنه ينبغي عدم ترك مسألة التطبيق للإسرائيليين أو الفلسطينيين بلا ضمان لئلا تحصل كارثة. وقال عبدربه إن إسرائيل تعتبر دائماً أن الشعب الفلسطيني يمثل تهديداً أو خطراً استراتيجياً وديموغرافياً على إسرائيل، وان هذا التخوف أساسي في التعامل الإسرائيلي مع الموضوع الفلسطيني. وأكد ان الفلسطينيين سيعلنون دولة ليس في صورة رمزية وإنما في صورة حقيقية. ورأى عبدربه أنه ينبغي أن يكون هناك حل حقيقي لموضوع القدس، وان يكون التعايش في المدينة، إذ أن أي حل ينص على سيطرة أحد الأطراف على الآخر لا يقر بالحقوق المتساوية، هو حل مرفوض. وتمنى ان تكون التجربة المستقبلية في المفاوضات مختلفة "إذ أن الوضع الآن في مرحلة حاسمة، وأنه ينبغي تصحيح ما جرى في الماضي، وإذا كان هناك رأي عام إسرائيلي صعب، فإن عرفات أيضاً يواجه رأياً عاماً يتوقع منه أن يقدم حلاً له". وتحدث خلال الندوة وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين، الذي قال إن فرنسا التي ستترأس الاتحاد الأوروبي ابتداء من نهاية الأسبوع الحالي، ستبذل كل جهدها لدى الأطراف في المنطقة، وستقوم بحوار سياسي بين مختلف هذه الأطراف وداخل الاتحاد الأوروبي لتسهيل الأمور. وقال إن من مصلحة إسرائيل أن تقوم دولة فلسطينية قوية ومستقرة. ووصف الوضع الحالي لمسيرة السلام بأنه صعب جداً. وقال إنه ينبغي القيام بعمل كبير لحلحلته. وبالنسبة إلى المسار السوري - الإسرائيلي، قال فيدرين إن هناك مجالاً لايجاد حل ودفع المواقف نحو التطابق، وان الحل ليس مستحيلاً وان هناك مرحلة ترقب جديدة في سورية ولكنها ايجابية وليس هناك مبرر لاعتبار ان الرئيس المرشح الدكتور بشار الأسد لن يواصل على نهج الرئيس الراحل حافظ الأسد. وذكر ان فرنسا على استعداد تام للمساعدة. وأضاف ان الانسحاب الإسرائىلي من جنوبلبنان نفذ بشكل جيد على رغم وجود بعض نقاط الاحتجاج، وان لدى اللبنانيين مخاوف يعبرون عنها. وقال المبعوث الأميركي السابق إلى الشرق الأوسط روبرت بيللترو خلال الندوة، إن الوضع الداخلي الأميركي حالياً بطيء بالنسبة إلى اتخاذ القرارات، إذ ان مجلس الشيوخ الجمهوري لا يريد ترك أي فرصة للإدارة الديموقراطية في البيت الأبيض لتحقيق أي انجاز. وأضاف ان فريق البيت الأبيض لا يريد اعطاء أي مكسب للجمهوريين، إذ أن الانتخابات الرئاسية قريبة جداً، وهذا ما يفسر عدم مشاركة كلينتون في تشييع الأسد، لأنه لو كان شارك لكان تعرض لانتقادات من الجمهوريين، مشيراً إلى ان المرشح الديموقراطي للرئاسة آل غور والسيدة هيلاري كلينتون، المرشحة لمجلس الشيوخ، لم يريدا ان يواجها مشاكل من جراء هذه المشاركة. وتابع ان ترشيح السيدة كلينتون في نيويورك زاد المشكلة، إذ أن الاقتراع اليهودي في المدينة مهم جداً. وأضاف انه على رغم كل ذلك، فإن لدى كلينتون رغبة كبيرة بتحقيق تقدم في عملية السلام، وهو مستعد للقيام بالكثير بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ أنه يريد ترك أثر تاريخي لإدارته بعد انتهاء ولايته الرئاسية الثانية، وهو، مثل باراك، متحمس جداً لعقد قمة فلسطينية - إسرائيلية، وهناك مجال للتفاوض مع عرفات الذي يحتاج إلى هذه القمة. ورأى بيللترو ان هناك دوراً مهماً لأوروبا وفرنسا تلعبانه في إطار المفاوضات، خصوصاً مناسبته لاستخدام العلاقة الممتازة بين كلينتون والرئيس الفرنسي جاك شيراك. ومن جهته، قال المبعوث الأوروبي إلى الشرق الأوسط ميغيل انخيل موراتينوس إن الاتحاد الأوروبي يعمل من أجل ايجاد صيغ واقتراحات قد تسهل التوصل إلى حلول على المسار السوري - الإسرائيلي بعد تولي القيادة الجديدة للسلطة في سورية. وأضاف ان الاتحاد يبحث عن كيفية مساعدة جنوبلبنان على إعادة الإعمار. وتحدث مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال افريقيا السفير ايف اوبان دولامبسوزبير ونظيره الروسي الكسندر سالتانوف والنائب الإسرائيلي يوسي كاتز حزب العمل ومدير المركز الإعلامي في القدس غسان الخطيب والصحافي البريطاني باتريك سيل. واعتذر عن عدم الحضور المتحدثان السفير لدى الجامعة العربية في لندن غيث ارمنازي وعميد كلية العلوم الاجتماعية والاقتصادية في المعهد الكاثوليكي في باريس جوزيف مايلا، اللذان كان مقرراً أن يدليا بمداخلتين من وجهتي النظر السورية واللبنانية حول مسيرة السلام. ويعتقد أنهما لم يرغبا في المشاركة في ندوة يشارك فيها إسرائيليون. وحضر الندوة كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية والرئاسة وعميد السلك الديبلوماسي العربي السفير المصري علي ماهر السيد والمفوضة الفلسطينية ليلى شهيد وعدد من الديبلوماسيين، منهم سفير فرنسا في كندا دونيه بوشار، في السفارات الأوروبية والأجنبية المهتمين بشؤون الشرق الأوسط. وقال دولا يسوزيير في كلمته انه ينبغي على الحكومة اللبنانية ان تتحمل مسؤولياتها في ضمان أمنها في الجنوب وأن قوات الطوارئ الدولية ليست قوة ردع ولا قوة فصل وليس بإمكانها أن تحل محل السلطة اللبنانية. ورأى ان الانسحاب الاسرائيلي أمر جيد ولكن الانسحاب ليس سلاماً والسلام لا يمكن أن يكون بمثابة حالة عدم تدخل. اضاف ان فرنسا حرصت لذلك على أن يتضمن البيان الرئاسي الذي صدر عن مجلس الأمن، تأكيداً لضرورة التوصل الى سلام شامل في الشرق الأوسط.