لندن - "الحياة" - عثر مسؤولو الجمارك البريطانيون امس على 58 جثة لمهاجرين غير شرعيين من الشرق الاقصى مكدسين في شاحنة مسجلة في هولندا كانت متوقفة في مرفأ دوفر، ويرجح انهم قضوا اختناقاً داخل الحاوية التي كانت تقلها الشاحنة. وأثارت المأساة المروعة استياءً كبيراً في بريطانيا التي تشهد منذ شهور عدة جدلاً عنيفاً حول مشكلة اللجوء وسبل التصدي للهجرة غير الشرعية. وقال رئيس الوزراء طوني بلير ان الحادث يؤكد مخاطر الاتجار المنظم لنقل طالبي اللجوء. كما عبرت المفوضية الاوروبية عن "صدمتها العميقة"، ودعت اوروبا الى تحمل "مسؤولياتها". وقال وزير الداخلية البريطاني جاك سترو في تصريح صحافي "انه حادث مرعب حقاً. انا مذهول امام هذا العدد من الارواح التي زهقت". واكد ان "الحكومة مصممة على مواصلة مكافحتها لهذه التجارة الفظيعة التي تقوم على هذا النوع من التهريب ولا يقيم المسؤولون عنه اي اعتبار للحياة البشرية". وعثر على جثث 54 رجلاً واربع نساء جميعهم من البالغين قبيل منتصف الليل خلال عملية تفتيش روتينية في منطقة الرسو في المرفأ. وقال ناطق باسم الشرطة انه تم العثور على شخصين لا يزالان حيين داخل الشاحنة ونقلا فوراً الى المستشفى للمعالجة، موضحاً ان حالتهما ليست خطرة. اما سائق الشاحنة، وهو هولندي، فقد اوقف وشرعت الشرطة باستجوابه. وقال ناطق باسم وزارة الداخلية "يبدو ان الضحايا جميعاً من الشرقيين من شرق آسيا، واذا نظرنا الى اعداد طالبي حق اللجوء في هذا البلد نجد ان غالبية الشرقيين صينيون. لكن يتعين التأكد من ذلك". وكان اللاجئون في شاحنة التبريد التي يبلغ طولها 18 متراً ومسجلة في هولندا. وعبرت الشاحنة بحر المانش من مرفأ زيبروغ البلجيكي الى دوفر على متن معدية. وقالت الشرطة انها كانت تحمل كميات من الطماطم. وافادت التحقيقات الاولية ان الضحايا توفوا مختنقين داخل الحاوية المحكمة الاغلاق ربما بسبب غاز ثاني اوكسيد الكربون، خصوصاً ان الحرارة وصلت اول من امس الى 30 درجة مئوية. واوضح مسؤول في ادارة الجمارك ان نظام التبريد داخل الشاحنة، حيث كان المهاجرون مكدسين، لم يكن يعمل لان نقل الطماطم لا يحتاج الى تبريد. واضاف ان الشاحنة لم تكن تنقل شحنة كبيرة ولم يكن المهاجرون مكدسين في القسم الخلفي من الشاحنة. ورداً على سؤال، قال بلير في البرتغال حيث يشارك في قمة الاتحاد الاوروبي ان حكومته اتخذت سلسلة من الاجراءات "في محاولة لمنع بعض الاشخاص من ادخال اشخاص آخرين سراً الى بريطانيا". وقال الناطق باسم المفوضية الاوروبية على هامش القمة ان "اوروبا لا يمكن ان تقف مكتفة الايدي امام مأساة كهذه ولدينا مسؤوليات"، مؤكداً ان "المفوضية تصر على معالجة مسألتي اللجوء والهجرة على المستوى الاوروبي". ويعتبر مرفأ دوفر من الاهم في بريطانيا، ويسلكه معظم المهاجرين غير الشرعيين في محاولتهم لدخول الاراضي البريطانية. وخلال شهر آب اغسطس الماضي وحده اعتقل 1130 مهاجراً غير شرعي، بينما سجل اعتقال 3212 طوال السنة الماضية. ويتحدر المهاجرون غير الشرعيين عادة من دول يوغوسلافيا السابقة ورومانيا وافغانستان وسريلانكا والعراق وايران وزائير والكونغو. وفرضت الحكومة البريطانية غرامات في وقت سابق هذا العام على الاشخاص المتورطين في تهريب مهاجرين بشكل غير مشروع الى داخل البلاد في محاولة للحد من هذه العمليات. وتحول موضوع الهجرة غير الشرعية الى جدال داخلي حاد حيث تتهم المعارضة المحافظة حكومة بلير بالتساهل مع المهاجرين خلسة. واعلنت وزارة الداخلية الفرنسية امس ان ندوة حول مجموعات تسهيل الهجرة غير المشروعة ستعقد في باريس في 21 تموز يوليو المقبل بمبادرة من رئاسة الاتحاد الاوروبي التي ستتولاها فرنسا اعتباراً من الاول من الشهر المقبل. واوضحت الوزارة ان ممثلي دول الاتحاد الاوروبي ودول اوروبا الشرقية المرشحة للانضمام الى الاتحاد والولايات المتحدة وكندا وسويسرا سيشاركون في هذه الندوة التي تهدف الى تعزيز التعاون في مجال مكافحة مجموعات تسهيل الهجرة ومراقبة الحدود.