ظهر جلياً امس، تباين في مواقف بريطانياوفرنسا ودول في شرق اوروبا حيال قضية المهاجرين، فيما دعت الترويكا الأوروبية (فرنساوألمانياوبريطانيا) الى اجتماع وزاري اوروبي لمناقشة المسالة، في حين اتخذت دول في شرق اوروبا اجراءات لوقف تدفق المهاجرين من الشرق الأوسط وشمال افريقيا. واعتبرت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي إن نظام الهجرة في أوروبا غير صالح وإن نظام منطقة شينغن الذي يلغي الرقابة على الحدود بين دول المنطقة، هو السبب في تفاقم أزمة المهاجرين، وطالبت بتشديد قواعد الاتحاد الأوروبي المتعلقة بحرية الحركة. وكتبت ماي في صحيفة «ذا صنداي تايمز» امس، ان نظام شينغن الذي لا تشارك فيه بريطانيا، أجج أزمة المهاجرين. ورأت ان «هذه المآسي تفاقمت نتيجة النظام الأوروبي الذي يلغي الحدود كما بدأت الدول الأوروبية تدرك على نحو متزايد». يأتي ذلك في وقت تواجه أوروبا أسوأ أزمة مهاجرين منذ الحرب العالمية الثانية. ولقي آلاف حتفهم في رحلات محفوفة بالأخطار بحراً وبراً إلى القارة الأوروبية فراراً من الحرب والفقر. وعثر هذا الأسبوع على جثث 71 مهاجراً من بينهم رضيعة داخل شاحنة تبريد مهجورة في النمسا كما عثر على أكثر من مئة مهاجر قتيل جرفتهم المياه إلى الشاطئ في ليبيا بعد غرق قارب مزدحم وهو في طريقه إلى أوروبا. وتدرس بعض الدول الأوروبية تعديل نظام شينغن للتنقل الحر في اوروبا، لكن المفوضية الأوروبية وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد تصر على أنه ليست هناك حاجة لتغيير القواعد سواء لتطوير الإجراءات الأمنية أو لمواجهة المهاجرين. في المقابل، اتهم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس دول شرق أوروبا وخصوصاً هنغاريا، بتبني سياسة «مخزية» تجاه اللاجئين بما يتعارض مع مبادئ الاتحاد الأوروبي. وقال فابيوس لإذاعة «أوروبا 1» انه «في ما يتعلق بكل هؤلاء الذين يطردون من بلدانهم لأسباب سياسية، ينبغي أن نكون قادرين على الترحيب بهم. يتعين على كل دولة أن تستجيب ذلك. فرنساوألمانيا ودول أخرى استجابت، لكنني عندما أرى دولاً بعينها لا تقبل هذه المجموعات فإنني أجد ذلك مخزياً». وزاد: «في دول بعينها في شرق أوروبا يتعاملون بقسوة. هنغاريا جزء من أوروبا التي لها قيم ونحن لا نحترم هذه القيم عندما نضع الأسيجة». وتبني هنغاريا وهي جزء من منطقة شينغن حيث يمكن التنقل من دون حاجة الى جواز سفر، سياجاً على طول حدودها مع صربيا لاحتواء ما تعتبره خطراً على أمن أوروبا ورخائها وهويتها. وقال فابيوس إن هنغاريا: «لا تحترم القيم المشتركة لأوروبا لذا ينبغي أن تتناقش السلطات الأوروبية في شكل جدي وربما صارم مع مسؤوليها». وتقدر المنظمة الدولية للهجرة أن ثلث مليون شخص عبروا البحر المتوسط حتى الآن هذا العام للوصول إلى جنوب أوروبا. وظهرت صعوبة في الوصول إلى سياسة مشتركة في حزيران (يونيو) الماضي، عندما رفض زعماء بغضب اقتراحاً من رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر يقضي بقبول حصص ملزمة لتوزيع طالبي اللجوء الذين يتدفقون على اليونان وإيطاليا. وقال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف في بيان مشترك مع نظيريه من بريطانياوألمانيا، إنهم طلبوا عقد قمة طارئة لمناقشة الهجرة خلال الأسبوعين المقبلين. وأضاف البيان أن الوزراء الثلاثة «شددوا على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة التحدي الذي يشكله تدفق اللاجئين». وإلى جانب تدابير اتخذتها هنغاريا، تعتزم هولندا تشديد سياستها في شأن اللجوء لقطع إمدادات الغذاء والمأوى عن الأشخاص الذين لا يؤهلون كلاجئين. وسيمنح من يفشلون في الحصول على وضع لاجئ مأوى «لأسابيع قليلة» محدودة بعد رفض طلباتهم، وإذا لم يوافقوا على العودة لأوطانهم فستقوم السلطات إما بترحيلهم أو إبعادهم ليتولوا أمر أنفسهم. واعتباراً من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، يريد الائتلاف الحكومي الذي ينتمي إلى تيار اليمين الوسط بقيادة رئيس الوزراء مارك روته الذي يتنافس على الأصوات مع حزب «خيرت فيلدرز» المناهض للهجرة والذي يتمتع بشعبية كبيرة، أن يغلق 30 مأوى بها طعام وأماكن للنوم والاستحمام في الأقاليم حيث كان طالبو اللجوء يستطيعون حتى الآن الحصول على المساعدة على أساس الحاجة. وأضافت لجنة الأممالمتحدة للقضاء على التمييز العنصري صوتها إلى المنتقدين للسياسة الهولندية يوم الجمعة الماضي، مشيرة الى ان الاحتياجات الأساسية للمهاجرين ينبغي أن تلبى من دون شروط. في بودابست، اعلنت الشرطة امس، انها اعتقلت مشبوهاً خامسا بلغاري الجنسية على علاقة بقضية الشاحنة المتروكة على حافة الطريق في النمسا والتي قتل فيها 71 مهاجراً اختناقاً. وأوضحت الشرطة في بيان انها تحقق مع «مواطن بلغاري في شبهة ارتكابه جريمة اتجار بالبشر». ومثل اربعة رجال هم ثلاثة بلغار وأفغاني أوقفوا الجمعة في هنغاريا في سياق التحقيق حول الشاحنة التي عثر عليها في النمسا، السبت امام محكمة مدينة كيسكيميت الواقعة في منتصف الطريق بين بودابست والحدود الصربية. ويشتبه القضاء بأنهم «الأيدي المنفذة» لعصابة اتجار بالبشر وطالبت النيابة بإبقاء المشبوهين الأربعة قيد التوقيف بسبب «الطبيعة الاستثنائية» للجريمة. ووضعوا قيد الحبس الاحتياطي حتى 29 ايلول (سبتمبر) المقبل. وتشير عناصر التحقيق الأولية الى ان القتلى ال71 الذين عثر على جثثهم وقد بدأت تتحلل في الشاحنة في شرق النمسا قضو اختناقاً، وهم 59 رجلاً وثماني نساء وأربعة اطفال يرجح أنهم لاجئون سوريون. وأعلنت الشرطة النمسوية السبت، انها اعترضت شاحنة جديدة تقل مهاجرين متجنبة مأساة جديدة مرتبطة بأزمة الهجرة غير الشرعية. وأضافت الشرطة في بيان انه تم اعتراض الشاحنة صباح الجمعة في غرب النمسا وعلى متنها 26 مهاجراً غير شرعي بينهم ثلاثة اطفال يعانون جفافاً ووصفت حالتهم بأنها «سيئة جداً». وزادت: «تم نقل الأطفال الثلاثة الى المستشفى بسبب وضعهم الصحي البالغ السوء. وأفاد الأطباء بأنه تمت معالجتهم من جفاف حاد». والشاحنة التي اوقفتها الشرطة بعد مطاردتها كانت تقل «26 اجنبياً في وضع غير قانوني» اتوا من سوريا وبنغلادش وأفغانستان قالوا انهم يريدون التوجه الى ألمانيا.