تأخرت اجراءات التثبت الدولي من اكتمال الانسحاب الاسرائيلي من جنوبلبنان، مرة أخرى أمس، وبالتالي تأخر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في هذا الشأن الى مجلس الأمن الدولي. راجع ص4 واستبعدت اوساط الأمانة العامة ان يتمكن انان من ابلاغ مجلس الأمن بالتثبت من اكتمال الانسحاب الاسرائيلي قبل اليوم السبت، لكنها تركت الباب مفتوحاً على احتمال حصول ذلك غداً الأحد وربما الإثنين. وأصدر الناطق باسم الأمين العام بياناً قال فيه ان انان "يعتبر ان الأطراف سارت شوطاً طويلاً: اسرائيل نحو استكمال انسحابها، ولبنان نحو إعادة بسط سيادته واستعادة سلامة أراضيه"، وانه يأمل ب "استكمال هذه العملية بأسرع ما يمكن"، وانه "مستمر في متابعة التطورات عن كثب". واوضح البيان ان "الأممالمتحدة أنهت من جهتها مهمات تحديد الخط ورسمه على الأرض لتتمكن من التحقق من الانسحاب الاسرائيلي من لبنان. وبدأت عملية التحقق واصدر الأمين العام تعليماته الى يونيفيل لاستكمال مهماتها بصورة عاجلة ملحة إذا أمكن خلال فترة ال24 ساعة المقبلة". واضاف "ان عملية التحقق هي مسؤولية يونيفيل وحدها لكن المهمة تتطلب التعاون التام من الأطراف، والأمين العام على ثقة بتلقي هذا التعاون". واتخذت مشكلة قرية الغجر بعداً سياسياً سبب معضلة للجميع نظراً الى تاريخها وانتماءات سكانها. وقالت مصادر مطلعة ان اسرائيل غاضبة من كيفية تناول الاممالمتحدة لهذه القرية علماً بأن الخط العملي للانسحاب الذي اعتمدته الاممالمتحدة وفقاً لحدود 1923 يشق القرية الى ثلث يبقى في أراضي الجولان المحتل، الذي اتخذت اسرائيل قراراً غير معترف به دولياً بضمه، بينما عاد الثلثان الآخران من القرية الى لبنان. وحسب هذه المصادر، ضمت سورية قرية الوزاني المجاورة الى قرية الغجر عام 1963 بصورة غير رسمية باعتبار سكانها سوريين، الى حين احتلال اسرائيل للجولان. وبعد اجراءات الضم طلب سكان القرية، وهم سوريون علويون، الجنسية الاسرائيلية بحسب ما ابلغت اسرائيل الى الاممالمتحدة. وبالتالي فإن سكان الغجر، الذين يبلغ عددهم نحو 1700 شخصاً، هم سوريون يحملون الجنسية الاسرائيلية. ومع شق القرية جزأين برزت مشكلة مصير هؤلاء الذين يقعون في ثلثي القرية في النطاق اللبناني طبقاً لخط الانسحاب الذي تمسكت به الاممالمتحدة في كل الاحوال. وحسب المصادر، لا أحد يريد التحدث عن هذه المشكلة من الدول والأطراف المعنية ما يثير قلقاً كبيراً لدى الأوساط الدولية "ولا أحد يريد مشكلة انسانية بغض النظر عما اذا كان هؤلاء عملاء أم لا". وتبحث الاممالمتحدة عن حلول لهذه المشكلة لئلا تفجر الأوضاع وبما يسمح بتطبيق القرار 425 بحذافيره وفق خط الانسحاب المعتمد. وحسب بعض الافكار، فإن أفضل الحلول هو ان تأخذ اسرائيل على عاتقها نقل هؤلاء السكان من ثلثي القرية في النطاق اللبناني الى الداخل الاسرائيلي، لكن السكان، حسب المصادر، يقاومون مغادرة قريتهم. وبين الأفكار المتداولة، ان تسعى الأممالمتحدة الى تفاهم مع الحكومة اللبنانية على أن تدخل القوات الدولية الشق اللبناني من القرية مع تأخير وضعها تحت سلطة الجيش الى حين ايجاد حل للمشكلة "بأسرع ما يمكن". وحسب المصادر، فإن استعادة لبنان السلطة التامة على مصدر المياه في الوزاني مع ثلثي القرية أمر تصر عليه الاممالمتحدة نظراً الى تمسكها بخط الانسحاب الذي لا يشكل ترسيماً للحدود الدولية، وتأكيدها ان ترسيم الحدود من شأن الدولتين المعنيتين. مشاكل التثبت من الانسحاب وكان الجانب الاسرائيلي استمهل فريق قوات الطوارئ الدولية والخبراء الدوليين في اجراءات التثبت هذه، اعلن الناطق باسم قوة الطوارئ الدولية تيمور غوكسيل ان "أعمال التحقق من الانسحاب الاسرائيلي الى ما وراء الخط الأزرق الذي حددته الأممالمتحدة أرجئت الى اليوم السبت على الجانب اللبناني من الحدود بعدما تطرق لبنان الى مسائل فنية تتعلق بطريقة التحقق من الخط الحدودي بين البلدين". وفي وقت استأنفت فرق التثبت عملها على الجانب الاسرائيلي بعد ظهر أمس، عزا مصدر لبناني رسمي عدم متابعة الاجراءات من الجانب اللبناني، الى اسباب عدة منها الألغام التي كانت زرعتها اسرائيل والتي طلب نزعها في الأرض اللبنانية. ونسبت "فرانس برس" الى ضابط لبناني قوله ان الخبراء اللبنانيين طالبوا بأن تكون العلامات التي وضعتها الأممالمتحدة واضحة "لأننا لا نريد التوجه الى امكنة الخلاف من دون ان نتمكن من رؤيتها في شكل واضح". وقال المصدر اللبناني الرسمي ل"الحياة" انه طلب من الأممالمتحدة تأمين ممرات آمنة للوصول الى الحدود الدولية ريثما تنزع الألغام، واعتبر "ان إبقاء اسرائيل حقول الألغام يعني استمرار الاحتلال لقسم من أرضنا، وطلبنا الاستعانة بخبير طوبوغرافي مزود اجهزة متطورة تساعد على التدقيق في تثبيت الحدود، فاستجيب طلبنا وسينضم الخبير الى الفريق الدولي في الساعات المقبلة". من جهة اخرى، لمست اوساط سياسية رفيعة قريبة من الحكم، "تبدلاً جذرياً" في الموقفين الفرنسي والاميركي من موضوع ارسال الجيش اللبناني الى الجنوب. وفي هذا الاطار اكد السفير الاميركي ديفيد ساترفيلد لدى زيارته رئيس الجمهورية اميل لحود أمس، ان بلاده "لا تربط مساعداتها للبنان، ومساهمتها في تنظيم مؤتمر الدول المانحة لمساعدة لبنان اقتصادياً، بموضوع ارسال الجيش الى الجنوب، بل هي تثق بقدرة السلطة اللبنانية وخياراتها للحفاظ على الأمن والاستقرار في الشكل الذي تريده خصوصاً بعد النجاح في ضبط الأمن في الجنوب بعد الانسحاب". وفي واشنطن قالت وزارة الخارجية الاميركية ان الاممالمتحدة ستؤكد قريباً انسحاب اسرائيل تطبيقاً للقرار 425 متوقعة ان تسارع الحكومة اللبنانية بعد ذلك الى تثبيت سلطتها في الجنوب والى "تعاون مكثف" مع قوات حفظ السلام يونيفيل من اجل العودة الفعلية للسلطة اللبنانية الى الجنوب. واوضح مصدر في الخارجية ان الاممالمتحدة تقوم حالياً بالتأكد من ان الانسحاب الاسرائيلي ينسجم مع الخط العملي الذي حدده مبعوث الامين العام. من جهة اخرى، أكدت مصادر مطلعة ان جولة الأمين العام كوفي انان التي تبدأ يوم الجمعة المقبل في الشرق الأوسط للبحث في ملف الانسحاب الاسرائيلي من لبنان بموجب القرارين 425 و426، ستشمل ايران الى جانب السعودية ولبنان وسورية ومصر والأردن واسرائيل.