شهدت الفترة الاخيرة عدداً من الخطوات الجدية لاستيعاب الشباب السوري، خصوصاً خريجي الجامعات، للتكنولوجيا، وتطوير قدراتهم للدخول الى العولمة ولعب دور فاعل فيها، في ضوء تجاوز عدد خريجي الجامعات والمعاهد نصف مليون طالب. واثمرت هذه الخطوات سريعاً اذ اظهر "المعرض السادس لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات" شام 2000 اهتماماً متزايداً من "الاسرة السورية" لا سيما جيل الشباب بزيارة المعرض والاستفسار عن كل ما هو جديد، حيث تجاوز عدد الزوار 75 الفاً، شكل الشباب اكثر من ثلثيهم. ويعزو المختصون ذلك الى "البرنامج الوطني لنشر المعلوماتية" الذي بدأ في السنوات الاخيرة واتاح الفرصة لجميع المواطنين لتعلم "لغة العصر" مجاناً، واثمر عن تدريس ما يزيد على 150 الف مواطن غالبيتهم من جيل الشباب. وترافق ذلك مع اصدار الرئيس حافظ الاسد المرسوم 152 لعام 1997 الخاص بتدريس المعلوماتية في الجامعات والمعاهد السورية والذي اعتبر خطوة مهمة لتوطين المعلوماتية. وجاء "شام 2000" الذي شاركت فيه اكثر من 312 جهة على مساحة تبلغ 36 الف متر مربع ليحدد خيارات الاجيال ويشبع الحاجة المتعطشة للعلم والمعرفة الرقمية. يقول طارق 19 سنة "اتبعت دورات في الكمبيوتر والبرمجة لمدة سنوات غير اني لم اكن على اطلاع على مستلزمات الكمبيوتر والتطورات التقنية الحقيقية كافة، واتاح لي المعرض فرصة لرؤية احدث ما توصلت اليه التكنولوجيا في هذا المجال وايضاً الاستفسار عن كل ما اثار فضولي، الامر الذي شجعني على متابعة ما كنت بدأته". وتتملك الشباب السوري حماسة قوية للتعامل مع التكنولوجيا لا سيما شبكة الانترنت المتوافرة لقطاعات معينة وغائبة بالنسبة الى الشريحة الاكبر، لذلك غصت "مقاهي الانترنت" التي خصصت لهذا الغرض في المعرض بآلاف الشباب الذين انتظروا دورهم للابحار في عالم الدهشة والمعرفة. واعلن مسؤولون "ان الانترنت سيتوسع ليشمل 100 الف خط ويصبح متاحاً للجميع". وقال زياد 22 سنة "بعدما كنا نسمع عن الانترنت في وسائل الاعلام العالمية صار الآن جزءاً من حياتنا" لافتاً الى ان المعارض التي تقيمها "الجمعية العلمية" في نيسان ابريل من كل عام ساهمت كثيراً في تمهيد الارضية العلمية والتقنية لدخول العولمة الالكترونية. واللافت في معرض هذا العام هو اقبال "الاسرة السورية" على شراء أجهزة الكمبيوتر التي شهدت منافسة في الاسعار من الشركات المشاركة. وصرح منظمو المعرض "ان مبيعات جناح التسوق زادت 75 في المئة عن العام الماضي"، وقال مسؤول في محل لاجهزة الكمبيوتر باع عشرين جهازاً في غضون ايام المعرض "كان هناك حماسة للمعلوماتية، ولم يعد الجهاز حكراً على طبقة معينة بل اكتشف العديد ان بامكانهم شراء جهاز بخمسمئة دولار وبالتقسيط". والاكثر تميزاً في "شام 2000" كان مشاركة الشباب السوري في جناح المبادرات الفردية حيث تم قبول خمس عشرة مبادرة عرض لابداعات الشباب في مجال البرمجة الالكترونية. فعرض الشاب مثنى ابو صالح "انترنت روبوت"، عبارة عن "رجل آلي" يعمل بجموعة من برامج الذكاء الصنعي ويقوم باغراض الحراسة واعطاء الصلاحيات وذلك من خلال تمييزه الوجوه والصوت او قراءة بطاقة الذكاء الصنعي او البصمات واعطاء صلاحيات دخول او صرف نقدي او اتصال. كما يعمل هذا الروبوت كمحطة طرفية على شبكة LAN محلية او WAN بعيدة حيث يقوم بادخال المعطيات ومقارنتها بقواعد البيانات الخاصة به لتحديد الهويات ومن ثم تمرير اوامر الصلاحيات وتنفيذها. واشار ابو صالح "يمكن اضافة مهام له حسب الغرض او الوظيفة من خلال استخدام المخارج والمداخل المنطقية المتوافرة فيه والتي تصل الى 512 دخلاً وخرجاً منطقياً". وللروبوت وظيفة اخرى اذ يمكن ومن خلال الانترنت الدخول الى موقعه ومن أي مكان في العالم كما يمكن اضافة او تغيير الذكاء الصنعي الخاص به وتكليفه مهام جديدة حسب الغرض عبر الانترنت، لذلك سمي "انترنت روبوت". وعرض الشابان موسى بابا دكيس وعبدالسلام الباشا برنامجاً توثيقياً يؤرشف لحياة المجاهدين ضد الاحتلال الفرنسي لسورية. وعرضت الشابتان فدوى صافية والهام القاسم برنامج "اتمتة اعمال مختبر تحاليل طبية" يقوم بتنظيم اعمال المختبر من خلال ارشفة كاملة للتحاليل مع طباعة للتقرير والمجال الطبيعي مع تقارير للمواد المنتهية وحركة المواد خلال فترة من الزمن واحصائيات كاملة لمريض او للمرضى كافة،اضافة الى حسابات كاملة للمختبر والشركات المتعاملة معه وذاتية كاملة للموظفين. وقدم محمد بشير مؤذن ووسام العموري برنامجاً سياحياً عن سورية: "حاولنا ان نبدع شيئاً عن هذا الكم الهائل من التراث، عبر سنة ونصف السنة تناقشنا كثيراً وتحدثنا مع الخبراء حول اكثر من 150 موقعاً اثرياً في سورية وتم ادخالها كمرحلة اولى مع الكثير من التقاليد الشعبية والصناعة اليدوية واستعنا بأكثر من ثلاثين مرجعاً وقرابة الف صورة". ولفت اختراع الشاب عبدالوهاب رجب الذي ادخل "برامج المعلومات والتربية الصحية" لطلاب الصف الاول الابتدائي اهتمام شريحة من الاهل والاساتذة. ويتناول فيه منهاج مادة العلوم باسلوب تعليمي شيق يعتمد الصوت والحركة. ويتضمن كل درس تدريبات تعزز من ادراك الطالب لمحتويات الدرس، وتم التركيز بشكل كبير على التوجيه بالصوت "لان التلميذ في هذه المرحلة لا يستطيع قراءة كل الجمل المكتوبة لكن باسلوب الحركة نجعله يتابع الدرس بشكل ممتع".