أجمع الخبراء العرب والاجانب على دعوة المسؤولين والموظفين السوريين الى "استغلال فرصة" اهتمام الرئيس حافظ الاسد ونجله الدكتور بشّار ب "تعميم المعلوماتية في كل انحاء البلاد"، وذلك في ختام اعمال ندوة "المعلوماتية في التعليم العالي والبحث العلمي" التي نظمتها "الجمعية العلمية للمعلوماتية" في الاسبوع الماضي على هامش معرضها السنوي "شام 98". وهذه "التوصية" هي الوحيدة التي لم ترد في البيان الختامي للندوة، على عكس التوصيات الاخرى التي تتعلق بضرورة زيادة الانفاق على البحث العلمي واحداث صندوق وطني لدعم الابحاث وتمويلها وخلق مناخ مناسب لانتشار المعلوماتية عبر خفض كلفة الاتصالات وحماية الملكية الفكرية. وكانت الندوة اظهرت "جيلين" من الموظفين. الاول، خائف من المعلوماتية وفتح البلاد امام عالم الانترنت لأن ذلك يؤدي الى حصول اختراق ثقافي. والثاني، يطالب بقوة بدخول عالم المعلوماتية وتعميم الانترنت على المواطنين مستنداً الى "ثقافة عربية قوية لن تهتز ولن تتعرض للغزو الثقافي". لكن هذا الجدل العلني يعكس جدلاً في العمق بين جيل يخاف على مواقعه لانه غير قادر على استيعاب التكنولوجيا وآخر طموح لايجاد موقع له... عبر المعلوماتية. وبدا ذلك واضحاً في المناقشات، ففي مقابل الحجج العلمية التي كان يسوقها الخبراء لاهمية "مواقع الانترنت والمعلومات" كان موظفون يدافعون عن "مواقعهم الادارية" تحت اي حجة. ومن الاسباب التي لجأ اليها مسؤول ان "الانترنت تؤذي البشرة وتؤدي الى العزلة". وتساءلت وزيرة التعليم العالي الدكتورة صالحة سنقر: "كيف يمكن نقل طالب جامعي اعتاد على اسلوب التلقين، الى عالم المعلوماتية والحوار وتوجيه الاسئلة؟". وقال الخبير عماد مصطفى في احدى المحاضرات: "ان سورية ترسل خبراء لتعلّم المعلوماتية في الخارج، لكن المشكلة ان اصحاب القرار الاداري أميّون في المعلوماتية وغير قادرين على اتخاذ القرارات المناسبة"، في حين قال الخبير الاميركي الدكتور احمد قاسم: "يجب استغلال فرصة اهتمام الرئيس الاسد والدكتور بشّار بالمعلوماتية لادخالها الى كل بيت في كل انحاء البلاد". وبعد وفاة أخيه الاكبر في كانون الثاني يناير 1994، ترأس الدكتور بشار "الجمعية العلمية للمعلوماتية" لتشجيع دخول الكومبيوتر الى المؤسسات الحكومية. واشرف على برنامج وطني عام لانشاء مراكز للكومبيوتر في المناطق كافة ومعاهد لتدريس استخدامه بأسعار رمزية، فيما اصدر الرئيس الاسد نهاية العام الماضي مرسوماً رئاسياً لتدريس المعلوماتية في الجامعات السورية. وكان الدكتور بشّار متحمساً لادخال التكنولوجيا الى عمل الحكومة، لكن امام الفجوة بين الواقع المتطور عالمياً والمتخلّف محلياً، عمل على نقل البلد مع التكنولوجيا خطوة خطوة. اذ ان "الجمعية المعلوماتية" و"المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية" الحكومية تشرفان على مشروع وطني لربط 250 مؤسسة حكومية بعقدة تؤدي الى… السباحة في فضاء المعلومات. وتشرفان بالتزامن مع ذلك مع برنامج وطني للبريد الالكتروني، على ان يدمج المشروعان لحظة اتخاذ القرار السياسي بالسماح للمواطنين بالنهل من عالم الانترنت.