بفارق اثنتي عشرة ساعة، أعلن كل من رئيس الدولة العبرية عزرا وايزمان ووزير المواصلات اسحق موردخاي استقالتيهما من منصبيهما. وفيمايواجه الوزير تهمة الاعتداء الجنسي على ثلاث نساء مما قد يقوده الى السجن او عقوبة اخرى موازية في حال ادانته، فإن وايزمان سيتفرغ لشيخوخة مريحة كما قال بعد ما خدم "الدولة" أكثر من ستين عاماً قدم خلالها ولدا فقده في الحروب مع العرب. وأعلن وايزمان انه سيقدم استقالته خلال ستة اسابيع. وجاء ذلك بعد لقاء مع رئيس الكنيست ابراهام بورغ الذي حثه على ذلك وابلغه انه لن يتمكن من "منع الكنيست من التقدم بطلب لإقالته اذا توفرت غالبية تطالب بذلك، وعليه فإن الاستقالة أفضل من الإقالة سواء للرئيس ام للمستوى السياسي لحزب العمل" الذي كان اخر مجالات الانتماء الحزبي للرئيس. هذه الكلمات دفعت وايزمان للتراجع عن تصلبه في رفض الاستقالة ومواجهة الاتهامات ومحورها، تلقي أموال من صديقه اليهودي الفرنسي ادوارد ساروسي منذ العام 1984 لدعم الحزب الذي شكله وايزمان في حينه "ياحد"، ثم كتبرعات شخصية بلغت الملايين. ولم يبلغ وايزمن مصلحة الضرائب بأي من الاموال التي "استخدمت لحاجات" شخصية. ومع ان المستشار القضائي للحكومة، الياكيم روبنشتاين والنائبة العامة عدنا اربيلي قررا عدم تقديم لائحة اتهام ضد وايزمان لأسباب عدة، منها عدم كفاية القرائن ولتآكل التهمة بالتقادم، فإن القناعة كانت تامة في اسرائيل بأن وايزمان ارتكب مخالفة وليس بريئاً. ولم يعد بالتالي أمامه من خيار سوى الاستقالة. وقرر رئيس الكنيست عقد جلسة في الاول من آب اغسطس لانتخاب رئيس جديد. والمرشح الأقوى هو وزير التعاون الاقليمي، شمعون بيريز عن حزب العمل في مواجهة موشيه كتساب مرشح الليكود. بيريز يحظى بدعم رئيس الوزراء ايهود باراك، وهو يهدف من ذلك الى ابعاده عن حكومته، بعدما استغل نفوذه في حزب العمل كما على الساحة الدولية في التدخل في القرارات الكبيرة. وسيصبح الباب مفتوحاً تماماً أمام باراك لقيادة حزب العمل من دون أي من "المحاربين القدامى". أما وايزمان الذي انتخب مرتين للرئاسة فكان أعلن حين انتخابه انه سيغير نمطيةالمنصب الفخري الى حقيقة ان الرئيس هو في المنزلة الأعلى في الدولة. فكان تدخله فعلاً إبان عهد اسحق رابين وطلب اليه قطع التفاوض مع الفلسطينيين على خلفية عمليات التفجير الانتحارية. كما اصطدم سبع مرات مع نتانياهو معترضا على سلوكه وقراراته المناهضة لعملية السلام. وكانت حياة وايزمان حافلة من طيار عسكري الى قائد لسلاح الجو الى وزير للدفاع ومهندس حكومة الوحدة القومية الى الرئاسة. وهو انتقل سياسياً من اليمين الليكودي الى اليسار العمالي. وعلى خطى وايزمان تلك سار اسحق موردخاي فقطع ثلاثة ارباع الطريق وكان على وشك الانضمام الى حزب العمل لولا فضيحته الاخيرة. فتوقفت حياته السياسية في حزب الوسط، الوريث الشرعي لحزب وايزمان. استقالة موردخاي موردخاي قدم استقالته امس من الحكومة كوزير للمواصلات كما استقال من رئاسة الحزب التي انتقلت الى وزير السياحة امنون شاحاك، لكنه لم يستقل بعد من الكنيست. وقال موردخاي، في كتاب استقالته: "أنا مضطر الى الاستقالة لإتاحة المجال امام استكمال التحقيقات والاجراءات القضائية. وسأحاول ان انتصر في هذه المعركة كما انتصرت في معارك سابقة استهدفت شخصي"، في اشارة الى قضية الحافلة 300 عندما كان قائداً للمنطقة الجنوبية وتشمل قطاع غزة حيث قتل أربعة شبان فلسطينيين بعد اعتقالهم العام 1984. وحاولت الاستخبارات تحميله المسؤولية، ولكنه برئ من الاتهام. وغمز موردخاي من قناة التمييز العرقي، بالإشارة الى ان التركيز عليه جاء على خلفية انتمائه الى الاقلية الكردية في اسرائيل، حيث ان "المؤسسة"، وهو مصطلح يشير الى مجلس وهمي أعلى يديره الغربيون، تمنع تقدم الشرقيين نحو مناصب عليا. وقد مهد موردخاي للاستقالة بالتغيب منذ أسابيع عن جلسات الحكومة، اي منذ قرار المستشار القانوني والنائبة العامة تقديم لائحة اتهام ضده بالاعتداء الجنسي على ثلاث سكرتيرات. وتبدو المرارة على العسكري السابق والوحيد الذي تسلم مناصب قائد المنطقة الجنوبية ثم الوسطى ثم الشمالية في الجيش وحصل على أعلى الاصوات في الانتخابات الداخلية لحزب الليكود وصار وزيراً للدفاع قبل ان يستقيل محتجا على سياسة نتانياهو، وأسس حزب الوسط وترشح لرئاسة الحكومة ثم انسحب لمصلحة باراك ليتحالف معه في الائتلاف الاخير ويصبح وزيراً للمواصلات.