أدى تصاعد حدة القتال بين القوات الاثيوبية والاريترية، منذ العاشر من الشهر الجاري، الى محاصرة آلاف من قوات "التجمع الوطني الديموقراطي" السوداني المعارض. وكانت هذه القوات تتخذ من مناطق على الحدود الاثيوبية - الاريترية - السودانية مراكز أساسية تنطلق منها لتنفيذ عمليات عسكرية في شرق السودان. وأكدت مصادر ديبلوماسية افريقية وأخرى مستقلة ل"الحياة" امس ان إخلاء القوات الاريترية مدينة بارنتو على الجبهة الجنوبية الغربية الاريترية، وكذلك سقوط مدن عدة قريبة منها عزل قوات "التجمع الوطني" عن الخط الرئيسي لإمداداتها. وباتت القوات مهددة بأن يقضي عليها القصف الاثيوبي أو الموت من جراء عدم وجود مياه أو أغذية في منطقة تصل الحرارة فيها الى 45 درجة مئوية في الظل. وأوضحت المصادر نفسها، ان أكثر المتضررين من الحصار "قوات التحالف السودانية" بقيادة العميد عبدالعزيز خالد. ويتمركز جزء من هذه القوات قرب الحدود الاثيوبية في منطقة منزا داخل أراضي السودان. في حين تتمركز قوات أخرى قرب الحدود السودانية مع اريتريا في مدن أم حجر وساوا وتسناي. وتؤكد اثيوبيا انها استولت أول من أمس على أم حجر في حين واصلت مقاتلاتها قصف ساوا خلال الأيام الثلاثة الماضية. ويوجد في ساوا مركز امدادات استراتيجي للقوات الاريترية، وتعمل "قوات التحالف" بحرية قرب هذا المعسكر، المتاخم للحدود السودانية. وأدى القصف على ساوا والاستيلاء على أم حجر الى فرار عدد كبير من "قوات التحالف" في اتجاه كسلا في شرق السودان، أو في اتجاه تسناي الاريترية. وتتمركز بقية قوات "التجمع" الأخرى في منطقة هايكوتا القريبة من بارنتو. وتضم هذه القوات كلاً من "لواء السودان الجديد" التابع ل"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة العقيد جون قرنق، وقوات "مؤتمر البجا"، وقوات "طلائع الفتح" التابعة للحزب الاتحادي الديموقراطي الذي يرأسه السيد محمد عثمان الميرغني. وأكدت المصادر نفسها أن هايكوتا باتت تحت مرمى المدفعية الاثيوبية المتمركزة في منطقة بارنتو، وأن قوات المعارضة السودانية في المنطقة باتت محاصرة تماماً بعدما قطع خط امداداتها، ولم يعد في امكانها سوى التوجه الى شرق السودان حيث تنتظرها القوات الحكومية السودانية أو البقاء تحت رحمة القصف الاثيوبي. وعلمت "الحياة" ان اتصالات أجرتها كل من كينيا واوغندا خلال اليومين الماضيين مع الحكومة الاثيوبية لتأمين ممر آمن لهذه القوات المحاصرة عددها نحو ستة آلاف، وضمان خروجها عبر اثيوبيا الى مناطق في جنوب السودان تحت سيطرة قوات قرنق. وفي الوقت نفسه، شددت السلطات السودانية من اجراءات مراقبة حدودها الشرقية التي شهدت لجوء أكثر من 25 ألف اريتري عبرها الى ولاية كسلا. وأكدت المصادر الديبلوماسية ان السلطات السودانية اعتقلت عشرات من قوات المعارضة السودانية الذين تسللوا مع اللاجئين الاريتريين.