اقدم رئيس الوزراء السابق المهندس محمود الزعبي على الانتحار امس في منزله في دمشق، بعد عشرة ايام على قرار القيادة القومية لحزب "البعث" الحاكم في سورية "طرده" من الحزب واحالته الى القضاء بتهمة سوء استخدام المنصب خلال ترؤسه الحكومة لمدة 13 عاماً. وكانت سرت اشاعة الاسبوع الماضي بأنه حاول الانتحار، والمؤكد انه اصيب وقتذاك بوعكة صحية. في التفاصيل ان المهندس الزعبي 62 عاماً اطلق ظهر امس طلقة في فمه من مسدس في منزله الكائن في الفيلات الغربية في منطقة المزة جنوبدمشق، وانه توفي نحو الساعة الثانية عشر ونصف بعد الظهر، في الطريق الى مستشفى "المواساة" في دمشق. وعلمت "الحياة" ان قسم الاسعاف اتصل بمدير المستشفى الذي اتصل بدوره بعدد من المسؤولين، بينهم وزير التعليم العالي الدكتور حسان ريشه، لابلاغه بوفاة رئيس الوزراء السابق. ويُتوقع ان يشيع الزعبي اليوم في بلدة خربة غزالة في درعا جنوب البلاد. وكانت السلطات القضائية بدأت في الايام الاخيرة التحقيق معه بعد وصول كتاب القيادة القومية ل"البعث" في العاشر من الشهر الجاري باحالته الى القضاء ل"محاسبته وفق القوانين والانظمة النافدة"، وذلك بعدما ناقشت قيادة الحزب "ممارساته وارتكاباته وسلوكياته وسوء ائتمانه، التي تتعارض مع قيم الحزب واخلاقيته ومبادئه وتشكل خرقاً للقانون وتسبب اضراراً فادحة بسمعة الحزب والدولة والاقتصاد الوطني". واصدر وزير المال الدكتور محمد خالد المهايني في 13 الجاري قراراً ب"حجز الاموال المنقولة وغير المنقولة" المسجلة باسمه واسماء زوجته وابنيه مفلح وهمام وابنته "احتياطياً لضمان حق الدولة" بعد ظهور النتائج النهائية للتحقيق. وفيما اكدت مصادر عائلية وطبية نبأ انتحار الزعبي فإن الجهات الرسمية لم تعلن النبأ حتى مساء امس، باعتبار انه متهم بعدد من قضايا الفساد في السنوات الاخيرة. ولم تتخذ اي اجراءات غير طبيعية باستثناء منع زيارة المستشفى لنحو ساعتين. ولم تزد الاجراءات الامنية امام مستشفى "المواساة" على دوريات عادية للشرطة المدنية تقف امامه عادة. وكان الرئيس حافظ الاسد قبل في آذار مارس الماضي استقالة حكومة المهندس الزعبي وكلف محافظ حلب السابق محمد مصطفى ميرو تشكيل الحكومة الجديدة التي التئمت بعد اسبوع من التكليف. يذكر ان الزعبي شكل حكومته الاولى عام 1987 خلفاً لحكومة الدكتور عبدالرؤوف الكسم، ثم اعاد تأليف حكومة ثانية في العام 1992. وهو انتخب عضواً احتياطياً في القيادة القطرية في المؤتمر السادس للعام 1975 وشغل منصب رئيس مكاتب المال والاقتصاد والطلبة في القيادة القطرية للحزب. وانتخب في المؤتمرين السابع 1980 والثامن 1985 عضواً قطرياً كرئيس لمكتب الفلاحين والمنظمات، كما انتخب عضواً في البرلمان ورأسه بين عامي 1981 و1987 قبل ان يشكل حكومته الاولى. ونسبت وكالة "فرانس برس" الى مصدر طبي ان الزعبي انتحر اثر وصول عناصر امنية مكلفة الحجز على منزله تنفيذاً لقرار وزارة المال. واوضح المصدر ان الزعبي "اقدم على الانتحار وان سيارة اسعاف نقلته على الفور الا انه فارق الحياة قبل الوصول الى مستشفى المواساة في دمشق". واوضح المصدر ان عائلة الزعبي المقيمة في المنزل "استدعت سيارة الاسعاف التي حضرت على الفور ونقلته" مشيراً الى "اصابته بنزيف حاد في الدماغ لم تنجح الاسعافات الاولية في وقفه". ونقل المصدر عن شهود قولهم ان الزعبي الذي شاهد العناصر الامنية تطوق المنزل "اطلق رصاصتين من مسدسه بالهواء والثالثة على رأسه فخرّ على اثرها صريعاً". وقال ان الاطباء عاينوا الجثة وقدموا تقريراً بالوفاة الناجمة عن اصابته برصاصة "مزقت الدماغ واحدثت نزيفاً فورياً".