تزامن التصعيد العسكري في جنوبلبنان، أمس، حيث قتل عنصران من "جيش لحد" الموالي لاسرائيل، وجرح خمسة آخرون وجنديان اسرائيليان وستة مدنيين لبنانيين، مع تأجيل مجلس الأمن جلسة استماع الى تقرير شفوي لمبعوث الامين العام للامم المتحدة تيري رود لاسن الى الثلثاء المقبل. راجع ص4 وفي ما أعلن لبنان انه ارسل خريطة تظهر اتفاق الحكومتين اللبنانية والسورية عام 1966 على ان مزارع شبعا لبنانية، اعتبرت الاممالمتحدة ان الخريطة الجديدة "واحدة من خرائط عدة ولا تعني اتفاقاً دولياً" على الحدود بين البلدين. وحضت تل ابيب وبيروت ودمشق على التزام ما سيقرره مجلس الأمن لأن "هناك توافقاً على المعايير بين الامانة العامة ومجلس الأمن". وعلمت "الحياة" من مصدر ديبلوماسي غربي أن مسؤولاً عسكرياً إسرائيلياً من المقربين من رئيس الحكومة ايهود باراك، أبلغ إحدى السفارات الأوروبية في تل أبيب أول من أمس أن بلاده ستنسحب من مزارع شبعا في حال أقرت الأممالمتحدة أنها لبنانية. واشتعلت جبهة الجنوب امس بين المقاومة الاسلامية - الجناح العسكري ل"حزب الله" من جهة وقوات الاحتلال الاسرائيلي و"الجيش الجنوبي" من جهة ثانية، وهاجمت المقاومة 30 موقعاً بينها مواقع مشتركة عدة اسرائىلية وتابعة للميليشيات الموالية لها، واقتحمت احد هذه المواقع، جنوب مدينة صور وسيطرت عليه. وشنت الطائرات الحربية الاسرائيلية نحو 20 غارة على مواقع وقرى وسقط جرحى مدنيون. ورصد المراسلون في جنوبلبنان، تجمع آليات ودبابات ومدافع اسرائيلية في مخيم للتدريب في بلدة مرجعيون الحدودية وعمليات تفريغ مستوعبات لقواعد عسكرية، في اطار التحضير للانسحاب الاسرائيلي. في هذا الوقت كشف مصدر رسمي لبناني ل"الحياة" ان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان طلب من السلطات اللبنانية ارسال الخريطة الاصلية التي كان بعث بنسخة منها رئيس الحكومة وزير الخارجية الدكتور سليم الحص، وتظهر اتفاق الحكومتين اللبنانية والسورية عام 1966 على اعتبار مزارع شبعا التي تستبعد اسرائيل الانسحاب منها بحجة انها سورية لبنانية في المذكرة التي ارسلها الى انان في الثاني عشر من الشهر الجاري. وكان موضوع انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا بقي في الواجهة امس، فأبلغ وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الى المنسق الاوروبي الخاص بعملية السلام ميغل انخل موراتينوس، خلال محادثات معه في دمشق وجوب انسحاب اسرائيل من جميع الاراضي اللبنانية بما فيها مزارع شبعا. الا ان الموفد الاوروبي رفض تحديد الموقف الاوروبي من مسألة ملكية هذه المزارع معتبراً ان "هذا الموضوع يبحث فيه انان ونترك له درسه وتحديد الموقف منه". في غضون ذلك، بدأت السلطات اللبنانية درس خطة امنية لمواكبة الانسحاب الاسرائيلي المرتقب. واعلن نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر بعد ترؤسه اجتماعاً لمجلس الامن المركزي ان الاجهزة الامنية وضعت تقارير ستدرس في اجتماع لاحق. وفي نيويورك، اعلن الناطق باسم الامين العام للامم المتحدة فريد اكهارت تأجيل جلسة المشاورات المغلقة لمجلس الأمن الى الثلثاء المقبل، وقال ان التقرير المتعلق بتنفيذ القرارين 425 و426 سيرسل الى المجلس قبل موعد مشاوراته. وقالت مصادر مطلعة ان جلسة الاستماع الى تقرير شفوي من مبعوث كوفي انان تيري رود لارسن، تأجلت نظراً الى رغبة اعضاء في المجلس تسليم التقرير الخطي قبل ذلك. واكدت مصادر ديبلوماسية ان هناك توافقاً بين الدول الفاعلة في مجلس الأمن والامانة العامة للمنظمة الدولية على "المعايير" التي سيحدد بناء عليها الخط العملي للانسحاب الاسرائيلي. وقالت "طالما لا يوجد اتفاق سوري - لبناني على الحدود، فأي خريطة لا تعني اتفاقاً دولياً" وفيما انتظرت الامانة العامة وصول خريطة "البنتاغون"، شددت المصادر على ان الخريطة الجديدة تبقى واحدة من خرائط عدة، وان الاممالمتحدة لا ترى خياراً سوى "تحديد الخط العملي للانسحاب بين قوات فك الاشتباك في الجولان اندوف والقوات الدولية في جنوبلبنان يونيفيل". وحرصت المصادر على التأكيد ان التوافق بين الدول الفاعلة في المجلس والأمانة العامة يشمل "مبدأ التزام جميع المعنيين" المواقف التى سيتبناها المجلس ازاء تنفيذ القرارين 425 و426، واعتبار رفض أي طرف التعاون مع الأممالمتحدة "انتهاكاً" للقرارين. وزادت ان مجلس الأمن قد ينظر في خيار سحب قوة "يونيفيل" إذا تبين له ان لبنان أو إسرائيل أو سورية ترفض التزام ما يقره من خطط واجراءات لتنفيذ القرارين، بما في ذلك تحديد الخط العملي للانسحاب. وهذا يضع مزارع شبعا خارج صلاحيات القرارين. وأضافت المصادر ان الأمانة العامة أوضحت لإسرائيل أنها تعتبر "جيش لبنانالجنوبي" جزءاً من "قوات الدفاع الإسرائيلية"، وطالبتها بتطبيق الانسحاب عليه. وقالت إنه فور وضع الخط العملي للانسحاب، ربما منتصف الشهر المقبل، سيكون على إسرائيل ان تثبت اتخاذها الاجراءات التي طالبتها بها الأممالمتحدة وتصر عليها. وشددت المصادر على أن الدول المساهمة في "يونيفيل" قلقة من التصعيد في الجنوب وستتردد في تنفيذ عملها إذا تبين لها ان الدول المعنية في المنطقة لن تتعاون مع الأممالمتحدة. وأضافت ان هناك خطراً أمنياً على قوات الأممالمتحدة في الأجواء السائدة قد يؤدي إلى إعادة النظر في وضع "يونيفيل".