اعترف صاحب شركة "ميبو" السويسرية أدوين بولييه بأنه باع ليبيا 20 جهاز توقيت يقول الادعاء الإسكتلندي إنها مماثلة للجهاز الذي استُخدم في تفجير طائرة "بان أميركان" فوق لوكربي سنة 1988. لكنه أكد، في مقابلة مع "الحياة"، أنه مستعد للشهادة أمام محكمة كامب زايست الهولندية، أن الجهاز الذي يقول المدّعون إنه فجّر طائرة "بوينغ" الأميركية ليس من صنع شركته، بل هو عبارة عن قطعة من جهاز كمبيوتر. وتستأنف محكمة إسكتلندية مؤلفة من ثلاثة قضاة في 23 أيار مايو الجاري محاكمة ليبيين متهمين بتفجير الطائرة الأميركية خلال رحلة بين مطاري هيثرو اللندني وجون اف. كينيدي في نيويورك مساء يوم 21 كانون الأول ديسمبر 1988. وبدأت محاكمة المتهمين، عبدالباسط المقرحي والأمين خليفة فحيمة، يوم 3 أيار. لكنها تأجلت اسبوعين بناء على طلب الادعاء العام. وينفي الرجلان أي علاقة لهما بتفجير الطائرة. ويقول نص قرار الاتهام الصادر عن الادعاء الإسكتلندي إن الليبيين استغلا عملهما في شركة الخطوط الليبية في مطار لوقا المالطي لدس حقيبة "سامسونايت" تحوي مُسجّلة من طراز "توشيبا" خُبّئت فيها قنبلة من نوع "سيمتكس"، ضمن حقائب المسافرين الى مطار فرانكفورت الالماني. ويضيف ان الحقيبة المفخخة نُقلت من هناك ضمن كونتينر AVE4041PA على متن طائرة تابعة ل"بان أميركان" الى هيثرو، حيث نُقلت مجدداً الى طائرة تابعة للشركة نفسها الرحلة 103 متوجّهة الى نيويورك. وانفجرت الطائرة في الجو بعد عبورها الحدود بين إنكلترا وإسكتلندا، مما أدى الى مقتل 270 شخصاً، هم جميع من كان على متنها 259 شخصاً و11 شخصاً من سكان لوكربي. وعرض محققون أميركيون بقايا جهاز توقيت يقولون انه عُثر عليه بين حطام الطائرة، على بولييه كون شركته معروفة بصنُع أجهزة توقيت. وبناء على إفادته التي قال فيها ان بقايا الجهاز المعروض عليه هي بالفعل من صنع شركته "ميبو"، ربط المحققون بين تفجير الطائرة وليبيا، كونها اشترت في السابق أجهزة توقيت من الشركة السويسرية. لكن بولييه قال ل"الحياة" أمس ان الجهاز الذي عرضه عليه المحققون الأميركيون ليس من صنع شركته. وأوضح ان ضباطاً من مكتب التحقيق الفيديرالي الأميركي اف. بي. آي زاروه سنة 1990، وعرضوا عليه "صورة تابعة للشرطة الإسكتلندية رأيت فيها بقايا جهاز توقيت من صنع ميبو"، في إشارة الى الجهاز المعروف باسم MST-13. وتابع انه سافر الى الولاياتالمتحدة وقابل محققين في "اف. بي. آي" طالباً رؤية بقايا جهاز التوقيت، لكنهم قالوا له ان الجهاز موجود في حوزة الادعاء الإسكتلندي. وأضاف انه سافر الى إسكتلندا وطلب رؤية الجهاز، لكنه فشل في ذلك أيضاً. وأشار إلى أن محاميه كتبوا ثلاث مرّات الى المدعي الإسكتلندي اللورد هاردي الذي يتولى ملف لوكربي، طالبين رؤية بقايا الجهاز، لكن الجواب كان بالرفض على "أساس أنني شاهد" في القضية المرفوعة ضد الليبيين. وتابع بولييه انه طلب في 1998 من السلطات السويسرية مساعدته في جهوده لرؤية جهاز التوقيت، وأن جهوده أثمرت في 13 أيلول سبتمبر 1999 عندما تلقى رسالة من الإدعاء الإسكتلندي تسمح له بمعاينة الجهاز. وأضاف: "ما رأيته سنة 1990 لم يكن نفس ما رأيت في 1999 ... الجهاز الذي رأيته في 1999 لم يكن من صنع "ميبو" بل هو عبارة عن جزء من جهاز كومبيوتر PC Board". ووجه بولييه انتقادات الى المسؤول الأميركي الذي تولى جزءاً من التحقيق في تفجير الطائرة الأميركية توماس ثيرمان. والأخير، وهو خبير فحص عيني في "اف. بي. آي"، هو الذي تعرّف على جهاز التوقيت الذي استُخدم في تفجير "بان أميركان"، يوم 15 حزيران يونيو 1990. لكن بولييه شكك في صدقية المسؤول الأميركي السابق، مشيراً إلى أنه تورّط في "حالات عدة أخرى" في تركيب "أدلة" تُساعد الادعاء في تأسيس قضية ضد متهمين في قضايا معيّنة. وقال صاحب "ميبو": اليوم أستطيع ان أقول إننا متأكدون 150 في المئة ان جهاز التوقيت الذي استُخدم في لوكربي ليس من عندنا". ولم يكتف بذلك، بل ذهب الى الطعن في مجمل نظرية الادعاء في خصوص مكان وضع المتفجّرة في الطائرة. وقال ان تقريراً أعده خبراء خلص الى ان القنبلة التي فجّرت الطائرة "لا يمكن ان تكون وُضعت في الكونتينر AVE4041 PA". ويقول الادعاء ان هذا الكونتينر هو الذي حوى كل الحقائب التي شُحنت على متن الطائرة المنكوبة في فرانكفورت وبينها حقيبة السامسونايت التي وصلت من المطار المالطي. وأوضح بولييه ان التقرير يقول ان قنبلة موضوعة في هذا الكونتينر لا يمكن ان تفجر الطائرة، لأنها لم تكن قرب جدارها لتُحدث فيها ثُقباً يؤدي الى انشطارها في الجو. وقال إنه أرسل التقرير المكتوب بالألمانية الى المدعي العام الإسكتلندي كولين بويد حل محل اللورد هاري الذي استقال من ملف لوكربي في وقت سابق هذه السنة في كامب زايست. وأُرسل التقرير في أواخر نيسان أبريل الماضي، قبل أيام من بدء المحاكمة في الثالث من أيار الجاري. ويُزعم ان الادعاء طلب تأجيل المحاكمة أسبوعين لدرس تقرير خبراء بولييه وانعكاساته على ملف الدعوى ضد المقرحي وفحيمة. وسألت "الحياة" بولييه هل باع الليبيين فعلاً أجهزة توقيت، فأجاب: "نعم. بعت الجيش الليبي أجهزة توقيت Timers. هذه الأجهزة ليست أجهزة تفجير. إنها عبارة عن موقتات فقط. أرسلنا الى الجيش الليبي بين 1985 و1986 20 جهاز توقيت من صنع ميبو". ويزعم قرار الاتهام الصادر في حق المقرحي وفحيمة ان أجهزة توقيت اشتراها الليبيون من "ميبو" استُخدمت في تجارب على إجراء عمليات تفجير في دول إفريقية.