أعلن حزب الأمة السوداني المعارض أمس عن بداية نشاطه السياسي العلني بعد غياب استمر عشر سنوات، في احتفال ضخم حشد له مؤيديه في مقر الحزب الرئيسي الذي أعادته السلطات أخيراً. ووصل الى البلاد أمس وفد كبير من قادة حزب الأمة السوداني في الخارج قاده الأمين العام للحزب الدكتور عمر نور الدائم، ومسؤول النشاط الخارجي للحزب الأمين العام السابق للتجمع الوطني الديموقراطي مبارك المهدي، والقياديين البارزين عبد الرسول النور ونجيب الخير وآخرين من كوادر الحزب العسكرية والنقابية على متن طائرة خاصة أقلتهم الى الخرطوم. ورحبت الحكومة بعودة وفد حزب الأمة وكان على رأس مستقبليه في مطار الخرطوم مساعد رئيس الجمهورية الدكتور ابراهيم أحمد عمر وبعض قادة الحزب الحاكم. واحتشدت جموع من أنصار المهدي وأعضاء حزب الأمة في مطار الخرطوم وعلى طول الطريق من المطار وحتى مقر الحزب في أم درمان وحملت لافتات ترحيب بعودة السياسيين وعودة الديموقراطية ومطالبة بتحقيق الحل السياسي العلمي لمشاكل البلاد. وبدأ الاحتفال مساء أمس في "دار الأمة" في أم درمان. وأفاد برنامج الاحتفال ان بين المتحدثين نور الدائم والوزير السابق صلاح عبدالسلام الخليفة الذي ترأس لجنة الاحتفال وممثلون للساسة السودانيين. وشمل البرنامج أيضاً كلمة كتبها رئيس الحزب رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي تناولت رؤيته للحلول السلمية لمشاكل البلاد واستعداد حزب الأمة لبدء نشاطه السياسي العلني. وتحدث الى "الحياة" حفيد الإمام المهدي عم زعيم حزب الأمة السيد أحمد المهدي معبراً عن سعادته بعودة قيادات الحزب. وقال ان خطوات الحكومة نحو تهيئة المناخ للحوار السلمي كانت وراء عودة الحزب الى العمل في الداخل. ودعا "الجميع الى اغتنام هذه الفرصة التي لن تتكرر". وطالب الحكومة ب"الصبر على مناخ الحريات وعدم التضييق عليها". ووصف العمل السياسي والعسكري من خارج البلاد بأنه "خطأ فادح". يذكر أن أحمد المهدي حافظ على علاقة جيدة مع الحكومة طوال السنوات الماضية. وقال الصديق الصادق المهدي ان أعضاء الحزب توافدوا من خارج العاصمة للمشاركة والاحتفال. وأشاد بالتسهيلات التي حصل عليها منظمو الاحتفال من السلطات المحلية. وكانت مكبرات الصوت واللافتات تجوب العاصمة السودانية طوال يوم أمس. وظلت دار حزب الأمة تستقبل الآلاف من أعضاء الحزب والأنصار بزيهم التقليدي وهتافهم المعروف "الله أكبر ولله الحمد". وقدر مراقبون حشود حزب الأمة والأنصار التي شاركت في الاحتفال بأكثر من نصف مليون شخص. في القاهرة قال رئيس الوزراء السوداني السابق زعيم حزب الأمة المعارض السيد الصادق المهدي عشية عودة عدد من قادة الحزب الى بلادهم إن عودته الى الخرطوم ستقررها مؤسسات حزبه. وقال المهدي في لقاء مع المراسلين الأجانب في القاهرة مساء أول من أمس ان "حزب الأمة سيعقد مؤتمراً لاتخاذ قرار في شأن الموعد الملائم لعودتي الى الخرطوم"، غير أنه لم يحدد موعد انعقاد المؤتمر. ورداً على سؤال في شأن لقائه مع الرئيس عمر البشير، نفى المهدي عقد صفقة سياسية، وقال إن "تأمين عودة حزب الأمة الى المسرح السياسي في السودان لا يحتاج الى صفقة"، وشدد على أن "اللقاء عرض لتطورات الأوضاع في البلاد، وجرى الاتفاق على أن السودان في مفترق طرق، وعلينا إنهاء الحرب الأهلية الدائرة منذ 17 عاماً". وكان المهدي التقى البشير الثلثاء في القاهرة، على هامش القمة الافريقية - الأوروبية، بعد محادثات قمة ثلاثية مصرية - سودانية - ليبية بحثت في مبادرة السلام المصرية - الليبية في السودان. ودعا المهدي المعارضة السودانية الى العمل داخل البلاد، وقال ان "الظروف الآن في الداخل افضل، وهناك إمكان لمزاولة النشاط والتحرك السياسي". وزاد أن "اتجاه النظام الجديد يزيد من هامش فرص العمل السياسي". وفي اشارة الى تقويمه تجربة العمل من الخارج، قال الزعيم السوداني إن "المعارضة لا تتوقع أن تحصل من جيران السودان على ما تطمع فيه من امتيازات الناحية الديبلوماسية، ولا نتوقع دعما منهم لنشاطنا العسكري". واعتبر أن "الاشتباكات التي تقع حالياً في شرق السودان تصرفات غير عاقلة".