أقامت مجلة "أدب ونقد" الصادرة في القاهرة أخيراً ندوة استضافت فيها الشاعر المصري محمد عفيفي مطر. وقدم الشاعر أمام جمهور خاص ومحدود شهادة تناول فيها جوانب من سيرته الذاتية ومشواره الابداعي، اعقبها بقراءة عدد من نصوصه الشعرية القديمة والجديدة. والنصوص هي من الأعمال: "وشم النهر على خرائط الجسد"، "الموت والدرويش"، "معلقة ماتادور الابد"، "منمنمة يصيدون الاسماء"، "الطقوس المتقابلة"، و"قبل ختام الحفل" والاخيرة هي احدى القصائد الجديدة التي كتبها للأجيال المقبلة كما قال. حضر الندوة جمهور معظمه من الكُتاب، والمبدعين والنقاد المصريين والعرب، من بينهم الروائي والناقد المغربي محمد برادة، الكاتب الفلسطيني أحمد برقاوي، الروائي ابراهيم أصلان، القاص سعيد الكفراوي، النقاد: محمد عبدالمطلب، محمد بدوي، وصلاح السروي، والشاعر حلمي سالم مدير تحرير "أدب ونقد". أدارت الندوة وقدمت لها فريدة النقاش رئيسة تحرير "أدب ونقد" وافتتحت الأمسية بحديث عام عن "أهمية قيام مثل هذه الندوة"، مؤكدة ان استهلالها بالشعر "كان طبيعياً، لأن الشعر ديوان العرب" وأقدم الأنواع الادبية، مشيرة الى تعدد أو تنوع المشهد الشعري العربي المعاصر "الذي يضم القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة، وقصيدة النثر معاً". وأوضحت أن ذلك يرجع "الى ان تجربة الحداثة لم تكتمل" داخل البنى الاجتماعية والثقافية العربية، إذ تتعايش جنباً الى جنب "أشكال الحداثة، وما قبل الحداثة، وما بعدها". وفي مستهل شهادته تحدث محمد عفيفي مطر عن ولادته الاستثنائية، قائلاً: "كانت أمي الفلاحة ذهبت لتملأ جرّتها، حينما فاجأها المخاض، فدخلت الى حقل من حقول الذرة، فوضعتني... ملقية هذا المولود بين النهر والطمي وبين الشمس والأفق. وسوف تكون هذه الولادة لحناً هادياً له كإنسان وشاعر". وأوضح أن ذلك اصابه بصورة ما "بكراهية مبدئية، وليست مذهبية، ضد السلطة وتجلياتها في التاريخ"، مضيفاً "وأصابني هذا بالشتات والفوضى ومغامرة الرفض". وقال مطر: "لم أشعر في أي لحظة من الكتابة او العمر بأنني أكبر من أحد"، موضحاً أن "كل الاجيال المتعاقبة منذ الستينات انتمي اليها، فكل جيل أغامر معه وأتعلم منه وأعلّمه". وقال: "اقرأُ أكبرَ او أصغر شاعر وأتعلم من الجميع"، مستدركاً "لكن الخلاف حول الرؤى الجمالية والفنية ضروري لحيوية الحركة الشعرية نفسها". وفي رده على سؤال وجّه إليه عن إمكان تقديمه نصائح للشعراء الشبان، أجاب مطر: "ليس هناك شيء متاحاً بمجانية، ان الشيء يعلو بقدر ما ندفع فيه من ثمن، فالكتابة مسؤولية هائلة، وأنت في وسط شعبك الذي تحبه، عليك - فقط - أن تتقن كل ما تفعل". وأضاف: "أن من يفعل ذلك سيصل وحده، ولن يحتاج نصيحة من أحد". وعلى سؤال آخر، عن دور النقد في التعريف بشعره، أجاب قائلاً: "بصراحة، أقول إنني فرحت جداً، واستمتعت جداً، عندما تركني النقاد في حالي، فالاهتمام المتزايد قد يحول دون نمو المبدع وإكتماله الخاص". وقال مطر: "انا أشكر الأقدار أن نموي الخاص البطيء تم بمعزل عن كل ذلك، ولم يشوه رؤيتي أحد، فأنا عشت فلاحاً كاملاً حتى سن العشرين، ولم اسع لأن اصبح زعيماً سياسياً، وان ديواني الاول "مجمرة البدايات" نشر العام 1994، مشيراً إلى أنه بدأ ينشر "في مصر بعد الخمسين"، مؤكداً أهمية الصبر والانتظار، قائلاً: "كنت اعلم بأن دوري قادم، وان دواويني ستنشر، وبأنني سأحقق نفسي كما أشاء، فعلى الانسان أن يتعهد موهبته بصبر وفدائية وعدم انتظار أي شيء من أحد"؟!.