تواصلت الاعتصامات الطالبية في الجامعة الأردنية وتصاعدت المواجهات، غير العنيفة، بين الطلاب ممثلين في مجلسهم المستقيل وبين الإدارة ممثلة برئيسها وشؤون إدارتها، بسبب القانون الانتخابي الذي تريد إدارة الجامعة فرضه في عملية الانتخابات التي حددت موعدها اليوم، والقانون يمنح الإدارة إمكان اختيار نصف أعضاء مجلس الطلاب إضافة الى الرئيس 41 عضواً من 80 هو عدد أعضاء المجلس، الأمر الذي يعتبره الطلاب غير ديموقراطي لأنه يسلب المجلس صفة التمثيل الحقيقي. بل هو - كما عبر نقيب المهندسين إسلامي - "أبشع مما كان يحدث في زمن الأحكام العرقية". أما النائب سلامة الحياري فقد وصف ما يحدث بأنه "... يذكرنا بما حدث في الجزائر. فنحن ننادي بالديموقراطية وعندما سيطر الاتجاه الذي أراده الشعب على الانتخابات انقلبنا على الديمقراطية". ومنذ أيام يواجه الطلاب صعوبات تتمثل في عدم قدرتهم على الوصول الى لقاء مع رئيس جامعتهم، كما يشكون من مرابطة قوات منع الشغب، على رغم "سلمية تحركهم"، فقد وافقوا على إبقاء الاعتصام ضمن أسوار الجامعة، لكنهم فوجئوا بخراطيم المياه الزرقاء "تغسلهم" وبالهراوات تنهال عليهم وعلى زملاء من جامعات أخرى وشخصيات سياسية وبرلمانية ونقابية تتضامن معهم... ولم يقصر الطلاب من جانبهم، فقد بادروا الى قذف قوى الأمن ب ... الازهار والورود. وفيما أكد رئيس مجلس الطلبة المستقيل عواد مهداوي أن الاحتجاجات تستمر حتى تحقيق مطالبهم قبل موعد الانتخابات، يبدو للمتابع أن تسييس "القضية"، عبر تدخلات وزير الداخلية أولاً، ثم تدخل قوى الأمن، قبل تدخل الأميرة وجدان علي بطلب من الطلاب...، أو من قبل القوى النقابية والبرلمانية التي طغى عليها اللون الإسلامي ثانياً، تأتي في خلفية صراع يحتدم بين التيار الإسلامي الذي يهيمن على معظم المجالس الطالبية في الجامعات والمعاهد الأردنية عموماً، وليس في الجامعة الأردنية الأم فقط، الأمر الذي يزعج الحكومة التي تستطيع فرض ما تريد ولو بالقوة. وفي هذا السياق تجدر الإشارة الى مواجهات في جامعة اليرموك إربد - 80 كلم شمال عمان بين التيار الإسلامي وتيارات أخرى تدعمها الحكومة وفاز "تجمع وطن" بغالبية المقاعد. فيما كان التيار الإسلامي قاطع انتخابات اتحاد الطلاب في جامعة مؤتة حكومية، جنوبالأردن احتجاجاً على تعليمات اتحاد الطلاب المذكور، وعلى موقف إدارة الجامعة السلبي بحق أعضاء في "قائمة الاتحاد الإسلامية". وفي اتجاه آخر للسياق نفسه، فاز الاتجاه الإسلامي في جامعة "الزرقاء الأهلية" 30 كلم شمال شرقي عمان بثلاثين مقعداً من مقاعد مجلس الطلاب مبقياً على ثلاثة منها للمستقلين. وهو بذلك يؤكد هيمنته المستمرة منذ إنشاء هذه الجامعة عام 1994، من دون انقطاع، حيث للإسلاميين حضور قوي في المدينة التي تحمل الجامعة اسمها. جدير بالذكر أن الجامعات في الأردن تعاني غياب اتحاد عام لطلاب الأردن منذ جرى حل الاتحاد أواخر السبعينات، وتم الاستعاضة عنه بما سمي- آنذاك - "الجمعيات الطلابية"، فلكل من كليات الجامعة جمعية تعنى بنشاطاتها التعليمية والترفيهية - الاجتماعية، لكنها لا تملك القدرة على التدخل في سياسات الجامعة ورسوم الدراسة وبدل الساعات الدراسية... الخ! واستمرت الحال على ما هي عليه حتى جرى "تطوير" الصيغة التمثيلية لتصبح في شكل "مجلس" لا يملك صلاحيات حقيقية، ومع ذلك يبدو أن الحكومة ترى فيه ديموقراطية زائدة عن الحد، فلا بد من تشذيبه وتهذيبه!