عبّرت قوى طالبية وشبابية في الجامعات الأردنية عن احتجاجها وبدأت ترفع صوتها عالياً، ضد ما وصفته ب «إجراءات» تتدخّل أمنياً في الجامعات وتحديداً في سير العملية الانتخابية بطرق غير مباشرة وبهدف إقصاء تيارات سياسية وفكرية من الانتخابات الطالبية. ففي الجامعة الهاشمية مثلاً، أصدرت قوى طالبية الأسبوع الماضي بياناً انتقدت فيه حزمة الإجراءات التي رافقت عمليات التسجيل لانتخابات اتحاد الطلاب في الجامعة الهاشمية في إشارة منها إلى أن الأجهزة الأمنية تتدخل في شكل غير مباشر بهدف الأقصاء، من ضمن هذه الإجراءات كما أوضح البيان محاولة الضغط على مرشح من قبل الجهات الأمنية وتهديده وإجباره على توقيع ورقة انسحاب خارج حرم عمادة شؤون الطلاب، وذلك بهدف إلغاء ترشح قائمة كاملة، كونه لا يوجد فترة لتصويب الأوضاع. وكشف البيان المحسوب على الاتجاه الإسلامي في الجامعة أنه تم الضغط على طلاب من قبل الهيئات التدريسية والطالبية لمنعهم من الترشح. كما تدخل عميد شؤون الطلاب بالعملية الانتخابية وضغط على طلاب من أجل عدم الترشح كما يقول البيان. خلال فترة الترشح– بحسب البيان- قامت شعبة الهيئات الطالبية في الجامعة بالتواصل مع طلاب وإقناعهم بالترشح والقيام بزيارات لطلاب آخرون لإقناعهم بالترشح ويشير البيان إلى أن دور الهيئات الإدارية يقف عند إدارة عملية التسجيل والوقوف على الحياد وعدم التدخل بالقوائم المترشحة. إضافة إلى أنه تم تقديم أوراق ترشح من قبل طلاب لا يدرسون في الكلية نفسها التي تم تقديم الطلب إليها. وانتقد البيان ازدواجية المعايير التي رافقت عملية تطبيق القانون على بعض القوائم من دون أخرى، حيث لم يقبل ترشح قائمة مكونة من 15 طالباً بسبب نقصان صورة عن الهوية المدنية، فيما قبلت قوائم أخرى لم يأت المرشح نفسه لتقديم طلب ترشيحه. وفي هذا الصدد، يقول منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلاب «ذبحتونا» فاخر دعّاس أن الحكومات المتعاقبة استطاعت أن تضبط حركة الشارع الطالبي لتتناغم مع حركة الشارع العام. ويستطرد: «لاحظنا أن الشارع الطالبي مسيطر عليه في شكل شبه تام إذا ما استثنينا إلى حد ما الجامعة الأردنية، بقية الجامعات لا يوجد فيها حراك طالبي فاعل لا يوجد قوى طالبية فاعلة حتى أن السواد الأعظم لا يوجد بها اتحادات طلاب». ويتابع دعّاس في حديثه إلى «الحياة» أن هذا لم يأت بيوم وليلة، وأن هذا مخطط له ومرتب له من خلال مجموعة من الإجراءات بدءاً من تفريغ اتحادات الطلاب والمجالس الطالبية من دورها ومنع إقامة اتحادات طالبية فاعلة في جامعات بعينها». ويقول منسق «ذبحتونا» إن التشريعات الناظمة للعمل الطالبي من أنظمة التأديب وتعليمات انتخابات اتحاد الطلاب وانتخابات الأندية الطالبية تهدف إلى ضبط حركة الشارع لتتناغم مع التوجهات الحكومية. ويشير إلى أن هذه التشريعات تتزامن مع إجراءات على الأرض من تقييد حرية العمل الطالبي وملاحقة الطلاب الناشطين وإصدار عقوبات بحقهم. ويضيف: «في الفترة الأخيرة لاحظنا زيادة هذه الإجراءات والضغوطات على العمل الطالبي والقوى الطالبية وهذا نعتبره نتيجة طبيعية لتوجهات حكومية مقبلة نحو المزيد من خصخصة الجامعات والمزيد من رفع الرسوم الجامعية، وبالتالي مطلوب ضبط حركة الشارع لمنع أي احتجاجات متوقعة نتيجة السياسات الاقتصادية المقبلة من الحكومة في ما يخص الجامعات. من جهته، يقول الطالب أحمد وشاح، إن الحريات الطالبية حق كفله الدستور والقانون وأكده جلالة الملك من خلال أوراقه النقاشية ولقاءاته المستمرة مع الشباب وطلاب الجامعات. وتابع في حديثه إلى «الحياة»: «ما يحدث في جامعاتنا ما هو إلا مهزلة لا تعكس إلا صورة الدكتاتورية وعدم الاكتراث للديموقراطية التي نسعى إلى تطبيقها بالصورة الأمثل، وأن التدخلات الأمنية التي تحدث في الجامعات، خصوصاً في موضوع الانتخابات ومجلس الطلاب هو واقع حقيقي يجسد مدى السوء الذي وصلنا إليه». ويؤكد الطالب الوشاح أن التدخل الأمني يتم من خلال ما يحدث في بعض الجامعات، أن موظفين عمادة شؤون الطلاب وبعض الأشخاص الذين يدّعون أنهم من جهات أمنية يقومون بملاحقة بعض المرشحين بناءً على خلفياتهم السياسية أو انتمائهم الفكري ويتم الضغط عليه لإجباره على الانسحاب من الانتخابات، وإضعاف من لديهم بعد سياسي. واستطرد قائلاً: «وغير ذلك يتم تهديده بمستقبله المهني ووظيفة والده أو التأكيد على الضرر الذي سيلحق به جراء نزوله وترشحه مع جهة على حساب جهة أخرى». في إشارة منه إلى التدخلات التي تتم ضد قوى طالبية وشبابية في الجامعات. وكان الملك عبدالله الثاني بن الحسين التقى مطلع شباط (فبراير) الماضي في كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية في الجامعة الأردنية مع مجموعة من طلاب الكلية، وجرى خلال اللقاء حوار مفتوح حول مجمل القضايا المرتبطة بالشأن المحلي والإقليمي، وتناول الحوار القضايا الاقتصادية والسياسية، وأخرى مرتبطة بالإصلاح الإداري وسيادة القانون، فضلاً عن الدور المهم للشباب في مسيرة البناء والإصلاح والإنجاز. لكن وشاح يعود لتأكيد أن ما يجري على الأرض ينافي تماماً مع الأمر الذي حض عليه جلالة الملك والحقوق التي كفلها الدستور متسائلاً: «هل نحن فعلاً حريصون على بناء قيادات المستقبل لهذا الوطن في جامعاتنا؟ وهل هذه السياسة المتبعة تؤدي في نهايتها إلى هذه النتيجة التي نرغب بها جميعاً؟».