اعلنت حالة طوارئ في المؤسسات المالية الدولية وأُمر الآلاف من موظفي المصارف والمؤسسات الاستثمارية بالتوجه الى مكاتبهم بعد ظهر اليوم الاحد "استعداداً وتحسباً" مما قد يجري في اسواق العالم غداً الاثنين بعد الانهيار الذي حدث الجمعة في بورصتي وول ستريت و"ناسداك" ما قد يؤثر سلباً على اداء الاسواق واسعار الاسهم. وسيحاول الوسطاء والخبراء الماليون متابعة اتجاهات البورصات الآسيوية، خصوصاً في طوكيووهونغ كونغ، قبل بدء التداول في البورصات الاميركية والولاياتالمتحدة. يُخشى ان يخلف الانهيار في بورصتي نيويورك و"ناسداك" الجمعة، والضعف الذي تعاني منه الاسواق الاوروبية، تأثيراً سلبياً على الاسواق المالية العالمية عندما تعاود نشاطها غداً الاثنين. وقد تراجعت امس بورصة تايبه، التي تشهد نشاطاً السبت، لدى الفتح بنسبة 5،4 في المئة، منخفضة الى ما دون عتبة 9000 نقطة. وواصلت تراجعها الى ان اغلق مؤشر "تاي إكس" منخفضاً 507.81 نقطة او 5.42 في المئة عند 8866.80 نقطة. وكان مؤشر "داو جونز" الصناعي، المؤشر الرئيسي في وول ستريت، ومؤشر "ناسداك" الذي تغلب عليه اسهم التكنولوجيا، تكبدا لدى الاغلاق اكبر خسائر في تاريخهما من حيث النقاط خلال جلسة واحدة. اذ اغلق "داو جونز" الذي يضم الاسهم ال30 الرئيسية في بورصة نيويورك عند 77،10305 نقطة، بتراجع مقداره 78،617 نقطة 76،5 في المئة، فيما انهى "ناسداك" جلسته عند 29،3321 نقطة، متراجعاً 49،355 نقطة 67،9 في المئة. وهذا ثاني اكبر تراجع ل"ناسداك" من حيث النسبة المئوية في يوم واحد، بعد الرقم المسجل في 19 تشرين الاول اكتوبر 1987 عند حصول الانهيار الكبير والبالغ 35،11 في المئة. و كان الاسبوع الماضي الأسوأ الذي شهدته بورصة "ناسداك"، إذ تراجعت فيه ما مجموعه 5،25 في المئة. فيما كان الاسبوع الأسوأ سابقاً في تشرين الاول 1987، عندما تراجعت "ناسداك" بنسبة 19 في المئة. وفي ما يتعلق بمؤشر "داو جونز"، فإن تراجعه على صعيد النسبة المئوية هو عاشر اسوأ تراجع. وقد سجل اكبر تراجع له في 19 تشرين الاول 1987 مع 61،22 في المئة 26،554 نقطة. وقال محللون إن مؤشر "ناسداك" دخل على ما يبدو في مرحلة انخفاض، إذ أن أي تراجع للمؤشر أكثر من 20 في المئة بالمقارنة مع أعلى مستوى له، يُفسر في هذا الاتجاه. وقد خسر المؤشر حتى الآن 34.25 في المئة بالمقارنة مع اعلى مستوى له خلال التداول وهو 52.5132 نقطة، المسجل في 10 آذار مارس الماضي. ومنذ اكثر من شهر، ساهمت المجالات الرئيسية التي تتألف منها بورصة "ناسداك" في انهيار مؤشرها. وبدأت المشاكل مع التكنولوجيا الحيوية التي خسر مؤشرها في "ناسداك" 46 في المئة بالمقارنة مع أعلى مستوى له في 6 آذار مارس. ثم جاء دور قطاع الاتصالات الذي خسر مؤشره 37 في المئة بالمقارنة مع أعلى مستوى له في آذار ايضاً. وجاءت الضربة القاضية من قطاع المعلوماتية الذي تراجع مؤشره بنسبة 34 في المئة بالمقارنة مع أعلى مستوى له المسجل في 24 آذار. ومن العوامل الرئيسية التي أدت الى هذه الهزة في الاسواق، أرقام التضخم في الولاياتالمتحدة لشهر آذار، والتي أشارت الى احتمال اقدام مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الاميركي على رفع جديد في نسب الفائدة الرئيسية. وتؤدي عادة التوقعات برفع اسعار الفائدة الى تراجع يبقى تحت السيطرة. لكن الانخفاض اول من امس تحول الى كابوس ولم يعد المستثمرون يتفاعلون مع المعطيات الاقتصادية، بل استسلموا للخوف. ولزم مجلس الاحتياط الصمت أمس حيال وضع الاسواق خلافاً لموقفه بعد الانهيار الكبير عام 1987. عندما أعلن استعداده لضخ السيولة الضرورية لتجنب نضوب الاعتمادات المصرفية. ويشير المحللون الى ان الهبوط في البورصة لا يزعج مجلس الاحتياط، خصوصاً رئيسه ألن غرينسبان الذي يحذر باستمرار منذ كانون الاول ديسمبر 1996 المستثمرين من المبالغة في المضاربات. وتحدث يومها عن "حيوية غير عقلانية" في الاسواق. ودفع التراجع الكبير في أسعار الأسهم وزير الخزانة الاميركي لورنس سمرز الى القول اول من امس ان "البيت الابيض يراقب وضع الاسواق عن كثب"، مشيراً الى انه "يتعين الاستمرار في التركيز على ثوابت الاقتصاد الرئيسية التي تبقى صلبة". واضاف سمرز "ان الاقتصاد الاميركي يبقى مصدر حيوية للاقتصاد العالمي". واستفادت سوق السندات من التراجع الكبير في البورصتين، والتي لجأ اليها المستثمرون للقيام باستثمارات آمنة. لكن محللين ومتداولين في الاسواق يبدون تفاؤلاً نسبياً حيال تحسن الاسعار لدى استئناف التداول الاثنين. وقالت الخبيرة في استراتيجية البورصة لدى "كريدي سويس فرست بوسطن" كريتسين كاليز "ان الأسوأ قد مرّ". فيما يتوقع الخبير لدى "جيفريز كومباني" أرت هوغان ان "يؤدي مستوى أسعار الاسهم المتدني الى حركة شراء الاثنين بحثاً عن فرص جيدة". لكنه يتوقع في الوقت نفسه "استمرار التوتر" في الاسواق. في المقابل، يشير محللون الى ان الأداء السيئ في البورصات الاميركية قد يؤدي الى حركة بيع في الاسواق المالية الاخرى في العالم ابتداء من الاثنين، في الوقت الذي اقفلت تلك البورصات على تراجع ملموس الجمعة، متأثرة بالهبوط الكبير الذي شهدته "ناسداك" طوال الاسبوع الجاري. وتراجع مؤشر "فايننشال تايمز" في لندن بنسبة 81،2 في المئة ومؤشر "داكس" في فرانكفورت بنسبة 14،3 في المئة ومؤشر "كاك 40" في باريس 17،3 في المئة. وفي آسيا، اقفلت بورصة طوكيو على تراجع نسبته 4،0 في المئة فقط، معوضةً خسائر سجلتها في وقت سابق. وكان التراجع ملحوظاً في بورصة سيول مع خسارتها 3،4 في المئة لدى الاغلاق. كما تراجعت بورصة هونغ كونغ 3،1 في المئة. أما البورصات الاميركية اللاتينية، فقد تأثرت مباشرة ب"الجمعة الاسود" في الولاياتالمتحدة. وتراجعت البورصة المكسيكية 93،7 في المئة وبورصة بوينس أيرس بنسبة 6 في المئة، وساو باولو بنسبة 55،4 في المئة.