من المفيد أن يرحب العرب جميعاً، بالدعاوى اليهودية التي ترفع في اكثر من بلد اوروبي، ضد جرائم العهد النازي. دعاوى ضد القتل، دعاوى ضد التعذيب، دعاوى ضد التهجير، دعاوى ضد نزع الملكية، دعاوى ضد العمل القسري، دعاوى ضد سلب او اخفاء ودائع البنوك، وآخرها الدعوى التي رفعت في الولاياتالمتحدة قبل ايام تطالب حكومة النمسا بتعويض مقداره 18 بليون دولار عن عمل قسري بحق مليون يهودي، لا يزال ربع مليون يهودي منهم احياء حتى الآن. اما مبررات الترحيب العربي فهي كثيرة، اولها رفض واستنكار الظلم الذي تعرض له اليهود كبشر على يد النازية وسواها في الحرب العالمية الثانية. والمبرر الثاني رفض واستنكار بروز اي قوة سياسية جديدة تمارس ضد الشعوب الاخرى ما مارسته النازية ضد اليهود وغيرهم من شعوب اوروبا. والمبرر الثالث ان كل دعوى من هذه الدعاوى ستشكل سابقة قانونية دولية لمحاسبة اي طرف يمارس سياسات مشابهة للسياسة النازية والدفع باتجاه دفع ثمن ذلك، لكل من ظلم، وبشكل فردي او جماعي. والمبرر الرابع ان الطرف الفلسطيني والعديد من الاطراف العربية في لبنان وسورية والاردن ومصر بخاصة، قد عانت من تصرفات دولة اسرائيل، ومخابرات اسرائيل، وجيش اسرائيل، وبشكل يشابه كثيراً، وأحياناً يتطابق، مع الممارسات النازية ضد اليهود وضد غيرهم من الشعوب، وبحيث يستطيع هؤلاء المتضررون، افراداً او جماعات، ان يطالبوا ولو بعد زمن طويل بتعويضهم عما لحق بهم من ضرر، من جانب دولة اسرائيل واجهزتها. وقد تبدأ القائمة بمجزرة دير ياسين، او بمجزرة الطنطورة التي كشف النقاب عنها قبل اسابيع. وقد تبدأ بمجزرة الخليل عام 1994 بعد شهور من توقيع اتفاق اوسلو. ثم تمتد الى المعتقلين الذين يعدون بعشرات الالوف، وبالمعاقين نتيجة الضرب او التعذيب او اطلاق النار. ثم تمتد الى الاغتيال المخطط الذي اشرف عليه ونفذه جنرالات من نوع ايهود باراك، وايلان بيران، وآرييل شارون جزار غزة في السبعينات. وقد تبدأ القائمة بمجزرة السموع في الاردن، او بمجزرة قبية ونحالين. وقد تبدأ القائمة بمجزرة صبرا وشاتيلا وقتلاها من الفلسطينيين واللبنانيين لا ننسى شهداء آل ناصر، ثم تمتد الى مجزرة قانا وعلم الاممالمتحدة المرفوع فوقها. وقد تبدأ القائمة بالجنود المصريين الذين دفنوا احياء في صحراء سيناء عام 1967. ثم تمتد الى قرية بحر البقر واطفالها الذين قتلتهم الطائرات. ويمكن للقائمة ان تكبر وتكبر، حين يتولاها باحثون ودارسون ومؤرخون. او حين تفتح السجلات الرسمية العربية، او حين يبادر الافراد الى تذكير العالم بمآسيهم. وحينئذ سيتبلور سجل كبير كبير، يلخص ويفصل الممارسات النازية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، وضد كل الشعوب العربية المجاورة لدولة اسرائيل. ان يحاكم هتلر كمجرم فهذا امر طبيعي. اما ان يحاكم ضحايا هتلر بأنهم مارسوا ضد غيرهم نفس الظلم الذي تعرضوا له، فهذا ليس امراً طبيعياً. وهذا لا بد ان يحدث ولو في المستقبل.