افتتحت "قمة الجنوب" في هافانا امس بحضور اكثر من خمسين رئيس دولة وحكومة تحت عناوين ازمات اجتماعية واقتصادية مصيرية، لكن قضية الطفل الكوبي إليان غونزاليس ما زالت تستأثر بالاهتمام الابرز في وسط الكوبيين الذين يتابعون بعدم اكتراث تطورات القمة التي جنّد لها نظام فيديل كاسترو كل طاقاته الاعلامية، ولا ينكر احد هنا انها، لمجرد انعقادها في هافانا، تشكّل نصراً معنوياً وسياسياً كبيراً للثورة الكوبية التي نعاها كثيرون غير مرة في السنوات الاخيرة. وفي كلمته الافتتاحية دعا الرئيس النيجيري اولوسيفون اوباسنجو "فقراء العالم الى الاتحاد لإسماع صوتهم في المنتديات الدولية"، والدفاع عن حقهم في الحياة والتنمية والثقافة والعدالة الاجتماعية". لكن الارقام والوقائع المتداولة هنا تبيّن بشكل صارخ مدى التباعد الذي ما زال قائماً في الاوضاع الانمائية والمصالح السياسية بين البلدان النامية التي تسعى في هذه القمة الى وضع استراتيجية مشتركة تخرجها من بحر الخطابة الذي تتخبط فيه منذ عقود، وتكون لها قاعدة لإقامة تعاون مثمر مع الدول الغنية. ومن الاقتراحات المطروحة على القمة تشكيل "لجنة اعيان" من قادة العالم الثالث ما زالت تواجه صعوبة لكي ترى النور، نظراً الى التفاوت الكبير بين مصالح الدول المشاركة ومقاصدها الاقتصادية والسياسية. وفي ما يرى المتحمسون لفكرة اقامة تكتل سياسي واقتصادي بين بلدان الجنوب، ان هذه القمة تشكّل انبعاثاً لفكرة باتت ضرورة في الواقع السياسي الدولي الراهن، يعتبر آخرون ان وحدة الصف بين البلدان النامية، حتى في ظروف التأزم الاقتصادي الخانق، تبقى مجرد سراب، وحلماً لن يتحقق في الظروف الراهنة، نظراً الى التضارب في طبيعة الانظمة السياسية والتفاوت الكبير في مستويات التنمية الاقتصادية، ولأن معظم هذه البلدان يلجأ في اوقات الشدّة الى الصيغ الثنائية او الاقليمية لحل مشكلاته. وركّز الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، على عدم تفويت الفرصة الناد رة التي يتيحها التطور التكنولوجي لتجاوز اوضاع الفقر والتخلّف واللحاق بركب التنمية. ودعا انان الدول الصناعية الى تحرك واسع ومكثّف لمؤازرة الدول النامية للخروج من محنتها التي قال ان ذيولها قد تنعكس سلباً على العالم بأسره، معتبراً "ان حس التدبير والديموقراطية واحترام الحريات الاساسية شروط لازمة لإنجاح هذا المجهود".