كشفت معلومات تلقتها "الحياة" أمس أن الرئيس السوداني عمر البشير يعتزم اجراء انتخابات رئاسية مبكرة في أيار مايو المقبل، لدورة جديدة تستمر خمس سنوات، من أجل استباق خطوات المصالحة وحسم الصراع على القيادة مع الأمين العام لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم الدكتور حسن الترابي. وعلم أن القطاع السياسي في الحزب الذي يرأسه البشير عقد اجتماعاً برئاسة نائبه الأول علي عثمان محمد طه قرر فيه تقديم اقتراح الى هيئة قيادة الحزب الحاكم التي يرأسها الترابي لاجراء الانتخابات قبل سنة من موعدها. ويمهد قرار القطاع السياسي الذي يسيطر عليه أنصار البشير لنقل الاقتراح الى هيئة القيادة التي يحظى فيها الترابي بنفوذ واسع الا أنه شكا أخيراً من أنها "ملئت بالموظفين" في اشارة الى الولاة ال26 المعينين الذين ضموا اليها بحكم مناصبهم. وبات منتظراً أن يعقد اجتماع الهيئة خلال أيام لمناقشة الاقتراح المثير للجدل. ويرشح هذا التطور الصراع بين البشير والترابي للانتقال الى مرحلة جديدة قد تكون فاصلة، اذا أصر الطرفان على موقفيهما. ويُعتقد أن الخطوة ستقود الى انقسام في الحزب الحاكم، اذ سيجد الترابي صعوبة في تأييد الانتخابات وان كان سيقبل ترشيح البشير لأن الترشيح أجيز في قرار أصدره المؤتمر العام الثاني للحزب الحاكم في آب أغسطس الماضي. ويتوقع أن يثير الأمر أيضاً غضب حزب الأمة المعارض الذي قرر العمل العلني من الخرطوم بهدف تحقيق تسوية شاملة للمشكلة السودانية، اذ سيجد الباب مغلقاً أمام أي مشاركة سياسية للسنوات الخمس المقبلة. وكان الاعتقاد السائد في الاوساط السياسية أن الحزب قد يقبل باكمال الرئيس دورته الحالية في أيار 2001، وربما بفترة انتقالية تجرى بعدها انتخابات حرة بعد التسوية السياسية الشاملة. وبدا أن أنصار البشير أرادوا استباق أمر المصالحة بالتفاوض من خلال واقع يؤكد أن البشير رئيس منتخب للبلاد خلال الاعوام الخمسة المقبلة، وأن الرئاسة ستعرض في انتخابات حرة بعد ذلك. وتلقت "الحياة" معلومات أفادت أن أعضاء في لجنة القطاع السياسي من الوزراء عارضوا الخطوة التي يعتقد أن طه أبرز دعاتها. ونشرت صحيفة "الصحافي الدولي" السودانية أمس خبراً مقتضبا أفاد أن الترابي وطه اجتمعا لمدة ساعتين أخيراً، لكنها لم تعط تفاصيل. وعلق الترابي لدى سؤاله عن الاجتماع أمس قائلاً: "أرادوه سرياً لابلاغي الانتخابات المبكرة. لم أوافق وقلت أن أجل رئاسة الجمهورية محدد في الدستور، وينبغي أن نكون أكثر الناس احتراما للمواثيق والعهود التي قدمناها للناس". وأشار الى النتائج السلبية لهذا القرار على مساعي المصالحة مع المعارضة قائلاً: "ذكّرت بأن الامانة تقتضي أن لا نفاجئ القوى السياسية المقبلة على الوفاق الوطني بخطوات سياسية كبيرة". وذكر بين أسباب اعتراضه على الخطوة أن "المؤتمر الوطني يعاني أزمة ثقة داخلية ويعيش ظرفاً لا يؤهله لخوض منافسة". وتساءل الترابي "اذا كنا نريد الانتخابات فأين انتخابات البرلمان التي حان أجلها ومضى". وقال رداً على سؤال عن مغزى الخطوة من جانب مؤيدي البشير: "هي تركيز لسلطة الفرد، وهم لا يعبأون بغير ذلك". وعلق على مدى قانونية اجتماع لجنة القطاع السياسي بقوله: "اسألوا الذين اجتمعوا. ليس من حقها الاجتماع لأن عضويتها لم تجز بعد في الهيئة القيادية".